د.القعيد لـ( المسلم ) : هكذا سارت الانتخابات البلدية وهذا سر الفوز
7 محرم 1426

<font color="#800000"> حوار أجراه: لطفي عبد اللطيف </font> </br> </br> الذين تابعوا عن كثب العملية الانتخابية التي أجريت في منطقة الرياض، بدءاً من عملية تسجيل الناخبين ثم عملية الترشيح، وهذا الكم الهائل من المرشحين إذا قورن بمعدل التسجيل في القيد الانتخابي، انتهاءً بإعلان النتائج، لم يفاجؤوا بمن فازوا في الدوائر الانتخابية السبعة في مدينة الرياض، فقد كانت كل الدلائل تشير إلى التميز في الطرح الانتخابي من قبل هؤلاء، وحسن الإعداد، والقدرة على إدارة حملات انتخابية متميزة تعتمد على رصيد من العمل الخدمي والتطوعي والإنساني، وأيضاً حالة "القبول" بصفة عامة من الناخب السعودي لهذه الوجوه التي حالفها الفوز فهم مفكرون ودعاة وأكاديميون، ورجال أعمال، لهم سمتهم الخاص، ودورهم المشهود في مجال عملهم.<BR><BR>واختيار الناخب السعودي، في أول عملية انتخابية فريدة من نوعها في المجتمع السعودي، تميز بالتلقائية، وكذلك كانت النتيجة طبيعية، وأسقط عنصر المفاجآت التي تحدث في أي انتخابات في مناطق شتى، ولكن الأهم من هذا أنه – أي الناخب – نحى جانباً عناصر لها تأثيرها القوي في مجتمع يعتمد على العنصر القبلي والعشائري والعائلي أكثر من أي مجتمع آخر، وهو العنصر الذي عول عليه البعض وجعلوه في مقدمة الأولويات للفوز، بل وجدنا من يحرص على إبرازه في دعايته الانتخابية وهذا ليس عيباً، بل وجدنا من عول عليه سبب شله؛ لأنه لم يكتب اسم "العائلة" في دعايته في حين كان مدوناً في كشوف المرشحين، الأمر الذي – كما زعم – جعل الناخب يتلبس عليه الأمر.<BR><BR>كذلك تراجع دور "المال" في التأثير على الناخب، فهناك من أنفق الملايين في الدعايات الإعلانية، والتي حققت منها بعض الصحف المكاسب الهائلة، وعوضت خسائرها، ونشط دور وكالات الإعلان والتسويق، وإبراز الصورة والاسم، ولكن من الواضح أن "الناخب" كان أثقل من الدعاية، وأكثر رزانة في الاختيار من "خفة" الإعلانات.<BR><BR>ولكن برز دور الشخصية، والفعالية، والأداء، وتاريخ المرشح، والتميز في الخبرات، والمؤهل العلمي، والالتزام بين جماعة الحي، وجماعة المسجد، والدور الإغاثي والتطوعي والدعوي، فأكثر الأصوات حصل عليها الشيخ عبد الله أحمد السويلم (إمام وخطيب مسجد منذ أكثر من ثلاثة عقود ونصف)، فقد حصل على 21405 صوتاً، وشهدت الدائرة السادسة منافسة قوية بين أكثر من مرشح من المفكرين والملتزمين وحسمت للدكتور إبراهيم القعيد بـ12808 صوتاً، وجاء بعده في ترتيب الأصوات – في نفس الدائرة – الدكتور ناصر الرشيد، وسجل أصحاب الاتجاهات أو من رفعوا شعارات "مربكة" وحاولوا أن يناقشوا أو يطرحوا قضايا مثيرة – لم يقبلها الناخب – تراجعاً بصورة واضحة، ومن يتأمل الأرقام التي أعلنت من قِبَل اللجنة المشرفة على الانتخابات يدرك ذلك، والبون الشاسع في فروق الأصوات التي حصل عليها السبعة الفائزين ومن رفعوا شعارات مغايرة للتوجه العام.