أنت هنا

17 رجب 1429
المسلم-متابعات:

قالت الشرطة التايلاندية، اليوم الأحد، إن مسلحين أطلقوا النار على نقطة تابعة للجيش وقتلوا ثلاثة مزارعين في هجمات متفرقة في جنوب البلاد الذي تسكنه أغلبية مسلمة، والذي كان من قبل مملكة اسلامية تعرف باسم "فطاني".

وأصيب جندي عندما انفجرت قنبلة في النقطة التابعة للجيش الفلبيني في وقت متأخر من مساء أمس السبت في أحد الاقاليم الجنوبية الثلاثة . وقالت الشرطة إن ثلاثة مزارعين قتلوا أيضا بالرصاص في الإقليم نفسه على يد مسلحين.

ومن الجدير بالذكر أن جنوب تايلاند الذي تسكنه أغلبية مسلمة كان مستقلاً حتى عام 1902م، حين قامت بريطانيا باحتلال مملكة "فطاني" الإسلامية ، ثم تسليمها غنيمةً باردة لتايلاند، وإعلان دخولها في الحدود السياسية لتايلاند بتواطئ دولي وصمت عربي وإسلامي.

وتقع منطقة "فطاني" بين ماليزيا وتايلاند، ويرجع أصل سكانها للمجموعة الملايوية المسلمة، ويتكلمون اللغة الملايوية ويكتبونها حتى الآن بأحرف عربية بسبب أصولهم العربية منذ نشأة مملكة فطاني الإسلامية في القرن الثامن الهجري.

وتقول المراجع التاريخية: إن الإسلام وصل إلى "فطاني" عن طريق التجارة في القرن الخامس الهجري وأخذ في التنامي حتى صارت المنطقة كلها إسلامية وتحت حكم المسلمين في القرن الثامن الهجري وصارت "فطاني" مملكة إسلامية خالصة ومستقلة.

وعندما احتل البرتغاليون تايلاند أوعزوا إلى قادة تايلاند بحتمية احتلال "فطاني" للقضاء على سلطنة الإسلام بها ولابتلاع خيراتها، فقام التايلاندون باحتلال فطاني سنة 917هـ ولكنهم ما لبثوا أن خرجوا منها بعد قليل تحت ضغط المقاومة الإسلامية.

ومع انتشار الاحتلال الإنجليزي في المنطقة الآسيوية دخل الإنجليز تايلاند وفطاني، وقمعوا بدورهم مملكة فطاني ومسلميها، وأضعفوا الإقليم مما مهد الطريق أمام مملكة تايلاند (مملكة سيام) لضم فطاني رسمياً لها سنة 1320هـ (1902 ميلادية) بعد سلسلة طويلة من الثورات والمقاومة الباسلة من المسلمين، وكان هذا الضم إيذاناً بعهد جديد في الصراع بين المسلمين وأعدائهم البوذيين في تايلاند.

وتشير المراجع التاريخية إلى أن إقليم فطاني لم ينضم بسهولة ويخضع لمملكة تايلاند سوى بالحديد والنار، حيث اندلعت العديد من الثورات التي قادها أمراء مسلمون آخرها ثورة الأمير عبد القادر، وهو آخر ملوك فطاني المسلمين والذي تقدم بقيادة الثورة سنة 1321هـ بعد سنة واحدة فقط من الضم وتعرض للاعتقال واندلعت الثورة بفطاني إثر ذلك ولكن التايلانديين قمعوها بمنتهى الوحشية بمساعدة قوية من الإنجليز.

وعندما تحول الحكم من ملكي إلى جمهوري عقب الانقلاب العسكري عام 1933م (سنة 1351هـ) الذي أطاح بالملكية، سعى مسلمو المناطق الإسلامية الأربعة (فطاني- جالا- ساتول- بنغارا) ذات الأغلبية المسلمة في جنوب تايلاند للمطالبة بعدة حقوق لهم في عريضة قدموها للحكومة الجديدة.

ولكن جاءت الريح بما لا يشتهي المسلمون وتحول الحكم العسكري إلى واقع مرير للمسلمين ليس لأنه تجاهل مطالبهم، ولكنه سعى لمسخ هويتهم تماما وإذابتهم داخل الدولة، حيث أصدر الفريق أول (سنقرام) الذي تولى السلطة في تايلاند قرارات بتغيير الأسماء المسلمة إلى تايلاندية ومنع لبس الجلباب الأبيض المميز للمسلمين وغطاء الرأس للنساء، وتحريم استعمال اللغة الملايوية ذات الحروف العربية، وأغلقت أبواب المدارس والجامعات أمام الفطانيين وكذلك المناصب الحكومية والجيش والشرطة وأغلقت الجوامع والمساجد وحرم التبليغ والتبشير بالدين الإسلامي.

وقد توالت على الإقليم المسلم عدة ثورات ومحاولات من جانب المسلمين لإعادة المطالبة بحقوقهم واجهتها السلطات هناك بالقمع والاعتقال لكل من قاد المطالبة بهذه الحقوق، مثل حركة الحاج محمد سولونج أحد العلماء المسلمين بفطاني الذي طالب بعدم إخراج محصولات وموارد فطاني خارجها واستهلاكها محلياً فاعتقل وحكم عليه بثلاث سنوات قبل أن يقتل.