12 إعلاميًا وباحثًا يضعون النقاط فوق الحروف ما دور الإعلاميين في نصرة غزة؟
8 محرم 1430
همام عبدالمعبود
اتفق عدد من الإعلاميين والباحثين العرب والمسلمين على أهمية الدور الواجب على وسائل الإعلام لنصرة أهلنا المحاصرين في غزة، والذين يواجهون حرب إبادة في ظل الصمت العربي الرسمي، والتعتيم الإعلامي الغربي، مشددين على أهمية التعريف بالقضية الفلسطينية، وبيان حقيقة ما يحدث في غزة، وكشف القناع عن المشاركين في المؤامرة الدائرة على الشعب الفلسطيني، ونقل ما يحدث من عمليات إبادة وتدمير وقتل وتشريد للعالم أجمع.
ودعا الإعلاميون والباحثون الذين استطلعنا آراءهم إلى رصد تطلعات الشارع وبيان حجم المأساة بدقة وأمانة، والمسارعة بنقل الأخبار، وتصحيح المفاهيم المغلوطة حول المقاومة الفلسطينية، وتدعيم حملات المقاطعة الاقتصادية للسلع والبضائع الأمريكية والإسرائيلية، مع بث التفاؤل والأمل والتحدي والصمود في نفوس أبناء الأمة، والنزول إلى الشارع وممارسة الضغوط على الحكومات للقيام بدور فاعل لنجدة أهل غزة.
وأكد الإعلاميون والباحثون العرب على ضرورة تغطية كافة الفعاليات الغاضبة في الشارع العربي والإسلامي، واستثمار كافة إمكانيات الإنترنت لنصرة القضية، وعرض القضية بالشكل اللائق لجلب التعاطف الدولي، مع تنويع الخطاب الإعلامي ليغطي كافة الوسائل المتاحة، إضافة إلى تشكيل ضغط إعلامي علي الرأي العام، واستطلاع آراء مشاهير العلماء والدعاة والمفتين في حكم الإسلام في التخاذل عن نصرة أهل غزة، مع كشف حقيقة تخاذل الأنظمة العربية أمام شعوبها.
مزيد من التفاصيل في التحقيق الصحفي....
 
في البداية، تقول أمل عيتاني- إعلامية لبنانية وباحثة بمركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت:" رأيي أننا كإعلاميين عندنا مهمة مزدوجة، أولا، بحكم اتصالنا الواسع بالعالم، فإن من واجبنا أن نبين للعالم حقيقة الهمجية الصهيونية، لأن وجهة النظر الصهيونية هي الطاغية على الإعلام الغربي، والإعلام الغربي إما متواطئ، وإما أنه متبن لوجهة نظر المسكنة الصهيونية التي تظهر الوحشية الإسرائيلية على أنها دفاع عن النفس ضد عصابة إجرامية"، مشيرة إلى أن "أقل الواجب على كل إعلامي أن ينقل ما يحدث للفلسطينيين وأن يبين الوحشية الصهيونية، سواء في حصار غزة الطويل، أو في ما تفعله حاليا".
وتضيف عيتاني: "أما المهمة الثانية، فهي تشكيل جبهة إعلامية، تنشر ثقافة المقاومة وتشجع عليها، في مواجهة الإعلام الخانع الذي يهاجم الضحية، ويلومها ويبرر لأنظمة ولإسرائيل تواطؤها على قتل الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته.. هذا هو دور الإعلاميين".
 