<BR><BR>وإذا كان البعض "فضل" التعامل مع نتائج انتخابات الرياض بـ"فرقعات إعلامية" لتغطية حالة الفشل التي أصيب بها من يدعمهم، فإن التوجه العام، بل والإجماع الشعبي والرسمي شهد على نزاهة التجربة، والشفافية التي واكبتها، والمنافسة الطيبة بين المرشحين، فلم تسجل خروجاً عن الالتزام أو اللوائح، وإن سجلت مخالفات في بعض الإعلانات والدعايات، الذين وجدوا ضالتهم في صورهم وأسمائهم، ولم يقدموا شيئاً لجذب الناخب.<BR><BR>وفي محاولة لاستكشاف الصورة عن قرب، وفك الالتباس حول العديد من المسائل التي أثيرت حول الفائزين واتجاهاتهم وهوياتهم وبرامجهم، وهل تم التنسيق بينهم، ولماذا نجحوا هم فقط ، وفشل غيرهم، ووجود كتلة واحدة أو قائمة واحدة وزعت على الناخبين، التقى موقع (المسلم) بالدكتور إبراهيم بن حمد القعيد (عضو المجلس البلدي المنتخب عن الدائرة السادسة بمدينة الرياض).<BR><BR>والدكتور القعيد يعمل رئيساً لمجلس إدارة مجموعة المعرفة، والتي تضم (دار المعرفة للتنمية البشرية، دار الناشر الدولي، مركز القعيد للترجمة، مدارس دار السلام العالمية)، وهو من العاملين المتخصصين في مجال الاستشارات الإدارية، والتطوير المؤسسي، من أبرز المدربين في جانب التطوير الذاتي، وصاحب المؤلف المشهور (العادات العشر للشخصية الناجحة)، وله العديد من الكتب والدراسات في مجال التدريب والإدارة.<BR>وللقعيد إسهامات كبيرة في مجال العمل الخيري والتطوعي، حيث عمل أميناً عاماً مساعداً للندوة العالمية للشباب الإسلامي، التي تعد من أكبر المؤسسات والهيئات الإغاثية والدعوية، على المستوى الإسلامي، ويعمل الآن نائباً لرئيس الجمعية الخيرية لمحافظة حريملاء، وهو عضو مؤسس في اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، وعضو جمعية الناشرين السعوديين، وله مشاركات في العديد من المؤتمرات الرسمية المحلية والعالمية، أما في مجال العمل الأكاديمي، فقد قضى د. القعيد أكثر من عشرين عاماً في مجال التدريس الجامعي بجامعة الملك سعود، وأشرف على العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه، وله أكثر من عشرة كتب ومئة بحث ودراسة علمية.<BR><BR><font color="#FF0000"> كيف تنظرون إلى نتيجة انتخابات الرياض؟ </font><BR>التجربة فريدة، ونظيفة، وشهدت أكثر من مرحلة كانت آخرها المنافسة للحصول على ثقة الناخب، ومن استطاع أن يقدم نفسه وبرنامجه وتأهيله للناخب حظي بالقبول والفوز، وهذا لا يعني انتقاصاً من الآخرين، فالجميع أبناء وطن واحد، والمنافسة كانت لخدمة الدين والوطن والمواطن. <BR><BR><font color="#FF0000"> وماذا عما أثاره البعض بفوز قائمة "التيار الإسلامي" ووجود كتلة واحدة، بأسماء السبعة الفائزين فقط هي التي وزعت على الناخبين؟ </font><BR>ردي بسيط على هذا الاتهام هو ما قاله الأمير نايف بن عبد العزيز (وزير الداخلية) الذي قال: إننا جميعاً مسلمون في هذا البلد المبارك، وإننا كلنا تيار إسلامي، وقد أصاب التصريح منه كبد الحقيقة؛ لأننا ننتمي إلى بلد مسلم قام على دعائم الإسلام وينطلق في حكمه ونظامه الأساسي من الإسلام دين الاعتدال والوسطية والتفاعل الإيجابي مع الآخر.