أنت هنا

28 جمادى الثانية 1426
الخرطوم ـ وكالات

قال شهود وصحفيون: إنهم شاهدوا أناساً يغادرون وسط العاصمة السودانية الخرطوم في سيارات اليوم الأربعاء بينما توجهت قوات من الجيش وشرطة مكافحة الشغب إلى وسط المدينة، حيث تحدث سكان عن تجدد أعمال العنف هناك.
وجاءت تقارير تجدد أعمال العنف في أعقاب شائعات عن مقتل أحد زعماء الميليشيات في جنوب السودان رغم نفي الميليشيا ذاتها وهي قوات دفاع جنوب السودان، وأيضاً وزارة الخارجية السودانية شائعة مقتل بولينو ماتيب زعيم الميليشيا.
وتحدثت تقارير في وقت سابق عن وقوع اشتباكات في بعض ضواحي الخرطوم إلا أن وسط المدينة ظل هادئاً منذ اندلاع أعمال عنف إثر الإعلان عن وفاة جون قرنق (النائب الأول للرئيس السوداني، والزعيم السابق للحركة الشعبية لتحرير السودان) في حادث تحطم طائرة هليكوبتر.
وقال شاهد عيان: إن الشوارع تعج بسيارات قادمة من وسط المدينة في حين توجهت خمس شاحنات على الأقل محملة بالجنود وقوات شرطة مكافحة الشغب إلى منطقة سكنية وتجارية بوسط العاصمة السودانية.
كما كانت قوات الأمن والجيش يعيدون أي سيارات متجهة إلى منطقة وسط المدينة.
وقال أحد الشهود: إنه سمع طلقات رصاص في وسط المدينة. وقال شخص يعمل في أحد الفنادق بوسط العاصمة السودانية: إنه جرى استخدام الغاز المسيل للدموع في المنطقة.
وقال وليام ازيكيل (رئيس تحرير صحيفة الخرطوم مونيتور، المرتبط بعلاقات قوية مع الجنوبيين): "هناك اشتباكات الآن في الخرطوم... في وسط الخرطوم." وقال: إنه تحدث مع سكان وأناس في المنطقة.
وقال شهود: إن أناساً في ملابس مدنية يحملون العصي، وإن بعضهم كان يحمل البنادق علناً في شوارع الخرطوم.
ونفى نجيب عبد الوهاب (وزير الدولة السوداني للشؤون الخارجية) الشائعات التي تحدثت عن وفاة الجنرال بولينو ماتيب، وقال: إنه في صحة جيدة.
من جانبها أوضحت اللجنة الدولية للصليب الأحمر يوم الأربعاء أنها أحصت 84 جثة في أعمال العنف التي اجتاحت العاصمة السودانية الخرطوم بعد مقتل جون قرنق (النائب الأول لرئيس السودان، وزعيم المتمردين الجنوبيين السابق).
وقالت متحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في الخرطوم: "لدينا 84 جثة في المشرحة" موضحة أن أصحابها قتلوا في أعمال العنف التي بدأت يوم الاثنين وأضافت أن عدد الجرحى يصل إلى ما لا يقل عن 300 .
ولم يتضح ما إذا كان هذا العدد من القتلى يتضمن من قتل في اشتباكات جرت يوم الأربعاء.

من جهته، دعا (الرئيس السوداني) عمر حسن البشير مواطنيه اليوم الأربعاء لوقف أعمال العنف التي تفجرت منذ الإعلان عن مقتل جون قرنق (النائب الأول لرئيس السودان، وزعيم المتمردين الجنوبيين السابق)، وأعلن أنه أمر باتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية الأرواح والممتلكات.
ودعا البشير في خطاب أذاعه التلفزيون السوداني إلى دفن الخلافات وأعلن أنه أمر حكام الولايات باتخاذ "الخطوات الأمنية والإدارية" التي تضمن الحفاظ على أرواح وممتلكات المواطنين.

كما دعا (رئيس الحركة الشعبية الجديد) سلفا كير الشعب السوداني إلى الهدوء ووقف أعمال العنف، معتبراً أن أعمال الشغب في العاصمة السودانية تهدد اتفاق السلام الذي أبرم في يناير الماضي.
وقال (الناطق باسم الحركة الشعبية) باقان أموم: إن قيادات الحركة تناشد المواطنين عبر الإذاعة والتلفزيون التزام الهدوء والتمسك بالسلام، محذراً من انهيار في البلاد إلى درجة تحولها إلى رواندا أخرى.

