أنت هنا

28 رمضان 1426
الرباط - حسن السرات

أرسل محمد العماري (المتهم الرئيس في أحداث 16 مايو بالدار البيضاء، والناجي الثاني من بين الفدائيين الأربعة عشر) شهادة مطولة مكتوبة إلى يومية "النهار المغربية" المستقلة، تحت عنوان "هذه شهادتي لله وللناس وللتاريخ".

ووصفت الصحيفة شهادته المؤرخة بتاريخ 13 رمضان 1426هـ، والمنشورة في العدد المزدوج ليومي السبت والأحد 25 و26 رمضان (29 و30 أكتوبر 2005) بأنها "مزلزلة لكثير من الأمور المتعلقة بملف أحداث 16 مايو الشائك"، خصوصاً "وأننا أمام قضية لم تعلن أي جهة لحد الآن مسؤوليتها عما وقع فيها، وبقيت مجموعة من الألغاز عالقة لم تتم الإجابة عنها رغم أن القضاء قال كلمته وصدرت أحكام بالإدانة في حق المئات من منتسبي تيار السلفية الجهادية".

وفي أكثر من موضع أكد محمد العماري، المحكوم عليه بالإعدام، أن هناك مؤامرة خططت لها جهات خفية أمسكت بالخيوط من بعيد وساقت مجموعة صغيرة من الفتيان إلى الموت والقتل لتحقيق أغراض سياسية كبيرة، وقال في شهادته: " ثبت لدي قناعة بأن أحداث 16 مايو وراءها مؤامرة كبرى دبرت بليل وأحكمت حلقاتها ونسجت خيوطها".

وفند العماري تهمة حيازة المتفجرات وصنعها؛ لأن أولئك الشبان "تجربتهم قليلة، ومستوياتهم الدراسية ضحلة، ورصيدهم المعرفي والثقافي هش.. وأن مبلغهم من العلم الفضول والقشور". والحقيقة التي يعترف بها العماري هي أن "المتفجرات وصلتنا جاهزة... وسلمت لنا قبيل ساعة التنفيذ... وكان عبد الفتاح بويقضان (المسؤول التنظيمي عن الفدائيين) يتسم بقلة الكلام وطول الصمت والسرية والتكتم... بحيث لم يكن يسمح لنا بمعرفة أي تفاصيل".

وألقى العماري الضوء على سبب تراجعه في آخر لحظة عن تفجير نفسه رغم أنه كان في قلب فندق فرح مسرح كبرى العمليات، فيقول: "استقرت لدي قناعة بأن وراء الأكمة ما وراءها... وأننا كنا ضحية جهة ما استغلت حماستنا واستثمرتها في اتجاه يخدم أغراضها، ويكون الهدف منها القضاء على الحركة الإسلامية داخل المغرب وإضعافها نهائياً".
وشبه العماري أحداث 16 مايو بالأعمال السرية والتفجيرات التي قام بها الموساد في العراق لإجبار اليهود على المغادرة.

وسرد محمد العماري كثيراً من وقائع التعذيب والتزوير التي تعرض لها هو وغيره أثناء التحقيق، قبل أن يوجه نداء إلى "كافة الفعاليات الحقوقية وطنياً ودولياً للمطالبة بإطلاق سراح الأبرياء ممن أقحموا في الأحداث".
وكشف العماري عن تحمله "مسؤولية هذه الاعترافات والإصرار على براءة جل من حوكموا بمجموعة الـ86 وكل من نسب لأحداث 16 ماي وحوكم على خلفيتها".

واختتم العماري شهادته بتوضيح هام نفى فيه وجود أي علاقة بين الفدائيين الأربعة عشر بأي جماعة داخلياً وخارجياً، وأن "كل ما يروج عن صلة ما يسمى "الجماعة الإسلامية المغربية" بالأحداث هو محض كذب وافتراء".

وطالب في النهاية بلجنة تقصي حقوقية "معضدة بوفد من منظمة العفو الدولية للاستماع إلى شهادتي حية والوقوف على معاناتنا داخل السجون، ومنها تردي الأحوال الصحية والنفسية للأخ حسن الطاوسي أحد المتراجعين عن تنفيذ العمليات في 16 مايو".

وتأتي شهادة محمد العماري قبيل عيد الفطر، وضمن مجموعة من المؤشرات الدالة على قرب تدارك الأخطاء والتجاوزات التي وقعت في حملة المداهمات والمحاكمات العريضة لمعتقلي "السلفية الجهادية" المقدر عددهم بأكثر من 3000 معتقل.