<BR><BR><font color="#FF0000"> ولكن هناك من يؤكد بوجود قائمة موحدة تم توزيعها على الناخب؟ </font><BR>أعتقد أن هذا الكلام غير صحيح، فعندما نظن أن الناخب يعتمد في قراره لاختيار من يمثله على مجموعة من رسائل الجوال المختلفة أسماؤها، والتي جاءت من مصادر مجهولة، فإن هذا تعطيل لعقله ولقدراته على الاختيار، الحقيقة أن الناخب السعودي في منطقة الرياض التي أجريت فيها أول انتخابات كان على قدر راقٍ من المعرفة والإدراك والعلم، واختار بمحض إرادته من يمثله في المجلس البلدي، وفي ظني لو أجريت الانتخابات أكثر من مرة لخرجت بنتائج مقاربة لما أعلن.<BR><BR><font color="#FF0000"> وما الذي جذب الناخب السعودي المعروف بخصوصياته وجذوره القبلية إلى رموز معينة وتم اختيارها؟ </font><BR>أعتقد أن الذين فازوا – في ظني – هم الذين وثق فيهم الناخب، واختارهم الناخبون، وهذا لا يطعن ولا ينقص من شخصيات الإخوة الأفاضل الآخرين الذين لم يفوزوا، لقد كان الناخب أمام خيارات صعبة، وعليه أن يختار سبعة مرشحين فقط من أكثر من 650 مرشحاً، والواقع أن هناك من الكثيرين ممن لم يحالفهم الحظ قدموا برامج متميزة وهم من الأفاضل والأخيار وأصحاب علم ودين، ولا ينقص من قدرهم على الإطلاق عدم فوزهم في المجلس البلدي.<BR><BR><font color="#FF0000"> البعض يرى أن الناخب باختياره لكم عن غيركم وضعكم كرموز وشخصيات دعوية وفكرية ملتزمة على المحك، وسيراقب الأداء والفعالية عن كثب ليعرف هل كان اختياره صحيحاً أم لا.. فماذا أنتم فاعلون؟ </font><BR>أنا خضت الانتخابات ببرنامج محدد، تم توزيعه على الناس، وشرحه، وشارك الكثيرون في مناقشتي فيه، والذي طرحته كان يمثل رؤيتي ومشاريعي لمتابعتها وتنفيذها _بإذن الله_، ولذلك لم أقدم وعوداً انتخابية، بل قدمت برنامجاً عملياً، فالوعود تنتهي مع الحملة الانتخابية، أما البرنامج فمكتوب وموجود وبين يدي الناس، وهو برنامج عملي خلال السنوات الأربع القادمة.<BR><BR><font color="#FF0000"> وهل تستطيع تنفيذ هذا البرنامج؟ </font><BR>أعلنت أكثر من مرة بأنني على استعداد للتعاون مع الجميع في حالة عدم فوزي بمقعد في المجلس البلدي، مع ممثل دائرتي السادسة بالرياض لتحقيق هذه المشاريع والرؤى، فأنا قدمت برنامجاً لي ولغيري، ولذلك عملنا في المرحلة القادمة كفريق واحد في المجلس البلدي من انتخبوا ومن سيتم تعيينهم لتحقيق هذه البرامج لخدمة هذا الوطن، وتحقيق طموحات الناخبين الذين وثقوا بنا وأعطونا أصواتهم.<BR><BR><font color="#FF0000"> هل تتوقعون صعوبات تواجهكم في العمل كفريق واحد في المجلس البلدي؟ </font><BR>كلنا أبناء هذا الوطن، ونعمل لمصلحة هذا الوطن، أما بالقول بوجود صعوبات فهذا أمر طبيعي في العمل المؤسسي، ولكن العبرة في التفكير الإبداعي الذي يحقق الأهداف بالطرق المناسبة.