كشف حقيقة تخاذل الأنظمة العربية أمام شعوبها
ومن جهته؛ يرى موسى الملاحي- إعلامي فلسطيني مقيم في الصين أن "أحداث غزة كشفت سوأة الأنظمة العربية، وأظهرت حقيقة مفادها ان هذه الأنظمة اتخذت قرارا بتصفية حركة حماس بأيدي جيش الاحتلال الصهيوني، لأنها تخشى من نجاح تجربة حركة حماس في الحكم، ومن ثم نقل المشروع الإسلامي الفلسطيني التحرري ضد كل أشكال الظلم إلى ساحاتها وبلدانها".
ويستطرد الملاح قائلا: "وعليه فإنه لذا لا مفر من الله إلا إليه، والمطلوب من الشعوب الإقدام ومواجهة هذه الأنظمة، لان هذا العمل سيكون ضربا من ضروب الشهادة بعون الله عز وجل"، معتبرًا أن "الدور الواجب على الإعلاميين هو كشف عورات هذه الأنظمة وإظهارها للشعوب وعدم الخوف من المصير لان هذه المعركة هي معركة الأمة قاطبة".
 
التعريف بالقضية وكشف القناع عن المشاركين في المؤامرة
فيما يتحفظ الدكتور مصباح الله عبد الباقي، أستاذ مساعد بالجامعة الإسلامية العالمية إسلام آباد، وكاتب أفغاني على السؤال، ويقول: "في المنطقة التي أعيش فيها يختلف دور الإعلاميين فيها عن دور الإعلاميين في الدول المجاورة لفلسطين أو القريبة منها, فالمسلمون هنا ليس لديهم علم بأصل القضية الفلسطينية, كما ليس لديهم علم بالقضايا الحساسة التي يحتاج الشعب الفلسطيني مناصرة المسلمين فيها, ووقوفهم بجانبه, كما أنه ليس لديهم علم بالقضية التي تتعرض بسببها غزة لهذه الهجمة الهمجية من إسرائيل".
ويضيف عبد الباقي: " ومن ثم فإن واجبنا الأول هو التعريف بالقضية الفلسطينية، ثم بحقوق هذا الشعب المحاصر, وفي نفس الوقت يجب علينا كإعلاميين أن نكشف القناع عن الدوائر التي تشارك في المؤامرة على الشعب الفلسطيني، في الحكومات التي تحكم دول العالم الإسلامي, كما يجب أن نبرز الجانب الإسلامي لهذه القضية؛ فنبين لهم أن هذه القضية ليست قضية الشعب الفلسطيني مفردًًا ولا قضية حماس بمفردها, وأن حركة حماس بصمودها هذا تدافع عن القضية الأولى للأمة الإسلامية, قضية المسجد الأقصى الأسير، قبلة المسلمين الأولى".
 
نقل ما يحدث من تدمير وقتل وتشريد للعالم أجمع
ويتفق د. أحمد عبد الحميد عبد الحق- باحث وكاتب مصري ومحرر موقع التاريخ؛ مع سابقيه ويضيف: "أعتقد أن دورنا كإعلاميين وباحثين عرب في نصرة أهل غزة يمكن تلخيصه في النقاط التالية:-
ـ أن نوصل صورة ما يحدث من تدمير وقتل وتشريد للعالم أجمع.
ـ أن نزيل لبس المرجفين حول القضية، أولئك الذين يريدون أن تختلط الأمور على الناس، حتى لا يتعاطفوا ولا يتعاونوا مع أهل غزة.
ـ أن نفتح للناس أبوب وطرق المساعدات، وأن نرشدهم إليها.
ـ أن نوضح لهم نوايا المتخاذلين عن نصرتهم، وعاقبة هذا الخذلان على الأفراد وعلى الحكام.
ـ أن نبين لهم أهمية بقاء أهل عزة صامدين، لكونهم الحاجز الأخير أمام قيام إسرائيل الكبرى.
ـ أن نبين للناس أن إسرائيل- بعد القضاء على المقاومة الفلسطينية- ستجد السبيل مفتوحا أمامهما للتوغل في مصر، في ظل الترهل الذي أصاب المؤسسات الدفاعية عندنا.
ـ أن نعلم العرب، وخاصة المصريين، أنهم إذا كانوا يعيشون في مأمن، فإن هذا يرجع إلى الدور الذي قامت به المقاومة الفلسطينية، في شل حركات الجيوش الإسرائيلية وجعلها تنشغل بالفلسطينيين عن غيرهم، ولذلك فإن القضاء عليهم سيكون لا محالة قضاء علينا نحن.
ـ أن نعلم المسلمين أن نصرة المسلم لا تقتصر عند من يعيش معنا في وطن واحد، وإنما في أي مكان من العالم.
ـ وأن نعلم المسلمين أن التخلي عن نصرة غزة سيكون كفيلا بإنزال اللعنة علينا، وابتلاء الله الذي إن لم يكن بهجوم من الخارج فسيكون بمصائب وكوارث طبيعية.
 
