هل تدشن وفاة "الحكيم" سلسلة جديدة من الانقسامات السياسية؟
10 رمضان 1430
هشام منور
ما أن أعلن عن وفاة عبد العزيز الحكيم الزعيم الديني والسياسي الشيعي، ورئيس المجلس الإسلامي الأعلى وكتلة الائتلاف العراقي الموحد في البرلمان العراقي، وذلك إثر تدهور حالته الصحية بعد معاناته من سرطان الرئة لسنوات طويلة خلت، حتى كثرت التوقعات التحليلات السياسية حول مستقبل "المجلس الإسلامي الأعلى" الذي يترأسه، وكذلك مستقبل الائتلاف الوطني العراقي (الذي حلّ محل الائتلاف العراقي الموحد السابق).
فإذا كان كثير من المحللين والمراقبين للشأن العراقي الداخلي يتوقعون ألا تؤثر وفاة عبد العزيز الحكيم على التيار الذي يترأسه (المجلس الإسلامي الأعلى)، على الرغم من مكانته الرمزية بالنسبة لأتباعه، وداخل الطيف العراقي الشيعي، إلا أن هناك انقساماً وتضارباً في الرأي حول مصير ومستقبل الائتلاف الوطني العراقي الذي لم يمض على إنشائه سوى أيام قليلة.
فمن غير المتوقع أن يحدث صراع على رئاسة الحزب، بعد أن تم حسم خلافة عبد العزيز الحكيم لصالح ابنه عمار بتدخل من إيران، على اعتبار أن الحزب إيراني الهوى والتمويل، كما يرى ذلك بعض المحللين، سيما أن تقارير إعلامية تسربت حول أن وفاة عبد العزيز الحكيم كانت قد تمت قبل موعد إعلانها بفترة لترتيب أمور تسهيل انتقال سلس للخلافة إلى ابنه عمار الحكيم. فعبد العزيز الحكيم منذ أكثر من عامين وهو يرقد على فراش المرض، وكانت الأمور تسير داخل الحزب دون مشكلات، ودون صراع على السلطة.
وعلى الرغم من أن (عبد العزيز الحكيم) كان يمثل زعامة تاريخية للمجلس الإسلامي الأعلى، وبقاؤه ولو على فراش المرض كان يقي الحزب الصراعات السياسية، إلا أنه، ومن ناحية أخرى، قد يفتح غيابه، في رأي بعض المراقبين، الطريق أمام انقسام محتمل لحزب الحكيم، فالحزب منقسم لثلاثة أجنحة: الأول يقف خلف عمار ابن عبد العزيز الحكيم، ويريد توليته زعامة الحزب، والثاني يقف وراء عادل عبد المهدي نائب الرئيس العراقي الحالي، والثالث: يقوده هادي العامري زعيم منظمة بدر، ويعارض كل من عادل عبد المهدي وهادي العامري مبدأ التوريث في قيادة المجلس الإسلامي الأعلى.
لكن ظروف وفاة الحكيم المفاجئة والترتيبات التي أشيعت بعد وفاته بهدف تسليم ابنه عمار للخلافة من بعده، وضغط حلفاء الحزب (إيران) على بقية أقطاب المجلس الإسلامي الأعلى لتمرير ذلك، يوحي بأن انتقالاً سلساً للسلطة والنفوذ سيتم لابن عبد العزيز الحكيم (عمار).
إلا أن الانتقال السلس المتوقع لقيادة الحزب إلى ابن الحكيم المتوفى، قد لا يكون صحيحاً بالنسبة لرئاسة الائتلاف الوطني العراقي الجديد. فالائتلاف "الوليد" معرض للانقسام والصراع على الحل والعقد فيه، لاسيما بين من سيفوز برئاسة المجلس الإسلامي الأعلى، وبين (إبراهيم الجعفري) رئيس تيار الإصلاح الوطني المشارك بالائتلاف، و(عادل عبد المهدي)، حتى لو لم يخلف الحكيم في رئاسة المجلس الإسلامي الأعلى، باعتباره نائباً لرئيس الجمهورية، وباعتبار ما يملكه من نفوذ سياسي اكتسبه من توليه مناصب سياسية رفيعة.
ويضم "الائتلاف الوطني العراقي" إضافة إلى المجلس الإسلامي الأعلى كلاً من التيار الصدري، الذي يتزعمه (مقتدى الصدر)، ومنظمة بدر، وكتلة التضامن المستقلة، وتيار الإصلاح الوطني، والمؤتمر الوطني العراقي، ومجلس إنقاذ الأنبار، وجماعة علماء العراق (فرع الجنوب)، وتجمع "عراق المستقبل"، بالإضافة إلى حزب الدعوة تنظيم العراق المنشق عن حزب الدعوة الذي يقوده (المالكي)، فضلاً عن "شخصيات ليبرالية" أخرى.
ويبدو أن الائتلاف الجديد الذي أنشئ على عجل لغايات باتت الآن واضحة، سيتعرض لهزات كبيرة بعد وفاة (الحكيم)، وذلك لعيوب موضوعية فيه، أهمها عدم الانسجام بين مكوناته، وصراع أقطابه على رئاسته ومنصب رئاسة الوزراء، وإقصائه لرئيس الوزراء الحالي (نوري المالكي) زعيم حزب الدعوة، والذي يطمح لتكرار ولايته بمعزل عن دعم حلفاء الأمس.
ويبدو أن الرابح الأكبر من موجة الصراعات والتجاذبات القادمة في المجلس الإسلامي الأعلى أو الائتلاف الوطني العراقي ومن وفاة عبد العزيز الحكيم هو (نوري المالكي)، لأنه سيجد نفسه أمام خيارين رابحين. الخيار الأول يتمثل في تفاوضه على دخول الائتلاف الوطني العراقي كزعيم له، وبشروطه، وهو الأمر الذي يمثل غاية طموحه، وكان سبباً في إقصائه من الائتلاف الجديد، أما الخيار الثاني فهو دخول الانتخابات البرلمانية المقبلة منفرداً، أو بتحالفات محدودة، ونتيجة ضعف الائتلاف الوطني العراقي فحظوظه في المكسب ستكون كبيرة.

ويبقى أن قادمات الأيام مرشحة لمزيد من التجاذبات السياسية والصراعات على زعامة الكتل والتيارات السياسية مع اقتراب موعد الانتخابات العامة مطلع العام المقبل، وهو ما يعني مزيداً من عدم الاستقرار السياسي، والأمني أيضاً.