<BR><BR><font color="#FF0000"> البعض راهن على نجاح أي انتخابات في المملكة ووضع عدة أمور قال بأنها تجعل العملية صعبة؟! </font><BR>أعتقد أن ما حدث في الرياض يشهد به الجميع، ويؤكد نجاح المشاركة الشعبية في الاختيار، وقدرة هذا الوطن على استيعاب المشاركة الشعبية وتطبيقها بطريقة منظمة وفاعلة ونزيهة ومتحضرة، وعلى أرفع المستويات والمعايير العالمية، فمن كان يصدق بأن المملكة العربية السعودية سيكون فيها هذه الانتخابات البلدية على هذا المستوى من التركيز والتنظيم العالي.<BR><BR><font color="#FF0000"> وكيف ترون أداء الكوادر الوطنية التي تم تدريبها للمشاركة والإشراف على إدارة العملية الانتخابية بشفافية؟ </font><BR>أؤكد أن هذا الأمر سرنا جميعاً، وأعطى صورة مشرفة للبلاد كلها، وللمواطنين جميعاً، لقد كانت كفاءة الكوادر الوطنية السعودية التي أدارت العملية الانتخابية تخطيطاً وتنفيذاً وإشرافاً ومتابعة، على أعلى المستويات، وهو الأمر الذي جعل هذه الكوادر محط إعجاب المواطنين السعوديين، ورجال الصحافة والإعلام العالميين الذين توافدوا إلى البلاد أيام الحملات الانتخابية، وأنا لدي شعور قوي بالفخر كمثقف سعودي بهذه الكوادر التي أدارت الانتخابات بكفاءة واقتدار.<BR><BR><font color="#FF0000"> لم توجه إلى الإدارة المشرفة على الانتخابات أي اتهامات بالتحيز وهذا رغم ما نسمع ونقرأ عنه في أي انتخابات عالمية.. لماذا؟ </font><BR>السياسات والإجراءات التي ابتعتها وزارة الشؤون البلدية والقروية، والتوجيه الكامل بالحيدة، والإشراف على كامل العملية الانتخابية بروح ومهنية ونزاهة عالية كان محط الأنظار، ولذلك كانت هذه المناسبة مناسبة تاريخية عظيمة ستحفر في ذهن وضمير المجتمع السعودي.<BR><BR><font color="#FF0000"> البعض شكّك في وعي الناخب السعودي في الاختيار بين هذا الكم من المرشحين؟ </font><BR>أعتقد بل أؤكد أن من شكّك راجع نفسه بعد أن شاهد وعي الناخب السعودي الذي وضع خياره فيمن يراه جديراً بالثقة والكفاءة والأمانة بغض النظر عن الخلفيات الاجتماعية الأخرى المتنوعة التي تؤثر كثيراً في أي انتخابات في أي دولة في العالم.<BR><BR><font color="#FF0000"> لماذا لم يؤثر المال والإعلام بشكل ملموس على الناخب؟ </font><BR>الحملات الانتخابية مهما تنوعت وسائلها لا يمكنها أن تقفز على المؤهلات الحقيقية لدى المرشحين، فهناك عدد من المرشحين أنفقوا بسخاء لتقديم أنفسهم للناخبين ولكن لم يحالفهم الحظ!<BR><BR><font color="#FF0000"> وكيف يؤثر التزام المرشح بدينه وولائه على انتخابه؟ </font><BR>معرفة أن الإسلام في المملكة العربية السعودية كدين وأخلاق وطريقة حياة هو العامل الأساسي في تقييم الأشخاص لدى الناخبين، وأن أي شخص ليس لديه ولاء لدينه وولاة أمره سيصعب عليه تمثيل الناخبين وستخذله صناديق الاقتراع، فالولاء لله ورسوله ثم للوطن ولولاة الأمر هذه ركائز مجتمعنا.<BR><BR><font color="#FF0000"> وما هو أثر هذه التجربة مستقبلياً على البلاد؟ </font><BR>لقد كانت تجربة فريدة، ومناسبة تاريخية لن تنساها ذاكرة المواطن، ولذلك ستؤتي أكلها بكل الخير وثمارها الطيبة على جميع المواطنين.<BR><br>