الغرب والأقليات الدينية.. بين الشرق والغرب
26 صفر 1432
عبد الباقي خليفة

ذكرنا في عرض سابق، أن السينودس، الذي عقد نهاية العام الماضي، تجمع (كنسي) بخلفية سياسية، تقف وراءه قوى غربية، وأن وراء الأكمة ما وراءها. ولم يكد السينودس أن ينفض حتى شهدت كنائس العراق انفجارات دموية فظيعة، وبدأ بعدها الصوت السياسي متناسقا مع الصوت الكنسي.... وجاءت تفجيرات الإسكندرية لتكشف تلك الحقيقة، التي تعيد للأذهان الدوافع العدوانية للحرب الصليبية الأولى، والحملات العسكرية الغربية التي ساهمت في إسقاط الدولة العثمانية، وتقسيم تركة الرجل المريض، واحتلال بلاد المسلمين ونهب ثرواتها. وأكثر من ذلك ممارسة سياسة إبادة حقيقية، بحق الشعوب المسلمة. ويعد الاحتلال الفرنسي للجزائر نموذجا صارخا في هذا السياق، وكذلك الاحتلال الايطالي لليبيا، وهناك أغاني ايطالية تاريخية تمجد قتل المسلمين، وتصفهم بـ"الأمة الملعونة". وقد تحدثنا في مناسبة سابقة، عن ديكور كنيسة بعظام المسلمين في بولندا. وكانت ثالثة الأثافي، تنصيب أنظمة تضمن مصالح الغرب، بعد أن ربطت بقاءها باستمرار التقسيم الذي أقره وزيرا خارجية كل من بريطانيا وفرنسا سايكس بيكوسنة 1922. وقبل ذلك تدخلت فرنسا في سنة 1920م، في لبنان بزعم حماية النصارى، وفي نفس السنة تم ايجاد دولة جديدة، هي الأردن، وقسموا الشام إلى 4 مقاطعات (مستقلة) سوريا، ولبنان، والأردن، وفلسطين، التي وضعت تحت الاحتلال البريطاني، وكان ذلك مقدمة لتسليمها للصهاينة.

 

مقدمات ونتائج:

واليوم يتحدث بابا الفاتيكان، والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، ووزير خارجية إيطاليا فرانكو فراتيني، (ولا ندري من سيكون اللاحق، لأنهم عودونا على سياسات المراحل الإجرامية المنظمة) عن الإنسانية، وعن حماية الأقليات ومنح الحقوق، في وقت بادروا فيه بتضييق هامش الحريات على المسلمين في أوربا، من خلال قوانين منع الحجاب، ومنع المآذن، والتضييق على المسلمين في حياتهم، حتى وصل الأمر لإجبارهم على مشاهدة الصور العارية (الدنمارك) ليتأكدوا من أنهم (مندمجون). وقد قتل العشرات من المسلمين في حرائق بألمانيا، وفرنسا، وبريطانيا، وايطاليا، وأمريكا. ووصل الأمر لحد قتل النساء بسبب الحجاب، مروة الشربيني، على سبيل المثال.

 

وإذ ما يممنا وجهنا نحو القوقاز، في الشيشان، وأنغوشيا، وفي كشمير، تركستان الشرقية، حيث الإبادة مستمرة منذ عدة عقود، ولم نسمع بابا الفاتيكان، ولا فرنسا، ولا ايطاليا، ولا أمريكا، ولا بريطانيا، ولا غيرها تحدث عن " مخطط شرير لابادة المسلمين في هذه المناطق الملتهبة من العالم!!!

 

وفي قلب أوربا، وتحديدا في البوسنة، والسنجق، لا يزال المسلمون يضطهدون، ويمنع بناء مساجد جديدة في بلغراد، التي كان بها 250 مسجدا لم يبق منها سوى مسجد واحد، وفي عاصمة اليونان أثينا لا يوجد ونحن في القرن 21 أي مسجد. وعلى الصعيد المعنوي رفضوا القيام بأي اجراء ضد الاعتداء على الرسول صلى الله عليه وسلم، في قضية الرسوم. بعد ذلك يطلع علينا ساركوزي في أعقاب حادث، الاسكندرية ليصف ما حدث بأنه " مخطط ديني لتطهير مسيحيي الشرق الاوسط " و" مخطط ديني شرير في المنطقة". طبعا هم يعتبرون أن ما يجري في الشرق، يتم وفق مخطط مرسوم، تماما كما يفعلون هم عندما يعتدون على المسلمين، ويصدرون القوانين للحد من الحريات، والتضييق على المسلمين لدفعم للهجرة.

