العيد في الأردن
4 شوال 1430
د. جاسم الشمري
منذ أن وصلت إلى الأردن الشقيق عام 2005 والى اليوم ،وأنا أعيش بين أخوتي من الأردنيين والفلسطينيين، والأردن بلد يتشكل من مجموعة من الثقافات والعادات والتقاليد الممزوجة بين الأصالة والحداثة.
وقبل الحديث عن العادات الأردنية في العيد، سنتعرف على شيء من تاريخ الأردن الحديث ،وموقعه حيث يقع الأردن في المشرق العربي في جنوب غرب آسيا، ويشكل الجزء الجنوبي الشرقي من منطقة بلاد الشام ، والشمالي لمنطقة شبه الجزيرة العربية ،والأردن له حدود مشتركة مع كل من سوريا من الشمال، فلسطين من الغرب، العراق من الشرق والسعودية من الجنوب،كما يطل على خليج العقبة في الجنوب الغربي ،وسمي بالأردن نسبة إلى نهر الأردن ،الذي يمر على حدودها الغربية.
عموم المناطق في الأردن هي مناطق جبلية،إلا أن شبكة الطرق الرائعة في المملكة ذللت هذه المصاعب ،بحيث انك لا تشعر بالصعود الجبلي إلا في قمة الجبل.
والحضارة في ارض الأردن شاخصة في كل مكان من موقع معركة مؤتة إلى قلعة صلاح الدين إلى القلاع والحصون والأبراج والقصور والمسارح ومقامات الأنبياء وأضرحة الأولياء في الكرك الذين قضوا في معركة الفتح الإسلامي للأردن .
كل هذه الأماكن هي شواهد لتاريخ هذه الأرض المعطاء منذ أول حضارة منذ الألف السابع قبل الميلاد.
والحديث عن العيد في الأردن ،يعني الحديث قبل كل شيء عن الكرم الأردني وحسن الضيافة ،حيث انك تجد القهوة الأردنية ،حيثما ذهبت في البيوت في المحال التجارية ،وفي كل مكان تقريباً.
ويغلب على الأردنيين الطابع القبلي البدوي، مما يميز الأردن هو التجانس والتمازج ما بين ثقافته، وثقافة البلاد المحيطة به، مثل السعودية والعراق وفلسطين و سورية، بل وحتى الثقافة الغربية.
أما استقبال العيد في الأردن فان العوائل الأردنية ـ وكذلك الفلسطينية الموجودة في الأردن ـ لا تختلف عاداتها وتقاليدها عن العادات والتقاليد في العراق كثيراً،حيث تستعد تلك العوائل للعيد بشراء الملابس للأطفال، والملاحظ أيضاً في الأسواق الأردنية أنها لا تغلق أبوابها حتى الصباح الباكر، في آخر يوم قبل العيد.
ومن العادات الأردنية توجه الناس الى صلاة من الرجال والنساء والأطفال ، حتى انك ترى جموع المصلين في الشوارع العامة إلى درجة أن الشارع العام في وسط البلد يغلق أثناء الصلاة في المسجد الحسيني، وغالباً ما تحدد أماكن معينة لصلاة العيد تكون عادة مناطق متوسطة البعد عن غالبية مناطق العاصمة عمان ،وكذلك الحال في المحافظات الأردنية الاخرى.
وبعد الصلاة يتبادل المصلون التهاني بمناسبة العيد ، ثم ينطلقون لمباركة عوائلهم، وإعطاء أولادهم " العيدية".
ومما اعتاد عليه الناس في العيد ،هو الاجتماع في منزل كبير"العيلة"، كما يقال في اللهجة الأردنية ،والتي هي مزيج من اللهجة السورية والبدوية، والمقصود بها " العائلة "، لتناول طعام الفطور، ويتكون الفطور عادة من مجموعة من الأكلات الأردنية ومنها الفول والفلافل والحمص بطحينة، وهنالك أكلة مميزة تعمل في العيد، وهي كبدة الخروف المحشية بالبقدونس والثوم، وهذه تقطع شرائح ثم توضع في الفرن، وهذه الأكلة منتشرة أكثر بين الفلسطينيين.
وبعد الصلاة ومعايدة الأهل، يخرج الناس لمعايدة " المحارم " وتحديداً، العمات والخالات وبقية الأقارب،ويتم إعطاءهم العيديات، والتي تختلف قيمتها حسب إمكانية الشخص المعطي.
وفي عيد الأضحى غالبا ما تتأخر هذه الزيارات إلى بعد الظهر، وذلك لانشغال الناس بالأضاحي ؛لان غالبية العوائل الأردنية تضحي كل عام تقريباً .
ومن العادات الجميلة الطيبة في الأردن، هي العيدية التي تعطى للكبار والصغار من النساء والأطفال ،لأنهم يعتبرونها نوع من صلة الرحم ،وهي تعطي حتى للنساء المتزوجات، وهذه العادة موجودة في العراق أيضاً، إلا أنها بالنسبة للنساء المتزوجات تكون على مستوى اقل.
 ومن العادات المخالفة للشرع ،هي زيارة القبور في العيد، وهذه العادة موجودة في العراق أيضاً ،إلا أن الذي يميز الحالة في الأردن، أنهم يؤجلون زياراتهم لموتاهم في مواسم الأعياد ؛وهذا ما نقله لي أكثر من صديق أردني، إلا إننا في العراق نزور المقابر في الأعياد، وكذلك في بقية الأيام .
وغالباً ما تخرج العوائل الأردنية أيام العيد ،إذا كان الجو طيباً ولطيفاً،إلى المتنزهات والى الأماكن العامة، وكذلك على جوانب الطرق العامة، حيث تمتاز المناطق في الأردن بكثرة الأشجار والمساحات الخضراء، وعادة ما يكون غداء هذه العوائل من المشاوي، حيث يقوم الرجال بتحضير كل ما يتعلق بالشي من إشعال النار وترتيب اللحوم وكذلك عملية الشواء،وتعد النساء بقية ترتيبات المائدة .
ومن الأكلات التي عادة ما يركز عليها الناس في هذه الرحلات ،فهي الكباب والدجاج وبقية أنواع اللحوم الحمراء، هذا في الحدائق والمتنزهات، أما في البيوت فان العوائل الأردنية تمتاز بعمل المنسف ،الذي هو عبارة عن رز يضاف له اللحم المغلي باللبنة، وهي أكلة بدوية أصيلة ،وتعتبر من أشهر الأكلات في المطبخ الأردني، بينما تمتاز العوائل الفلسطينية بـأكلة "المسخن" الذي هو دجاج مقلي مع رز، ويعد بطريقة لذيذة جداً.
وهنالك عوائل أردنية تفضل الذهاب إلى العقبة في أيام العيد، حيث يتمتع الأردنيون بالأجواء الخلابة لميناء العقبة، والذي ينصح بزيارته في الشهر الثالث أو في الأيام التي يكون الجو معتدلاً.
وعلى العموم، فان مظاهر الاحتفالية بالعيد لدى المواطنين الأردنيين متنوعة، ولكن القاسم المشترك كان الزيارات الاجتماعية والتواصل فيما بين الأقارب والأصدقاء .
ومما لا ينكر هو الاحتضان الشعبي والرسمي الأردني لمئات الآلاف من العراقيين في الأردن،  مما يعكس حقيقة الكرم العربي الموجود في الأردن، وفي كل مكان من دول العالمين العربي والإسلامي، حفظ الله الأردن وبقية الدول الإسلامية من كل سوء، وجعل الله أيامنا كلها أعيادا وأفراحا ومسرات.