رصد تطلعات الشارع وحجم المأساة بدقة وأمانة
ويرى الإعلامي هاني صلاح- الباحث السياسي المتخصص في شئون البلقان أن "أفضل شيء يمكن أن نقوم به كإعلاميين هو إلقاء الضوء على حقائق الحرب الحالية التي تشنها سلطات الاحتلال الصهيوني على غزة؛ والتي فاقت في وصفها معنى حرب الإبادة، بحسب آراء المتخصصين في شئون القانون الدولي، فضلا عن نقل تطلعات الشارع العربي والإسلامي بدقة وأمانة حول مطالبهم من حكوماتهم ومن المؤسسات المعنية، المحلية والإقليمية والدولية، لوقف هذه الإبادة".
ويضيف صلاح: "كما يجب على الإعلاميين إعداد موضوعات صحفية نوعية متخصصة، لنقل المأساة الإنسانية عبر تحقيقات وصفية لتوضيح حجم المأساة، مع القيام بكشف المؤامرة الحالية؛ على حقيقتها؛ وتوضيح أنها ليست حربا ضد حماس؛ أو غزة؛ أو فلسطين، وحسب، وإنما هي حرب ضد العالم العربي والإسلامي كله؛ بل وضد كل حر شريف يقول لقوة الغابة والتي تقف فوق القانون وفوق أشلاء الإنسانية: لا..، إنها حرب ضد كل صوت حر مقاوم وشريف".
 
نقل الأخبار وتصحيح المفاهيم وتدعيم المقاطعة الاقتصادية
ومن ناحيته؛ بوضح الإعلامي مسعد الحوفي- بإدارة تقييم البرامج في قناة الرسالة الفضائية أن:"الإعلاميين هم مرآة المجتمع على الأحداث والقضايا، بل أكثر من ذلك هم الذين يشكلون الكثير من الاتجاهات والقناعات تجاه مختلف القضايا، ولذلك فإن دورهم في أحداث غزة بالغ الخطورة، إذ إن الناس عامة مقسمون تبعًا للحالة السياسية العربية انقسامات حادة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، فمنهم من يرى أن المقاومة شر محض وأن المقاومين يورطون المنطقة بأسرها تبعًا لأجندات خارجية، ومنهم من يرى أن المقاومة هي البقية الباقية من كرامة الأمة والصورة المضيئة في الليل المظلم".
ويستطرد الحوفي قائلا: "هنا يأتي دور الإعلاميين، والذي يتمثل في عدة أمور منها:-
ـ ضرورة نقل الأخبار الحقيقية دون تزييف أو تحريف أو تشويه للرأي العام المحلي والإقليمي والدولي.
ـ ذكر الخلفيات المعلوماتية للأحداث، بما يوضح الصورة الحقيقية لما يحدث.
ـ تكوين صورة عامة حول تاريخ الصراع حول القدس وفلسطين بين اليهود والمسلمين.
ـ تصحيح مفاهيم الناس حول المقاومة وحقيقة الصراع وآفاقه ومستقبله.
ـ تدعيم عمليات المقاطعة الاقتصادية ووسائل الاحتجاجات السلمية بكافة أشكالها.
 
