أصبح السودان على مشارف أزمة جديدة، تضاف إلى أزماته القديمة والتي تأتي دارفور على رأسها، حيث رفضت من جديد الحركة الشعبية لتحرير السودان، الشريك الأساسي في حكومة الوحدة الوطنية، إقامة تعداد سكاني بالبلاد .
وبحسب ما جاء على لسان مسئول حكومي سوداني فإن الحركة الشعبية رفضت وبشكل صريح إجراء التعداد، الأمر الذي يعيد الأمور إلى مربعها الأول .
وصرح المسئول السوداني لصحيفة دار الخليج الإماراتية بأن المربع الأول للأزمة كان أفضل من الحالة المربكة التي اندفعت إليها البلاد الآن، لأن الرفض الأخير الذي تكشف عنه الشروط التعجيزية التي أعلنتها الحركة الشعبية يضع الطرفين أمام مواجهة حتمية .
ويخشى السودانيون من أن تطيح الأزمة الجارية باتفاقية السلام المبرمة بين حزب المؤتمر الوطني الحاكم والحركة الشعبية، الأمر الذي قد يقفز بالبلاد إلى مرحلة شديدة الخطورة .
ويترقب الجميع بحذر شديد الخطوة التالية لحزب المؤتمر الوطني الحاكم، والذي يرى البعض أنها فرصة قد تمكنه من حسم جميع الأمور، فيما يرى آخرون أنه بالإمكان إرجاء التعداد شهرًا أو شهرين بدلاً من الإطاحة باتفاقية السلام .
ويرى محللون أن قرار الحركة الشعبية يعد نوعًا من "لي ذراع" الحكومة ودفعها إلى موقف حاد يكون فيه نهايتها، خاصة وأن الأمين العام للحركة الشعبية باقان أمون قد صرح بأن الشراكة الحالية مع حزب المؤتمر الوطني تشهد صراعات، وأن الحركة تخوض معارك لتنفيذ اتفاقية السلام.
وتخشى الحركة الشعبية من إجراء التعداد السكاني، والذي من شأنه أن يفضح عدد الجنوبيين الحقيقي في الجنوب الآن، كما يكشف بالمقابل عدد الجنوبيين الحقيقي في الشمال، ويفتح بابًا للأسئلة عن التنمية في الجنوب ومصير الأموال التي تقترب من أربعة مليارات دولار هي نصيب الجنوب من أموال البترول حتى الآن، فضلا عن أموال المانحين والأمم المتحدة وأموال ترحيل النازحين وأموال التعداد المثير للجدل نفسه.
ومنذ توقيع اتفاقية السلام قبل ثلاثة أعوام بين حزب المؤتمر الحاكم والحركة الشعبية وأجندة الخلافات بينهما في تنامي مستمر، من خلاف على السلطة إلى توزيع الثروة إلى الحدود وآبيي، وهي جميعها قضايا ضمّنت في الاتفاقية ووقع الطرفان عليها.
وتؤكد الحركة الشعبية أنها لن تعترف بنتائج التعداد السكاني إذا قام في موعده يوم الثلاثاء المقبل، مطالبين بعلاج وتسوية المشكلات بين الطرفين قبل إجراء التعداد .
وصرح وزير الإعلام في الحركة بأن حركته لن ترتبط "بنتائج التعداد في حال أصرت الرئاسة على القيام به لأنه من الصعوبة بمكان إن لم يكن مستحيلا بالنسبة إلى الشمال أن يعالج المشاكل التي يطالب الجنوب بتسويتها قبل إجراء التعداد".