أنت هنا

19 رمضان 1426
واشنطن - صحف

وصفت الصحف الأمريكية جيش الاحتلال الأمريكي بأنه «يواجه واحداً من أكبر تحديات التجنيد في تاريخه». والعسكريون الأمريكيون قلقون إلى الأعماق. وقد كتب الجنرال باري ماكافري - وهو الآن أستاذ في كلية وست بوينت - في صحيفة وول ستريت جورنال أن الولايات المتحدة في سباق ضد الزمن في العراق بسبب المصاعب الواقعة على القوات العسكرية، وقال: إن القوات الأمريكية «بدأت تتفكك» ويذهب أى أن «الجيش الأمريكي ومشاة البحرية "المارينز" يعانيان نقصاً شديداً في الرجال وفي الموارد إلى حد لا يتمكنان معه من إدامة هذه السياسات الأمنية إلى ما بعد الخريف المقبل» والعواقب وخيمة.

وعند ماكافري أن القوات المحتلة الأمريكية في العراق هي «جوهرة التاج - الضمانة لأمننا القومي بالنسبة إلى الشعب الأمريكي في الحرب ضد التنظيمات المسلحة». وهذا يهدد مستقبل الحروب الأمريكية في العراق وأفغانستان، وبحسب تعبير ماكافري فإن «من شأن الفشل أن يكون كارثة للسياسة الخارجية الأمريكية وللمصالح الاقتصادية الأمريكية للسنوات العشرين التالية».

ويبدو أن إرسال مزيد من القوات - الذي كان الحل الأمريكي سنة بعد سنة أثناء حرب فيتنام - هو أحد الخيارات، فقد قال الرئيس بوش: إنه سيرسل مزيداً من القوات إلى العراق إذا طلب القادة العسكريون في الميدان ذلك.
وهو يزعم أنهم لم يطلبوه.
ولكن آخرين يشيرون إلى عائق أشد خطورة. فالسيناتور «الديمقراطي من ولاية نيفادا» هاري ريد (زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ)، يقول: إن القادة العسكريين الأمريكيين في العراق أبلغوه بأنهم يحتاجون إلى مزيد من القوات، ولكنهم يعرفون أن هذا المزيد ليس متاحاً، ويقول ريد: "إن الاستنتاج الذي توصلت إليه هو أنهم لا وجود لمزيد من الجنود، فما الداعي لأن يطلبوا شيئاً يعرفون أنه غير موجود"؟. لقد تبيّن لدراسة حديثة لمؤسسة راند - هي مصنع أفكار عسكري» بعنوان «تمدد إلى حد الضعف: قوات الجيش لعمليات مستدامة» أن نقص القوات في الجيش من الفداحة إلى حد يدفع إلى التساؤل عما إذا كانت سياسة البنتاجون قادرة على خوض حربين إقليميتين رئيسيتين في وقت واحد، بينما يتوافر ما يكفي من الجنود لحرب على الإرهاب ولتوفير الأمن في أمريكا. وقد سجل اجتماع عقد مؤخراً لرابطة الحكام القومية - التي تجمع معاً حكام الولايات - قلق الحكام من أن نشر جنود الحرس القومي في العراق يترك ولاياتهم عاجزة عن التصدّي للكوارث الطبيعية المحتملة، وغيرها من الطوارئ، فيما أعرب واحد من حكام الولايات المتحدة عن دهشته بحيث قال: «إننا لا نملك طواقم أفراد - سواء كانوا يعملون كل الوقت أو بعض الوقت - لتلبية كل احتياجات الأمريكيين وهمومهم».

ويبدو أن قليلاً من هذا يلقى صدى لدى الرأي العام، وبالنسبة إلى الجزء الذي انقضى من العام الحالي تفيد التقارير بان الجيش يعاني قصوراً بنسبة 40 بالمئة عن تحقيق هدفه من التجنيد. لقد أخفق الجيش في تلبية أهدافه الشهرية للتجنيد في كل من الشهور الأربعة الماضية، وفي منتصف يوليو أذاعت القوات الأمريكية أن الحرس القومي الأمريكي - الذي يشكل أكثر من ثلث الجنود الأمريكيين في العراق - أخفق في تحقيق هدفه للتجنيد للشهر التاسع على التوالي. ولقد كان هذا تقليلاً من شأن اتجاه أضخم، إذ يظهر أن الحرس القومي التابع للجيش قد أخفق في بلوغ أهدافه للتجنيد في 17 شهراً من الأشهر الثمانية عشر الماضية.

لقد أبلغ الجنرال بيتر شوميكر، رئيس أركان الجيش الأمريكي، مجلس الشيوخ بأننا «نواجه تحديات هائلة» في ما يتعلق بتجنيد جنود جدد. وهدف الجيش تجنيد ثمانين ألف عنصر جديد لهذا العام «هو مخاطرة جسيمة»، والعام القادم «قد يكون الظرف الأشد قسوة على الإطلاق في ما يخص التجنيد». وهو يعتقد أن مشكلات التجنيد هذه يرجح أن تمتد إلى «وقت طويل في المستقبل».

هذه المشكلات قائمة على الرغم من الحوافز الضخمة التي تقدم الآن من أجل الانخراط في القوات المسلحة، فهناك علاوة انضمام بقيمة 90 ألف دولار تدفع على مدى ثلاث سنوات، منها 20 ألف دولار نقداً و70 ألف دولار في صورة مزايا، إلى جانب إلغاء القروض التي يضطر كثيرون من الشبان الأمريكيين لتحصيلها ليتمكنوا من الالتحاق بالكليات الجامعية. وثمة تقارير أيضاً تفيد بأن الأشخاص الذين قاربوا الأربعين من العمر مؤهلون للانخراط في القوات المسلحة، وأن المعايير البدنية والعقلية للمجندين قد ضعفت.

إن الهبوط في أعداد المجندين يبلغ أقصى قوته في مجتمع الأمريكيين الأفارقة «الذين يشكلون نسبة 12 بالمئة من السكان» وبين النساء أيضاً، وقد شكل الأمريكيون الأفارقة قرابة ربع مجندي الجيش في عام 2000، والآن هبطت أعدادهم إلى أقل من نسبة 14 بالمئة، أما عدد النساء اللاتي جندهن الجيش، فقد انخفض من نسبة 22 بالمئة في عام 2000 إلى نحو 17 بالمئة، وتشكل النساء نحو 15 بالمئة من مجموع القوات.