بث التفاؤل والأمل والصمود في نفوس الأمة
ويعتبرحسين عبد الظاهر - صحفي مصريأن "الدور الواجب على الإعلاميين يتمثل في المقام الأول في فهم القضية جيدًا، واستيعاب أبعادها التاريخية، والإلمام بالتطورات الأخيرة، ومن ثم توضيح الحقائق للرأي العام، سواء من خلال الصحف المطبوعة أو المواقع الإلكترونية أو القنوات الفضائية، خاصة وأن هناك دور مشبوه يقوم بع كثير من الإعلاميين لقلب الحقائق وتزييف الأحداث وتصوير الضحية في صورة الجاني!".
ويضيف عبد الظاهر: "الأمر الآخر أن يحرص كل إعلامي على بث روح التفاؤل والأمل والصمود والتحدي في نفوس أبناء الأمة، فلا نكتفي بنقل المجازر والمذابح، بل ننقل أيضا ما نراه من بشريات النصر، وفي هذا الإطار يمكن استحضار نماذج- سواء تاريخية أو حديثة- تحقق فيها النصر لأبناء أمتنا رغم قلة العدة والعتاد.
ويوضح عبد الظاهر أنه يجب "أن يحرص كل إعلامي على إثارة القضية أو تناولها - كل حسب تخصصه الإعلامي- فلا يقتصر التناول على الإعلاميين المتخصصين في المجال السياسة الخارجية أو محرري الشئون العسكرية فقط؛ فيمكن للمحرر الرياضي أو معد البرامج الرياضية أن يثير القضية في أوساط الرياضيين مثلا، أو يلقى الضوء على مسيرة الرياضة في فلسطين كمدخل لتناول الموضوع.. وهكذا.
وبالنسبة للإعلاميين الذين يعملون في مؤسسات تتيح للمتلقي المشاركة والتفاعل (كمواقع الإنترنت، والفضائيات) فإن عليهم دور كبير في فتح الباب أمام الجمهور للتعبير عن رأيهم وتقديم مقترحات عملية لنصرة غزة، لأن ذلك يؤثر بشكل كبير في خلق رأي عام لتبني سياسات معينة، أو تغيير المواقف لما هو أفضل، ويأتي بنتائج إيجابية في تغيير بعض السياسات، وقد أثر ذلك خلال الـ 48 ساعة الماضية في تغير سياسات بعض الدول العربية نتيجة ضغوط شعبية في الداخل والخارج".
 
النزول للشارع وممارسة الضغوط على الحكومات
ويعتقد طارق ديلواني- صحفي أردني، مدير تحرير موقع الصوت الإخباري أن "دور الإعلاميين يجب إلا يقتصر على التغطية الإعلامية للمجازر في غزة، بل يجب ان يتعداه إلى دور أكثر تأثيرا، فهنالك مؤسسات مجتمع مدني يقودها الصحفيون، كنقابات الصحفيين، واتحاد الصحفيين العرب، وهذه المؤسسات يعول عليها ان تنزل إلى الشاعر أيضا وتمارس ضغوطا على قيادات بلادها لاتخاذ مواقف ترتقي إلى حجم الحدث".
ويضيف ديلواني: "بإمكانهم مثلا تنفيذ اعتصام مفتوح أمام السفارة الإسرائيلية في مصر والأردن، ونصب خيام دائمة أمامهما حتى قيام الحكومتين الأردنية والمصرية بطرد السفراء الإسرائيليين أو سحب سفراء هما من تل أبيب"، معتبرا أنه "من المفروض ان ترتقي مساحة الوعي العربي وحجم الغضب والاعتراض على ما يحدث من رد الفعل إلى الفعل".
 
تغطية الفعاليات واستثمار كافة إمكانيات الإنترنت

ويتفق مع سابقيه فيما ذهبوا إليه؛ مصطفى الخطيب - محرر بموقع إسلام أون لاين؛ ويضيف: "في رأيي أن الدور الواجب على الإعلاميين لنصرة أهالي غزة يتلخص في النقاط التالية:-

تغطية المجازر والاعتداءات بتفاصيلها خاصة الإنسانية منها.
تغطية الفعاليات المهتمة بالقضية.
نشر ثقافة التعبير عن الرأي.
استضافة ومقابلة من يقدمون وسائل التحرك للناس.
تغطية المسيرات والوقفات.
تدعيم المجموعات الخاصة بالمجزرة في المنتديات وساحات الحوار، وعلى الفيس بوك خاصة، وعلى الانترنت بشكل عام، لإيصال نبض الجماهير.
استضافة ومقابلة ضيوف لا يقومون فقط بتحليل الوضع وإنما يقدمون وسائل عملية لمناصرة محاصري غزة".