على صعيد آخر، اجتمع الزعيم الجديد لجنوب السودان مع مبعوثين بارزين من الولايات المتحدة وجنوب أفريقيا اليوم الأربعاء في إطار خطوات دبلوماسية للحفاظ على اتفاق السلام الهش في أكبر دول أفريقيا مساحة.
وتعهد سالفا كير الذي تولى زعامة الحركة الشعبية لتحرير السودان خلفا لجون قرنق (نائب الرئيس السوداني، وزعيم الحركة)، الذي قتل في حادث تحطم طائرة في مطلع الأسبوع كذلك بالعمل على إقرار السلام في منطقة دارفور في غرب البلاد.
وتوجهت كوني نيومان (مساعدة وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون السودان) وروجر وينتر (المبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان) صباح اليوم الأربعاء إلى نيو سايت لإلقاء النظرة الأخيرة على جثمان قرنق.
وكانت واشنطن قد أرسلتهما لدعم جهود صون اتفاق السلام الذي أبرم في يناير بين الحركة الشعبية لتحرير السودان وبين حكومة الخرطوم، والذي أنهى حرباً أهلية دامت 21 عاماً.
وقالت نيومان عقب لقاء كير: "أتينا للإعراب عن دعمنا المستمر لاتفاق السلام الشامل ولشعب السودان". وقدمت نيومان أيضاً تعازيها في وفاة قرنق، ودعمها للهيكل القيادي الجديد للحركة.

وقال كير قبيل اجتماعه مع المبعوثين الأمريكيين: "إن أعداء السلام ربما يريدون استغلال الوضع الراهن .. نناشد كل أبناء الشعب السوداني الإحجام عن أعمال عدائية".
وغلبت الإشادة على تصريحات وينتر في أعقاب لقاء كير.
وقال للصحفيين: "ان هذه الحركة مباركة؛ لأن بها مستوى من القيادة من النادر توفره في حركات المقاومة في القارة. علي أن أقول: إنني متفائل نظراً لوجود هذه القيادة."
ومن المقرر أن يقضي المبعوثان الأمريكيان ليل الأربعاء في نيو سايت قبل أن يتوجها إلى جوبا في جنوب السودان وبعدها يتوجهان شمالاً إلى الخرطوم للقاء الرئيس عمر حسن البشير.
واجتمع كير وكبار زعماء الحركة في وقت سابق يوم الأربعاء مع نكوسازانا دلاميني زوما (وزيرة خارجية جنوب أفريقيا).
وتشارك جنوب أفريقيا التي تشكل ثقلاً سياسياً في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء بنشاط في الأعوام الأخيرة في دفع عمليات السلام في مختلف أرجاء القارة قدما.
وبعد الاجتماع قال كير: إنه مثل قرنق سيعمل من أجل حل الأزمة في دارفور، حيث يقاتل متمردون قوات الحكومة في حرب قتل فيها عشرات الألوف وتسببت في نزوح نحو مليونين.
وأضاف كير "عندما تطالب بحقوقك ولا تأخذها فإنك تلجأ للعنف كسبيل للتعبير عن الاستياء." وعلى مدى الصراع الذي استمر نحو عقدين كان لمتمردي الجنوب شكاوى مماثلة لشكاوى متمردي دارفور الآن من الخرطوم منها الإهمال والتهميش.
وتابع "أن المتمردين الذين يقاتلون في دارفور لابد أن لهم قضية ولذلك نقول: إنه يتعين على الحكومة والحركة بذل ما في وسعهما لإحلال السلام في دارفور ... الحرب يجب أن تتوقف والسلام يجب أن يعم البلاد بأسرها."
وكانت الحركة الشعبية لتحرير السودان أعلنت أن وفاة قرنق حادثا لكنها لا تزال تطالب بتحقيق مستقل بشأن ما حدث للرحلة أثناء عودته من أوغندا في طائرة هليكوبتر رئاسية.
وبعد أن تولى رسميا منصب زعيم الحركة خلفاً لقرنق من المفترض أن يتولى كير كذلك منصب النائب الأول للرئيس في الحكومة السودانية الجديدة.

وفي سياق آخر، قالت تقارير: إن 20 شخصاً على الأقل قتلوا خلال الليل في اشتباكات بين الجنوبيين والشماليين امتدت إلى اليوم الأربعاء بعد ثلاثة أيام من الإعلان عن وفاة جون قرنق (زعيم الميليشيات السابق، والنائب الأول للرئيس السوداني).
واندلعت أعمال العنف في الخرطوم يوم الاثنين عندما نزل جنوبيون غاضبون إلى الشوارع إثر الإعلان رسمياً عن مقتل قرنق (الزعيم السابق للحركة الشعبية لتحرير السودان) في حادث تحطم طائرة هليكوبتر. وقاتل قرنق الحكومة السودانية طوال عقدين قبل إبرام السلام معها.

من جهة أخرى، قال (الرئيس السوداني) عمر البشير في بيان بثه التلفزيون الحكومي: إنه أمر بتشكيل لجنة تحقيق مشتركة مع الحركة الشعبية لتحرير السودان حول ظروف وملابسات حادث سقوط الطائرة الذي أدى إلى مقتل قرنق.
وكانت أوغندا التي قتل قرنق في مروحية رئيسها يوري موسيفيني قررت تشكيل لجنة تحقيق في الحادث من ثلاثة خبراء. وأعلن يان برونك (ممثل الأمين العام للأمم المتحدة) كوفي أنان في السودان عن إمكانية مشاركة المنظمة الدولية في تلك اللجنة إلى جانب الحركة والحكومة السودانية وأوغندا.