أنت هنا

6 ربيع الأول 1426
بغداد - المسلم

بعد طول مقاومة أسفرت عن ارتفاع أعداد القتلى الأمريكيين لأرقام قياسية، قررت قيادة الاحتلال الأمريكية محاولة استمالة زعماء وأهالي مدينة الفلوجة العراقية، من أجل وقف المقاومة، والانخراط في مخططات الحكومة العراقية الجديدة في ما يسمى بإعادة إعمار العراق.

واستعانة قيادة الاحتلال هذه المرة بوزارة الخارجية الأمريكية، بعيداً عن وزارة الدفاع، من أجل لقاء ممثلين عن أهالي مدينة الفلوجة، لإقناعهم بإعادة إعمار المدينة التي هدمتها قوات الاحتلال الأمريكية خلال السنتين الماضيتين، وتعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم !

وعانت مدينة الفلوجة التي صمدت لسنتين في وجه القوة العسكرية الأمريكية بأحدث تجهيزاتها العسكرية، حيث أسفر الجهاد فيها إلى مقتل وجرح عشرات الآلاف من أبنائها، وطالت آلة الحرب الأمريكية الأطفال والنساء الذين شكلوا غالبية القتلى والجرحى في المدينة.
كما أجبر مئات الآلاف منهم على إخلاء منازلهم، وبقوا في العراء مشردين خلال فصول الشتاء القاسية، قبل أن يعودوا إلى المدينة ليجدوا منازلهم وقد هدمتها الصواريخ والقذائف ورصاص قوات الاحتلال، خلال محاولاتها إخضاع المدينة لسيطرة الاحتلال.


حيث يقوم روبرت زوليك (نائب وزيرة الخارجية الأمريكية) بمحاولات لإقناع المدينة التخلي عن المقاومة، في سبيل إعطائها نصيباً من الأموال التي تصرف لإعادة إعمار مدن العراق بعد الاحتلال.

وقام زوليك يوم أمس الأربعاء بزيارة إلى الفلوجة، من أجل ما وصفته وسائل الإعلام الغربية "بالاستماع لشكاوى من أعيان المدينة المدمرة عن أحوالها".
مشيرة إلى ادعاءاته لهم بأن "مستقبل العراق يعتمد عليهم لا على الولايات المتحدة" !

وقال زوليك لأعضاء مجلس مدينة الفلوجة المنتخب حديثاً: "مستقبل العراق يعتمد على أناس أمثالكم في كل أنحاء العراق لا على الولايات المتحدة." وأضاف "إنه بلدكم، ويمكننا تقديم العون لكن عليكم أنتم تحقيق ذلك".

وأشارت وكالات الأنباء الغربية إلى أهمية المدينة بالنسبة لقيادة الاحتلال الأمريكية، التي لا يزال جنودها يعانون من هجمات مسلحة، أسفرت عن مقتل وجرح معظم الجنود الذين قتلوا أو جرحوا في العراق، خاصة وأنها تعد المعقل الأساسي للمجاهدين السنة.

من جهتهم، قدم أعيان المدينة تقييماً صارماً عن الحاجة إلى الإسراع بإيجاد فرص عمل، وتعويض السكان عن المنازل التي دمرت في الاجتياح الأمريكي الذي حدث العام الماضي، والحاجة إلى مياه صالحة للشرب، وإلى أساسيات الحياة، التي تفتقر إليها المدينة بشدة.

إلا أنهم أكدوا على أن ما تحاول الإدارة الأمريكية فرضه على المدينة؛ لا يمكن أن يتم بالسهولة التي تتخيلها إدارة بوش.
وقال (نائب رئيس مجلس المدينة) قاسم محمد الجاسم لـ(نائب وزيرة الخارجية): "لا يمكنك فرض الديمقراطية على الفلوجة الآن".

وبعد أن تحولت المدينة إلى ما يشبه ساحة الموت، تجددت الحياة في المدينة التي تقع على بعد نحو 50 كيلومتراً إلى الغرب من العاصمة بغداد.
وقال اللواء صباح مهدي (قائد شرطة المدينة): " إن ما بين 450 و500 متجر فتحت أبوابها وإن 15 مطعماً بدأت العمل".
وأشار مسؤولون بالمدينة إلى زيف ادعاءات قيادة الاحتلال حول تعويض الأهالي، بالقول: " إن المساعي الأمريكية لتعويض السكان الذين دمرت منازلهم خلال الهجوم؛ تعد بطيئة، حيث تقدم نحو 32 ألفاً بطلبات تعويضات ولكن لم يتلق مبالغ تعويضات إلا ثلاثة آلاف فقط" !

ويبدو أن قيادة الاحتلال غير عازمة على تعويض أهالي المدينة من دون الحصول منهم على تنازلات تتعلق بوقف المقاومة ضد الاحتلال الأمريكي وأعوانه من الشرطة العراقية.