 

 

عرض القضية بالشكل اللائق لجلب التعاطف الدولي
ومن ناحيتها؛ تؤكد الإعلامية سمية رمضان- مدير إدارة المتابعة والتطوير بقناة الحافظ للقرآن الكريم، أن "للإعلام دوره الذي لا يستهان به، ولقد فهمت إسرائيل ذلك جيدا، فاستخدمت الإعلام كوسيلة لترويج ما تريد، وإذا كانت إسرائيل تعرف ما تريده جيدا، وتساعدها منظوماتها الإعلامية في ذلك، فإننا لا نحسن استغلال أدواتنا الإعلامية الاستغلال الأمثل حتى الآن؛ فعلى المستوى الخارجي، نحتاج إلى الإعلام الذي يعرض القضية بالشكل اللائق ليستطيع كسب التعاطف الدولي مع قضية غزة، نريد صناعة إعلام موجه إلى الآخر".
وتضيف سمية :"أما على المستوى العربي والإسلامي، فلا يقتصر دور الإعلام على عرض القضية أو الخبر، فهذا ليس كافيا، ولكننا نريد الإعلام التربوي الذي ينشئ جيلا واعيا بقضايا أمته، عارفا بما له من حقوق وما عليه من واجبات، نريد إعلامًا يساهم في صناعة رجال المستقبل الذين هم أمل أمتنا في النهوض مرة أخرى، وإذا أردنا النصر فعلينا تربية الصف المسلم أولا، فنصرة غزة لن تكون بالشعارات والهتافات والمظاهرات، أو خلق فتن داخل المجتمع العربي".
وتتحسر سمية قائلا: "لقد رأيت بنفسي الصراع يتحول من صراع عربي إسرائيلي، إلى صراع عربي عربي، وهذه هي الطامة الكبرى، وهذا هو ما يريده الصهاينة، لقد نجحوا في ذلك، وهذا يجعل دور الإعلام الإسلامي أكثر صعوبة وأهمية، ومن هنا فإنني أناشد كل إعلامي غيور على الإسلام، وأقول له: لا تكن معول هدم للترابط والوحدة العربية، فنحن لن ننتصر إلا بالتمسك بحبل الله، وكن داعيا للوحدة والاعتصام، لا للفرقة والتشتت، نريد الإعلام الذي يوحد صوت الأمة العربية والإسلامية، فالإعلام سلاح قوي، يجب علينا أن نحسن استغلاله، وإلا تحول إلى أداة لدمارنا".
وتقدم سمية بعض الأفكار العملية لنصرة إخواننا في غزة مثل: عمل حملة توقيعات برفض العدوان على غزة، والتبصير بما يحدث يوميا في غزة، وتوعية المسلمين بدورهم في قضية غزة، والدعوة إلى الدعاء لأهل غزة بالنصرة، والدعوة إلى الصيام من اجل غزة، والدعوة إلى مساندة غزة ماديا ومعنويا، وشرح وتوضيح تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي".
 