 

وكما كانت الهجمة على الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن ثم الإسلام والمسلمين، قد دشنها بابا الفاتيكان بتخرصاته على الإسلام، وحديثه عن العقل وهو يؤمن بإله لا يستطيع الدفاع عن نفسه، ويؤسس لمفهوم شيطاني يعتبر الخلاص في قتل الإله، (وقد مات الدين في الغرب فعلا لكنه لم يدفن) حتى قال نيتشه خلاصة ذلك " لقد دق آخر مسمار في نعش الإله ".

 

قلت كما كانت الموجة المستمرة امتدادا لتصريحات بابا الفاتيكان، فإن الموجة الجديدة من التصريحات السياسية أعقبت التصريحات البابوية، التي دعا فيها دول العالم، ويعني الغرب، لحماية نصارى الشرق، بزعمه.

 

حرق المصحف في الغرب:

لم يتحدث أي مسؤول غربي عن جرائم حرق المصحف الشريف، بالنبرة التي تم الحديث بها عن الاعتداءات التي طالت النصارى في العراق ومصر مؤخرا، والتي لا يستبعد أن يكون للغرب نفسه يد فيها، فقد ارتكبت أجهزة الاستخبارات الغربية جرائم ضد شعوبها من أجل تحقيق مصالح معينة، وتبرير سياسات ذات أجندة خاصة. ومن الجرائم ما قام به متطرف فرنسي في بداية شهر أكتوبر 2010 م حيث قام ببث شريط فيديو على الانترنت، وهو يحرق صفحة من المصحف الشريف، ثم يتبول على رمادها، وذلك على مدى ساعة كاملة. وفي فرنسا أيضا تعرضت مقبرة إسلامية للتدنيس، في نهاية شهر سبتمبر 2010 م وطال ذلك 36 قبرا، رسم عليها الفاشيون صلبانا معقوفة. ولم نسمع ساركوزي أو غيره يدين هذه الجرائم الهمجية القذرة.وقد جاء ذلك بعد أن دعا القس الأمريكي تيري جونز المشرف على كنيسة " دوف التنصيرية" إلى تنظيم حملة لإحراق القرآن، في الذكرى التاسعة لهجمات 11 سبتمبر.وهو ما قامت به مجموعات نصرانية متطرفة، بتمزيق صفحات من القرآن الكريم أمام البيت الأبيض، بدعم مما يوصف بحزب" الشاي" في الولايات المتحدة وهو أحد أذرع الحزب الجمهوري الأمريكي. ولم يتحدث ساركوزي ولا فراتيني فضلا عن بابا الفاتيكان عن هذه الاعتداءات التي تغذي العنف، والذي لم ولن يمنعه عدم تبريره، بل وإدانته.

 

حرب إبادة صامتة:

