أنت هنا

26 جمادى الأول 1426
القاهرة ـ وكالات

أصدر القضاة المصريون، الذين يهددون بمقاطعة الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة ما لم يحصلوا على ضمانات بأن عمليات الاقتراع ستكون نزيهة، تقريرا السبت يؤكد أن "تزويرا وانتهاكا للقانون" وقعا أثناء الاستفتاء على التعديل الدستوري في 25مايو الماضي.

وكان نادي قضاة مصر الذي يضم قرابة ثمانية آلاف قاضٍ من كل الهيئات القضائية المصرية باستثناء مجلس الدولة، قرر في 13 مايو الماضي الامتناع عن الإشراف على الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقررة في سبتمبر ونوفمبر المقبلين ما لم يتم إصدار قانون جديد للسلطة القضائية يضمن استقلالا كاملا للقضاء عن السلطة التنفيذية ممثلة في وزارة العدل.

واشترط نادي القضاة كذلك للإشراف على الانتخابات أن يتم إدخال تعديلات على قانون مباشرة الحقوق السياسية لينص على ضمانات تكفل نزاهة عمليات الاقتراع وإشراف القضاء الكامل عليها بدءا من إعداد كشوف الناخبين حتى إعلان النتائج وتمنع تدخل الشرطة فيها.

ولكن نادي القضاة، الذي يرفض أعضاؤه أن تنسب إليهم نتائج انتخابات يؤكدون انه لا توجد ضمانات لعدم تزويرها، قرر المشاركة في الإشراف على الاستفتاء حول تعديل الدستور الذي يتيح لأول مرة انتخاب رئيس الجمهورية بالاقتراع المباشر بين أكثر من مرشح.

واعتبر النادي أن مشاركة القضاة في الإشراف على الاستفتاء اختبار "لحسن نوايا الحكومة".

وشكك تقرير نادي القضاة المكون من تسع صفحات في النتائج الرسمية المعلنة للاستفتاء.

وأكد أن "95% من لجان الانتخاب الفرعية أسندت رئاستها لموظفين لا استقلال لهم ولا حصانة وتعرضوا للترهيب من رجال الشرطة وأفلتت تلك اللجان تماماً من رقابة القضاء وكانت مسرحا لانتهاك القانون وتزوير بيانات حضور الناخبين وبطاقات إبداء الرأي".

وأضاف التقرير، الذي استند إلى شهادات طوعية لقضاة شاركوا في الإشراف على الانتخابات أن "عدد اللجان التي رأسها أعضاء الهيئات القضائية لم يزد على 5% من إجمالي عدد اللجان البالغ 54350" في جميع أنحاء مصر.

ورصد التقرير "قلة الإقبال في اللجان التي رأسها قضاة فالعديد منها لم يحضر أمامها أحد من الناخبين ولم يتجاوز متوسط الحضور أمام باقي اللجان 3% من المقيدين فيها".

وتابع التقرير "على سبيل المثال فإن إحدى اللجان بمحافظة الجيزة (جنوب القاهرة) تضمنت 243 لجنة فرعية من بينها 12 برئاسة قضاة ولم يحضر أحد أمام 11 لجنة من هذه الأخيرة".

وحسب النتائج الرسمية بلغت نسبة المشاركة في الاستفتاء 53.46% واقر التعديل بتاييد 82.86% من الناخبين.

وأكد التقرير أنه لوحظ في اللجان التي ترأسها موظفون "أن عدد من أثبت حضورهم للتصويت يجاوز 90% من عدد المقيدين ووصل في الكثير منها إلى 100%".

وأضاف التقرير أن "الوصول إلى النسبة الأخيرة (100%) يفترض أن جميع المقيدين أمام تلك اللجان بقوا على حالهم منذ ضبط الكشوف الانتخابية في نهاية العام الماضي وحتى موعد الاستفتاء فلم يتوف أحد منهم ولم يسافر منهم أحد ولم يحل بين أي منهم وبين الحضور حائل من مرض أو عمل أو كسل".

وتابع التقرير "وسأل بعض القضاة عدداً من رؤساء تلك اللجان تفسيراً لهاتين الملاحظتين فتنوعت إجاباتهم بين من تهرب من الإجابة ومن أطرق إلى الأرض ولم يرد، وقال أحدهم: إن ضابطا هدده باعتقاله وأكد آخر أن ضابطا قال له: أنت مش ناقص بهدلة".

وأكد التقرير أن أمين لجنة روى لأحد القضاة أنه "حضر في الليلة السابقة للاستفتاء اجتماعا لرؤساء اللجان من غير القضاة ألقيت عليهم فيه تعليمات من ضابط شرطة من رتبة كبيرة بضرورة الوصول بالتصويت إلى نسبة معينة عن طريق ملء بطاقات إبداء الرأي ووضعها في الصناديق نيابة عن من لم يحضر من الناخبين".

وحسب التقرير فإن أحد القضاة "لاحظ أثناء الفرز أن موظفا كان يترأس لجنة انتخابية أبطل عدداً كبيراً من البطاقات، فلما راجعه في ذلك قال له: إنه أبطل البطاقات المؤشر عليها بعدم الموافقة على تعديل الدستور".

وأكد تقرير نادي القضاة أن عددا من القضاة "التقط صورا لصناديق بعض اللجان التي رأسها غير القضاة عند فتحها قبل الفرز ويظهر في أحدها بطاقات إبداء الرأي مفرودة على حالتها الأصلية دون طي وتظهر في صورة أخرى مجموعة من البطاقات على هيئة حزمة مربوطة بما يدل على أن هذه البطاقات وتلك لم تدخل الصندوق من فتحته العليا، وإنما وضعت به والغطاء مرفوع".

وطالب القضاة في ختام تقريرهم بأن يتم دمج بعض اللجان المتقاربة وبأن يجري الاقتراع على عدة أيام حتى يتمكنوا من الإشراف على كل اللجان.

غير أن التعديل الدستوري الذي أقر في 25 مايو ينص على إجراء انتخابات الرئاسة في يوم واحد.

وطبقا لقانون تنظيم انتخابات الرئاسة الذي أقره البرلمان المصري أخيرا فإن اللجنة العليا التي ستكلف الإشراف على الانتخابات ستتشكل من خمسة قضاة وخمس شخصيات عامة يختارهم مجلسا الشعب والشورى اللذان يهيمن عليهما الحزب الوطني الحاكم.

وسيعقد نادي القضاة جمعية عمومية في 2 سبتمبر المقبل أي قبل الانتخابات بعدة أيام لتحديد موقف نهائي من الإشراف على الانتخابات.