تنويع الخطاب الإعلامي
أما محمد  سيد – باحث  بالمركز العالمي للوسطية بالكويت فيرى أن "دور الإعلام دور جلل، وهو صاحب دور فعال في دعم قضية غزة، وتكون نصرة غزة بإظهار القضية للعالم بأسره، وإيقاظ الهمم لنصرتها، والعمل على إشعال الحماس للدفاع عن غزة، والوقوف مع إخواننا في فلسطين"، ناصحًا الإعلاميين "بمخاطبة العقل، وأن تكون مفرداتهم الإعلامية مفردات إسلامية، فليس هناك دولة تسمى إسرائيل ولكن هناك احتلال صهيوني، والعمليات التي تقوم بها حماس وغيرها من فصائل المقاومة هي عمليات استشهادية وليست انتحارية".
ويضيف سيد : "يجب علينا كعاملين في المجال الإعلامي أن ننوع الخطاب الإعلامي في دعم القضية، وقبل كل ذلك أن ننصر الله في أنفسنا، بالالتزام بما أمر، والبعد عما نهى، لينصرنا الله في غزة وفي غيرها، قال تعالى : (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم)؛ مشددًا على أنه "ينبغي على كل شخص ان يقدم ما يستطيعه في مجال تخصصه؛ فعلى الإعلاميين العاملين في مجال التحليل السياسي تعريف الأمة بالسيناريوهات المحتملة إذا طال أمد الحرب، وعلى المحلل العسكري أن يضع سيناريو عسكري لمساعدة المقاومة على تصحيح مسارها".
ويستطرد سيد قائلا :"الكتاب السياسيين يجب عليهم ان يوجهوا الشارع حتى لا تكون غضبة ساعة وتنتهي، كما يجب على الباحثين والإعلاميين ان يكون لهم دور في نصرة المقاومة في غزة، من خلال حث العلماء والدعاة على مساندة أهل غزة بطرق أكثر واقعية، من خلال عمل لقاءات صحفية حية مع أشهر علماء الأمة، ومن الممكن جمع عدد من العلماء في لقاءات فضائية على الهواء لشحذ همم الأمة".
ويبين سيد أنه "يجب أن يقوم كل داعية وباحث وإعلامي على اختلاف اتجاهاتهم، بعملية عصف ذهني لكيفية نصرة المحاصرين المستهدفين في غزة، مطلوب رفع الروح المعنوية للمقاومة الفلسطينية، مطلوب توجيه الشارع العربي والإسلامي، مطلوب الاتصال بأهلنا في غزة والسؤال عنهم ودعمهم نفسيا، مع استثمار هذه الغضبة في التكاتف والتلاحم ونبذ الخلافات، فكلنا امة واحدة، مع تشجيع كل جهد، رسمي أو شعبي"، مطالبا العلماء والدعاة بتذكير المسلمين في العالم كله بأهمية "اللجوء إلى الله، وإظهار الذل والضعف والعوز له سبحانه وتعالى، والحديث عن ترك مظاهر الترف الآن، وإظهار ان ما يحدث من تضيق واعتقالات إنما هو في سبيل الله عز وجل، والتحدث عن الإخلاص".
 
استطلاع آراء العلماء في المجازر
ويضيف سيد :"كما يجب على الإعلاميين الاتصال بالعلماء الرسميين وسؤالهم عن موقفهم تجاه قفل المعابر، وهل لهم ان يناشدوا الحكام ان يفتحوا باب الجهاد أمام المواطنين، واستفتائهم في حكم التخلي عن إخواننا في غزة، وحكم منع توصيل المساعدات إليهم"، مشيرا إلى أنه يجب "على وسائل الإعلام دعوة الناس لزيارة جرحى غزة الذين يعالجون في المستشفيات بمصر أو الأردن، وإبراز ذلك إعلاميا بصورة توضح الجانب الايجابي للحكام، وتوضح أننا لسنا ضد الحكام بل نحن معهم في خندق واحد".
كما يجب على الإعلاميين الذين يعملون في المجال الفني (المصورين/ رسامي الكاريكاتير/ فنيي الجرافيك) ان يستغلوا قدراتهم التي من الله عليهم بها للتعبير عن القضية، فربما أغنى رسم كاريكاتيري معبر عن كثير من المقالات، وربما كان فلاش أو صورة أو لقطة فيديو أو مقطع صوتي أكثر تعبيرا من مئات الكلمات والموضوعات".
و"على الدعاة نشر روح الأمل في الأمة والحديث عن فضل الشهادة في سبيل الله، ومكانة الشهداء عند ربهم، والدعاء لنصرة أهل غزة، وإلهاب مشاعر الجماهير، وبيان ان الخير في وفي أمتي إلى قيام الساعة كما قال المعصوم صلى الله عليه وسلم، وألا تنحصر الخطبة في إلهاب المشاعر وحسب، بل تقديم أشياء عملية للمدعوين، كصيام يوم في سبيل الله، أو قيام الليل والدعاء لأهل غزة، والتعجيل بالتوبة وترك المعصية، والإكثار من التبتل والذكر والاستغفار، ومتابعة أخبارهم، والتبرع لهم بما نستطيع".
 