العدوان الذي يشن على الإسلام والمسلمين، في الغرب، هو حرب إبادة صامتة، إذ أن الحرب النفسية، والإجراءات القانونية، والإبادة المعنوية باستهداف المفردات الثقافية للمسلمين، أشد من الإبادة المادية" فـ"الفتنة أشد من القتل". وفي هذا الإطار يتنزل العدوان المستمر في هولندا من قبل اليهودي المتطرف، قيرت فيلدرز، والذي يعبر عن كراهية مقيتة للإسلام، وبالتالي يسئ للمسلمين بتخرصه المستمر على دين التوحيد الوحيد في العالم.وقوله بأن " الإسلام يجرد المسلمين من قيمهم الإنسانية " بينما الإسلام تجسيدا حقيقيا للانسانية، التي يفتقدها أي دين محرف آخر. وقد تناولنا هذه القضية في متابعة " الأسس الأيديولوجية والأبعاد الجيوسياسية للعدوان على المسلمين" وزعم فيلدز أن "الإسلام هو سبب التخلف في مجالات الديمقراطية والتنمية الاجتماعية في العالم الإسلامي، على رأسها اضطهاد المرأة المسلمة " بينما الحقيقة هي أن " الغرب والصهاينة في العالم بدرجة أولى، لا يرغبون في إرساء نظم ديمقراطية في العالم الإسلامي، ويتعاملون مع الأنظمة الديكتاتورية ويحمونها من شعوبها، وقد أثبتت الوقائع أن لا تنمية حقيقية في غياب الحوافز الثقافية للتنمية من منطلق إسلامي. أما الاستسلام لله، فهي مزية الإسلام التي يفتقدها فيلدز، وهي ذات أبعاد روحية عميقة لا يمكنه وأمثاله إدراكها، ولا علاقة لها بالتواكل الذي ينهي عنه الإسلام، وتكرسه أديان أخرى. وكذلك طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، والذي نفتخر أنه قائد الدولة الإسلامية المفقودة للأسف. والإيمان بالقضاء والقدر، لا يعني العجز، ولكن يعني بذل الوسع،واستخدام كل الوسائل والطرق، سمها القرآن الكدح" يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه" والكدح يناقض الاستسلام بالمفهوم الذي أراد فيلدز الإيهام به جهلا. ولم يتحدث أحد عن فيلم الصهيوني فيلدز الذي يربط الإسلام بالعنف، ولو قرأ ذلك الجهلوت التلمود مرة واحدة بل والتوراة لعرف معنى المرأة في الإسلام واليهودية،و لتوقف عن بذاءاته وتكرار الإغراء بالجهل في تخرصاته. ثم تحدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، مشاعر مليار ونصف المليار من المؤمنين المسلمين بتكريم صاحب الرسوم المسيئة الدنماركي قيرد فيستر قرد.

 

العدوان على الإسلام:

كما يستمر العدوان على الإسلام، وعلى الوجود الإسلامي وعلى بناء المساجد والمراكز الإسلامية، كما حصل في استراليا نهاية شهر سبتمبر 2010 م، حيث تم إنشاء " مجموعة ضغط " ضد مشروع إقامة بناء مركز إسلامي، بزعم أن بناؤه سيؤدي إلى هبوط حاد في أسعار العقارات، رغم أن المسلمين، يبنون مساجدهم للحاجة، وليس كما يفعل النصارى في ديار المسلمين، من أجل الإيهام بالكثرة. ويستمر التمييز ضد المسلمين في الغرب عموما، ولا سيما الولايات المتحدة، حيث هناك مئات القضايا المرفوعة، ومنها جرائم قتل، وتمييز ديني وعنصري، وهي جرائم تسبق أحداث 11 سبتمبر، وإن تنامت بعدها بشكل رهيب.

 

وفي بداية أغسطس 2010 م أعلن متطرفون في الولايات المتحدة، أنهم يعتزمون إطلاق الكلاب على المسلمين، في صلاة الجمعة. وقد حذر المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (ك ير) نهاد عوض، في متصف سبتمبر 2010 م من تنامي حالة العداء والاضطهاد ضد المسلمين في الولايات المتحدة، حيث تلقى المجلس، أكثر من 17 ألف شكوى لمسلمين تعرضوا لمضايقات في أعمالهم بسبب أنهم مسلمون. ولم نسمع ساركوزي، ولا فراتيني، فضلا عن بابا الفاتيكان يتحدث عن قضايا المسلمين، ولو أنه لم يتحدث عن العراق ومصر لقلنا أن قضايا الفضائح الجنسية داخل كنيسته قد شغلته عن التعبير عن تعاطفه مع المسلمين، فضلا عن تبني قضاياهم ودعوة دول العالم لحمايتهم. وقد رأينا الضجة التي أحدثها مشروع مسجد نيويورك، فهل يتمتع المسلمون في الغرب بما يتمتع به النصارى في الشرق من حرية التدين، وهل هناك أحد يسأل نصارى الشرق عند استخراج الوثائق الرسمية مثلا عما إذا كانوا يؤيدون زواج المثليين أم لا، وإجبارهم على مشاهدة الصور العارية للتأكد من اندماجهم. إلى هذه الدرجة وصلت البربرية في أوربا القرن 21. بينما يستمر مسلسل العدوان على الإسلام والمسلمين، في جهود متواصلة تهدف لتغذية العنف، (ضد النصارى) باسم محاربته، مثل الاعلان نهاية شهر سبتمبر الماضي، عن إصدار كتاب جديد لدنماركي يدعى، فلمنغ روز، يحتوي رسوم كاريكاتورية في 499 صفحة.وفي الوقت الذي يقول فيه فيلدز ما يشاء ويتخرص بدون رادع ضد الإسلام والمسلمين، تم تغريم جماعة مسلمة في هولندا يوم 19 أغسطس الماضي بمبلغ 2500 يورو بسبب رسم يسخر من المحرقة، والرسم لا (ينكر) المحرقة، ولكنه يلفت إلى أن غير اليهود قتلوا في الحرب العالمية الثانية، مشيرا إلى عدد كم القتلى متسائلا" هل كل هؤلاء يهود ". وقد أعقب تلك المهزلة الحقوقية في بلد يضم محكمتين دوليتين، تبرئة اليهودي قيرد فيلدز من العنصرية والتمييز ضد المسلمين.ولا تزال وسائل الإعلام تتحدث عن تزايد نزعة العداء للإسلام والمسلمين، دون أن نجد من يردع هذه الممارسات المشينة، لكن عندما يصدر رد فعل طائش هنا أو هناك تقوم الدنيا ولا تقعد في إدانته والحديث عن مخطط ديني شرير يهدف لإبادة النصارى في الشرق؟!!!!

