أنت هنا

26 جمادى الأول 1426
لندن ـ صحف ـ وكالات

نشرت صحيفة “اندبندنت” البريطانية قبل أسبوعين تقريباً، مقالة تؤكد أن الولايات المتحدة كذبت على بريطانيا بشأن استخدام النابالم في العراق، ومنذ ذلك الوقت لم تتطرق أي صحيفة أو محطة تلفزيون أمريكية إلى هذا الموضوع رغم أن وزارة الدفاع الأمريكية قد أقرت بهذه الادعاءات.
هذا هو المدى الذي بلغته “الصحافة الأمريكية الحرة” في ارتباطها مع مركز السلطة في واشنطن، وكما رأينا في موضوع مذكرة دواننج ستريت (التي ذكرتها وسائل الإعلام الأمريكية على مضض بعد خمسة أسابيع من ظهورها في الصحافة البريطانية)، تتجاهل وسائل الإعلام الأمريكية المغلقة إغلاقاً محكماً أي قصة إخبارية لا تتبنى دعمها الشامل للحرب؛ لأن احتمال كون الجيش الأمريكي يستعمل أسلحة “ملعونة دوليا” يخالف الحكاية التي خلقتها وسائل الإعلام، والتي تقول إن الحرب تستند إلى دوافع إنسانية (هي إطاحة دكتاتور بالغ القسوة والقضاء على أسلحة الدمار الشامل المراوغة). ونستطيع الآن القول جازمين: إن أسلحة الدمار الشامل الوحيدة في العراق، هي التي جلبها الغزاة الأجانب من الولايات المتحدة، واستعملوها لإخضاع السكان المحليين.
وتقول الصحيفة: إنه على الرغم من الشائعات المستمرة عن الإصابات في صفوف العراقيين باستخدام الأسلحة الحارقة، مثل: النابالم، يصر البنتاجون على أن “القوات الأمريكية لم تستخدم جيلاً جديداً من الأسلحة الحارقة، التي تحمل الرمز إم كيه 77 في العراق”.
من جهته، اعترف (وزير الدفاع البريطاني) آدم انجرام بأن الولايات المتحدة ضللت القيادة العليا البريطانية بشأن استخدام النابالم، ولكنه لم يعلق على مدى هذا التضليل، واستخدام القنابل الحارقة يجعل الولايات المتحدة منتهكة لاتفاقية سنة 1980 المتعلقة “بأسلحة كيماوية معينة”، كما يجعلها مخالفة لبروتوكول جنيف المناوئ لاستخدام الفسفور الأبيض؛ لأن استخدامه يسبب إصابات بالغة وعديمة التمييز، وبخاصة عندما يطلق في مناطق المدن.
وللأسف، تشكل “الإصابات البالغة وعديمة التمييز” جزءاً حيوياً من حملة الإرهاب الأمريكية في العراق، وهي استراتيجية منسقة جيداً تهدف إلى بث الذعر من خلال أعمال العنف العشوائية.
وفي سياق آخر، ذكرت صحيفة “ميرور” البريطانية الولايات المتحدة استخدمت النابالم في حصار الفلوجة، وقالت هذه الصحيفة: “إن سماح الرئيس جورج بوش باستخدام النابالم، وهو خليط فتاك من البولسترين (مادة بلاستيكية رغوية)، ووقود الطائرات، محظور من قبل الأمم المتحدة سنة ،1980 سوف يذهل العالم.. وتذكر التقارير أن مدنيين أبرياء قد قتلوا في هجمات النابالم، التي تحول الضحايا إلى كرات نارية بشرية، حين تلصق المادة الهلامية اللهب باللحم البشري، ومنذ الهجوم الأمريكي على الفلوجة تتوالى التقارير عن جثث “منصهرة” يبدو عليها أنها تعرضت للإصابة بالنابالم”.