تشكيل ضغط إعلامي علي الرأي العام
وفي الختام؛ يوضح أحمد سعد- باحث شرعي وإمام وخطيب المسجد المركزي لشمال لندن أن "واجب النصرة لإخواننا المستضعفين المحاصرين في غزة أمر لا يمكن أن يزايد عليه أحد، والباحثون والإعلاميون محسوبون بين من آتاهم الله العلم والكتاب، وقد أخذ الله عليهم الميثاق أن يبينوه للناس فقال تعالى: (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه..)، ولهذا أنيط أمر البيان بهم فهم مسئولون عنه أمام الله يوم القيامة، لأن هذا تخصصهم؛ فعليهم عمليا أن يعرفوا بالقضية، وأن يفضحوا الممارسات الصهيونية الغاشمة، والعمليات العسكرية الآثمة".
ويضيف الشيخ أحمد سعد :"يجب عليهم أن يتبنوا قضية فلسطين في وسائل إعلامهم، وأن يشكلوا ضغطا إعلاميا علي الرأي العام، العربي والعالمي، للتحرك حثيثا لنصرة القضية، فالآلة الإعلامية اليوم مسئولة عن صياغة عقل وفكر الإنسان في كل مكان، ومن هنا تتبدي أهمية التحرك في فضح ما يجري في فلسطين لتوجيه الفكر الإنساني نحو مشاطرة وجدانية للقضية الفلسطينية، ينتج عنها وعي جماهيري".
وأوضح سعد أنه "يتوجب علي الباحثين والإعلاميين العرب والمسلمين إعمال الضمير المهني، الذي يدعوهم للعدل والموضوعية في تعاطي القضية، بعيدا عن شعارات جوفاء أو مقالات عنترية؛ فالله يقول: (الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله..)، كما يتوجب أيضا عليهم أن يجعلوا وجهتهم البحثية موضوعات تخدم القضية الفلسطينية، مثل البنية الاجتماعية للمجتمع الفلسطيني المحاصر، والآثار النفسية للعدوان علي أطفال غزة، وغيرها من الموضوعات التي تسهم في إنتاج مشروعات تخدمهم".
وردا على سؤال حول الدور الواجب على الخطباء والأئمة في دول أوروبا وأمريكا؛ قال سعد: الأئمة في أوربا لا توجد عليهم التضييقات الأمنية الموجودة في بعض البلاد العربية، لكن توجد حساسيات نحو ألفاظ معينة، وعلي كل إمام أن يعرف ما يجوز وما لا يجوز قوله في بلده، ويدرك حجم المساعدة التي يمكن لجاليته تقديمها، وأن ينسق مع المؤسسات الإسلامية العاملة علي الساحة، وأن يتحرك في هذا الإطار".
"كما يجب أن نبتعد عن شحن الجماهير بطريقة خاطئة تؤدي للإضرار بالجالية المسلمة وسمعتها، بل يجب أن نستثمر هذا الحدث في جذب أنصار جدد من غير المسلمين، ممن يتعاطفون مع القضية، وذلك عن طريق التواصل مع الأساقفة والحاخامات ورجال الدين، وتشجيعهم علي شجب العدوان مع الكتابة لأعضاء البرلمان الوطني والبرلمان الأوروبي لاتخاذ موقف واضح من العدوان، والدعوة للتبرع للمؤسسات الإغاثية وتخصيص حصة لفلسطين في تبرعات الجمعة فير كل مسجد".