لا أحد يبرر، ولا أحد يختلق الأعذار، فالتبرير والإدانة لن توقف ردود الأفعال، وإنما موقف متوازن وعدم تقسيم العالم إلى أبناء الجارية، وأبناء الحرة، في وقت يزعم الجميع أن عهود الميز قد ولت إلى الأبد؟!!!!

 

الحرية واحدة لا تتجزأ:

لقد سمعنا في أعقاب الهجوم على كنيسة الإسكندرية، خطابا غريبا وممجوجا وانتقائيا حول حقوق الإنسان والحريات، وقال البعض "خذوا 10 كاميليا و10 وفاء" كما لو كان في سوق خضار، يعرض البصل والبطاطا للمساومة والمقايضة. وقال آخر في برنامج تلفزيوني عرض مؤخرا "هل قضية نساء أسلمن أهم من المعتقلين في سجون الاحتلال" وهو خطاب شيزوفريني، يقسم حقوق الإنسان ويفاضل بينها، وهي كل لا يتجزأ. وهي قضية لا يمكن إدخالها في مفاضلات، ومساومات ومقايضات، لأن الحقوق واحدة، والحريات عامة. ولا يمكن أن يسكت عن قضية لصالح قضية أخرى، لا سيما وأن السكوت هنا لا يخدم أي قضية هناك، كما أراد أن يوهم البعض. فهل الحديث عن التنمية وأماكن العمل، يلغي الحديث عن الحجاب والصلاة،وهل هذه تدخل في مجال الأولويات، أم أنها حلقات مترابطة وكل لا يتجزأ. وبالتالي فإن تقدم 14 محاميا وصحافيا مصريا ببلاغ للنائب العام يطالبون من خلاله الجهات المختصة بكشف مصير كل من وفاء قسطنطين، وماري عبدالله زكي اللتين أشهرتا إسلامهما أمام شيخ الأزهر، إضافة إلى كاميليا شحاتة زاخر زوجة كاهن المنيا، هو في صلب نضال مصر كل مصر من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، والتنمية والتقدم في مصر، والبلاد العربية والإسلامية. وربما جاء تفجير الإسكندرية بهدف إيقاف هذا الحراك الحقوقي، لأن النصارى خبراء في إيذاء أنفسهم من أجل تحقيق أهداف ضد الإسلام والمسلمين. ونحن هنا لا نتحدث من فراغ، ولنعد قليلا إلى الوراء، ونستعرض جريمة واحدة من جرائمهم حدثت سنة 1981 م عندما أعلن للعالم أن بابا الفاتيكان المقبور،يوحنا بولس الثاني، الذي زعم وزعمت أبواقه أنه تعرض لمحاولة اغتيال من قبل مسلم تركي يدعى محمد علي أغا،(19 عاما عند تنفيذ المسرحية) وقد أكد الأخير أن الخطة تم التخطيط لها في داخل الفاتيكان، لتسعير الحرب ضد الشيوعية، واتفق على أن يجلب السلاح من النمسا بالاتفاق مع الكاردينال كاسيرولي أوغيستينو، وأن يطلق النار على بابا الفاتيكان في بطنه وليس على رأسه، بينما كان الرصاص من الفوشيك،وتلقى مقابل ذلك مبلغ 50 ألف دولار. وبعد عامين من ذلك مثل بابا الفاتيكان مسرحية العفو على أغا، تماما كمسرحية القيام من الأموات.ومحمد علي أغا لا يزال حي،ا وقد أدلى بهذه الشهادة التاريخية، لتشرح لنا جانبا من النفاق السياسي والكنسي الرسمي. وفي التقرير السنوي لعام 2011 م الذي يصدره المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، نجد هلع غربي من انحسار الهيمنة " الهيمنة الغربية على العالم، تصل إلى نهايتها بفعل صعود قوى جديدة كالصين والهند والبرازيل" وتوقع التقرير أن " تكون منطقة الشرق الأوسط مسرحا لمواجهة مستقبلية بين الفاعلين الدوليين الأساسيين " ومن هنا تبرز أبعاد وأهداف ضرب الكنائس في العراق ومصر، ومحاولات تفجير الأوضاع في لبنان أكثر مما هو حاصل، وغيرها.

