أنت هنا

11 جمادى الأول 1426
فلسطين ـ وكالات

أماطت صحيفة "إسرائيلية" اللثام عن أنّ محادثات رئيس الوزراء الصهيونيّ آرائيل شارون مع وزيرة الخارجية الأمريكية "كوندوليزا رايس"، المقرّرة يوم الأحد القادم، ستتركّز في منع حركة المقاومة الإسلامية "حماس" من المشاركة في الانتخابات التشريعية الفلسطينية.

وذكرت /هآرتس/ في عددها الصادر اليوم الجمعة، إنّ شارون ورايس سيبحثان في مطالبة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن) بأنْ يعمل على منع مشاركة "حماس" في الانتخابات التشريعية.

وكانت حركة "حماس" قد أعلنت عن نيّتها المشاركة في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني، وهو ما لقِيَ معارضةً شديدةً من جانب تل أبيب والولايات المتحدة الأمريكية، خوفاً من أنْ تحقّق الحركة نتائج باهرة، كما حدث في انتخابات المجالس البلدية، حيث حقّقت الحركة فوزاً لافتاً للنظر.

وكان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قد قرّر تأجيل الانتخابات التشريعية الفلسطينية، التي كانت مقرّرة في السابع عشر من يوليو القادم، إلى أجلٍ غير مسمّى، بعد الزيارة التي قام بها للولايات المتحدة الأمريكية أواسط الشهر الماضي، حيث اعتبر قرار التأجيل بناء على ضغوط أمريكية، بعد أنْ كان يصرّ على إجرائها في موعدها.

ومن المقرر أنّ تصل رايس إلى المنطقة غداً السبت وستجري محادثاتٍ مع المسؤولين الفلسطينيين، ثمّ تبدأ مساء غدٍ محادثات مع المسؤولين الصهاينة. وكانت مصادر أمريكية قد كشفت النقاب عن تشكيل الإدارة الأمريكية لطاقمٍ ترأسه رايس من أجل منع "حماس" من النجاح في الانتخابات التشريعية الفلسطينية.

كما نقلت الصحيفة عن مصدرٍ رفيعٍ في مكتب رئيس الوزراء الصهيونيّ زعمه أنّ أحد الأسباب، التي دفعت عباس إلى اتخاذ قراره بتأجيل موعد الانتخابات التشريعية هو "تحفّظ إسرائيل" عن مشاركة "حماس"، التي وصفها المصدر بـ"حزبٍ عنصريّ يدعو إلى إبادة اليهود"!!.

وبحسب المصدر ذاته فإنّ الولايات المتحدة وعدت تل أبيب بالامتناع عن إجراء اتصالاتٍ رسمية مع حركة "حماس"، "حتى تعلن عن تنازلها عن الكفاح المسلح".

وأضافت /هآرتس/ إنّ رايس أعلنت عشية توجّهها إلى الشرق الأوسط أن الأمريكيين والأوروبيين يحاولون بلورة موقفٍ مشتركٍ وموحّد فيما يتعلّق بحركة "حماس". لكن هذا يبدو مجانباً للحقيقة، بعد أنْ أعلن الاتحاد الأوروبي رسميّاً أنّه أجرى اتصالاتٍ مع الحركة، التي تتمتّع بشعبيةٍ واسعة في الشارع الفلسطينيّ.

وذكرت الصحيفة العبرية أنّ هذه التحرّكات الأمريكية والصهيونيّة ضدّ "حماس"، تأتي في أعقاب قرار الاتحاد الأوروبي بالسماح للدبلوماسيين الأوروبيين بإجراء اتصالاتٍ مع مرشّحي الحركة في الانتخابات التشريعية الفلسطينية.
وأفاد تقريرٌ للمحلّل العسكري الصهيونيّ "زئيف شيف" من واشنطن، نشرته صحيفة /هآرتس/ بأنّ الاتحاد الأوروبي أبلغ الإدارة الأمريكية بخصوص "التحوّل الجوهري" في الاتصالات التي يجريها مع حركة "حماس".
وقالت الصحيفة إنّ الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي يعتبران حركة "حماس" "تنظيماً إرهابيّاً"، وأنّ قرار الاتحاد الأوروبي بإجراء اتصالات مع الحركة من خلال المستوى الدبلوماسي الأدنى من سفير "قد فاجأ الإدارة الأمريكية".

واعتبرت الصحيفة أنّ قرار الاتحاد الأوروبي يشكّل "انعطافاً سياسيّاً واستراتيجيّاً من جانب الأوروبيين فيما يتعلّق بالصراع (الإسرائيليّ)- الفلسطيني".
وذكرت الصحيفة أنّ: "منح الأوروبيين الشرعية لحماس سيقود بالضرورة في المستقبل إلى الاعتراف تدريجياً بالجهاد الإسلامي أيضاً". وقالت إنّ الاتحاد الأوروبي لم يضع شروطاً أمام "حماس" لإجراء الاتصالات مع ممثلي الحركة.

وأضافت أنّ: "هذه مرحلة أولى للاعتراف بتنظيمٍ (إرهابيّ)، الذي يدعو علناً إلى القضاء على دولة (إسرائيل)". وبحسب الصحيفة فقد أجرى مندوبون صهاينة مؤخّراً محادثات "صعبة" مع مندوبين بريطانيين، ادّعى خلالها الصهاينة أنّ القرار بإجراء اتصالاتٍ مع ممثلين عن "حماس"، "يعني أنّ الأوروبيين سيضعفون رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن) والسلطة الفلسطينية عموماً".

من جهة أخرى، أثارت الاتصالات التي أجراها مسؤولون من الاتحاد الأوروبي مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) استنكار "إسرائيل" التي احتجت على مثل هذه اللقاءات مؤكدة على ضرورة عدم اعتبار حماس شريكا للسلام.

في غضون ذلك، تجد الإدارة الأمريكية نفسها في مفارقةٍ كبيرة بين حديثها المستمرّ عن دعم الديمقراطية في المنطقة العربية، ومساعيها في المقابل لمنع حركةٍ جماهيرية بحجم حركة "حماس" من المشاركة في العملية الانتخابية، إرضاءً لـ(إسرائيل). كما أنّ الوجه الثاني للمفارقة أنّ الإدارة صارت تتحدّث عن تقاربٍ مع التيار الإسلامي (المعتدل !) ، وعلى رأسه جماعة الإخوان المسلمين وفروعها العربية الأخرى، في مقابل الحرب على تيار التشدّد، لكنها تخوض حرباً ضدّ "حماس"، رغم أنّها من التيار الإخوانيّ.