أنت هنا

10 رمضان 1426
بغداد - المسلم


شهدت الساحة السياسية العراقية مساء الثلاثاء تطورات جديدة فيما يختص بملف الدستور المثير للجدل، والذي لا تزال العديد من العوائق تحول بينه وبين تبنيه بالإجماع بين الطوائف والأحزاب العراقية.

حيث أعلن مسؤولون عراقيون اليوم عن اتفاق يسمح للبرلمان العراقي المنتخب بإدخال تعديلات على مسودة دستور البلاد بعد أربعة أشهر من إجراء الانتخابات البرلمانية المقررة في ديسمبر المقبل، في وقت جدد فيه الحزب الإسلامي السني رفضه للدستور بصيغته الحالية.

ووصف مسؤول كبير في الحكومة هذا الاتفاق بأنه "اختراق" يستهدف تهدئة غضب العراقيين السنة إزاء الدستور، وهو يلبي مطلبا رئيسيا لهم.
وأشارت مصادر عراقية إلى أن المسؤولون عن ملف الدستور توصلوا إلى هذه الصيغة من أجل تمكين إحداث تغييرات في الدستور الذي طبعت ملايين النسخ منه ووزعت على العراقيين، بعد الاستفتاء عليه من قبل الشعب.
وحسب التعديلات الجديدة، فإنه يمكن للسنة إدخال تعديلات على الدستور، ولكن بشرط إحداثها بعد التصويت عليها من قبل العراقيين، وهو ما قد يفتح المجال واسعاً فيما بعد لحدوث خلافات وانشقاقات.
ونقلت وكالة رويترز عن متحدث باسم الرئيس جلال الطالباني قوله: " إن إعلانا رسميا في شأن الاتفاق سيصدر يوم الأربعاء".

وقال خبير سياسي لموقع (المسلم) حول المشروع الجديد: " إن هذا المشروع يحاول دفع السنة للتصويت لصالح مسودة الدستور الحالية، كي يتمكن القائمين منه على تمريره دستورياً في البلاد".
مشيراً إلى أن الاتفاق الجديد لا يعني بالضرورة تمكين السنة من إدخال التعديلات التي يريدونها بعد ذلك، خاصة وأن أشهر عديدة مرّت على سير المفاوضات، دون أن يقر الشيعة والأكراد بمطالب أهل السنة. وأنه قد يسبب الحرج للسنة الذين قد يصوتوا على الدستور أملاً في إحداث التغيير.
وأعرب الخبير السياسي (الذي طلب عدم الكشف عن اسمه) عن خشيته من أن يكون هذا التعديل دوامة جديدة وسبباً لتأجيج الصراع بين الطوائف العراقية.

من جهته، أكد الحزب الإسلامي العراقي اليوم أن رفضه لمسودة الدستور العراقي بصيغته الحالية يأتي من منطلق أن الدستور لا يعبر إلا عن مصالح فئوية وأهداف تطغى عليها الطائفية وتسلب المواطنين الهوية الإسلامية والعراقية وتضع العراق على أعتاب مرحلة جديدة من الفوضى والتمزق وتقسيم وتبديد الثروات.

وقال الحزب الإسلامي الذي يمثل تيارا مهما بين الأحزاب السياسية العراقية في بيان له بهذا الصدد: " إن المادة الأولى من الباب الأول من الدستور التي تنص على أن جمهورية العراق دولة مستقلة وذات سيادة ونظام الحكم فيها جمهوري نيابي ديمقراطي اتحادي تجاهلت الإشارة إلى وحدة العراق أرضا وشعبا حيث رفض مقترح الحزب في هذا الصدد".
وأضاف البيان أن كلمة (اتحادي) تشير إلى عوامل التجزئة والتقسيم فهي أقرب إلى الكونفيدرالية من الفيدرالية.. موضحا أن المادة الثانية من الدستور ورغم أنها تنص على أن الإسلام هو الدين الرسمي للبلاد وهو مصدر من مصادر التشريع ولا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابته إلا أن نص الفقرتين
/ب/ و/ج/ من هذه المادة عطل وقيد بقيود واهية حيث أصبح التشريع الإسلامي لا قيمة له لان الفقرة /ب/ تنص على عدم جواز سن قانون يتعارض مع مبادىء الديمقراطية بينما تنص الفقرة /ج/ على عدم جواز سن قانون يتعارض مع الحقوق والحريات الأساسية الواردة في هذا الدستور.

وفيما يتعلق بالمادة الثالثة من مسودة الدستور التي تنص على أن العراق بلد متعدد القوميات والاديان والمذاهب وهو جزء من العالم الإسلامي وعضو مؤسس وفعال في الجامعة العربية وملتزم بميثاقها أكد الحزب الإسلامي العراقي أن هذه المادة فيها تضييع لهوية العراق العربية وتبنيه لقضايا
العرب المصيرية.
اما بخصوص المادة السابعة من المسودة التي تنص على انه يحظر كل كيان أو نهج يتبنى العنصرية أو الإرهاب أو التكفير أو التطهير الطائفى أو يضر أو يمهد أو يروج أو يبرر له.. اشار الحزب الإسلامي إلى أن هذه المادة تعد نصا خطيرا لان فيه مدخلا واسعا قد تستغله بعض الحكومات العراقية لضرب معارضيها وتكميم أفواههم بتلفيق تهم لهم بالتحريض أو لترويج للإرهاب وهى
مقدمة لتغيير المناهج وخصوصا كتب التربية الإسلامية والتاريخ.

وقال الحزب الإسلامي: " إن مسودة الدستور في الفقرة /ب/ من المادة السابعة ورغم انها نصت على التزام الدولة بمحاربة الإرهاب بجميع أشكاله وانها ستعمل على حماية أتراضيها من أن تكون مقرا أو ممرا أو ساحة لنشاطه فهى تفتح الباب واسعا امام اجتهادات كثيرة".. مشيرا إلى أن عدم وضع تعريف معين للارهاب وادراج عبارة بجميع اشكاله يتعارض مع كثير من المبادىء والقيم
الإسلامية من جهاد ومقاومة.

وانتقد الحزب الإسلامي في بيانه العديد من المواد الأخرى التي وردت في مسودة الدستور ومنها الصلاحيات الواسعة التي وفرتها لسلطات الأقاليم على حساب سلطة المركز.. وقال الحزب: " إن النص الوارد في هذا الصدد سيؤدى إلى خلق دولة ضعيفة وسيؤدى إلى الاخلال بوحدة البلاد حيث خلا الدستور من الضمانات القانونية التي تكفل عدم تجزئة العراق".