 

اعترافات وحقائق:

وفي الوقت الذي تركز فيه السهام على الشرق، لا نجد الغرب قد تجاوز كما أسلفنا قضية حقوق الأقليات،وقد اعترف الكثير من الغربيين أنفسهم، بأن " هناك عدم مساواة في المعاملة الدينية أوروبيا"وقد جاء هذا الاعتراف من قبل مستشار الأمم المتحدة، لحرية الأديان، الفيلسوف الألماني، هايتر بيللدت،الذي أكد أيضا على أنه كان " لصالح علاقة تخلو من الحرب على الرموز الدينية" وأشار إلى " فجوة ملحوظة بين الأغلبية والأقلية الدينية في القارة".

 

وفي بداية شهر ديسمبر الماضي، وتحديدا في 3 ديسمبر 2010 م، دعا منسق الاتحاد الأوروبي، المسؤول عن مكافحة الإرهاب، غيل دي كيرشوف، إلى مكافحة التمييز الاجتماعي ضد المسلمين في أوربا، وذلك في ختام اجتماع وزراء الداخلية والعدل في الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، ولكن الكلمات في واد، والواقع في واد آخر. كما تحدثت برقيات كشفها موقع ويكيليكس، أن الأمريكيين يراقبون الضواحي الفرنسية ذات الكثافة السكانية القوية من المهاجرين، ويبدون مخاوف من أن يثير التمييز ضد المسلمين أزمات متكررة، مما يجعل فرنسا دولة ضعيفة وحليفا أقل فعالية. ووفقا للوثيقة " المشكلة الحقيقية هي فشل فرنسا البيضاء والنصرانية في اعتبار المواطنين أصحاب البشرة الأكثر سمرة والمسلمين كمواطنين فعليين " فلينظر ساركوزي إلى أفنيته داخل فرنسا، ويوقف الإبادة في بلده، لا سيما وأنه من جذور غير فرنسية، بدل أن يضع نفسه في موقف من يعطي الدروس للآخرين، ويصنف القضايا في العالم. ولأن جميع الشرور التي تطال المسلمين في العالم وراءها الصهاينة، فإن البعض ممن توجهوا في موكب يهدف لكسر المقاطعة الأكاديمية الدولية للصهاينة تعرضوا لإهانات بالغة، لأن أصلهم عربي، حتى وأن كانوا مؤيدين للصهيونية، مثل دونا شلالا، التي أوقفت في مطار اللد، لمدة ساعتين ونصف الساعة، وتعرضت لمعاملة مهينة من قطعان الشرطة الصهيونية، لأن اسم عائلتها عربي، وذلك رغم إبلاغ الصهاينة في المطار بأنها شخصية مهمة. وهذا لا يعتبر شيئا أمام المجازر التي يتعرض لها الفلسطينيون بشكل شبه يومي، متزامنة مع فتاوى يهودية تجيز استخدام الفلسطينيين دروعا بشرية. وفي الوقت الذي يتحدث فيه بابا الفاتيكان، باستمرار عن التضييقات التي يتعرض لها النصارى في الصين، لم يتحدث مرة واحدة عن المسلمين الايغور، الذين يتعرضون للإبادة في الصين ذاتها. فضلا عن قضايا المسلمين في الشيشان، وكشمير، والفلبين، وبورما، ميانمار، وغيرها. بل إنه لم يلتفت ولو مرة واحدة لما يعانيه المسلمون في صربيا، حتى أن وزيرا مسلما محسوب على تيار الموالاة لبلغراد، لم يستطع السكوت عن معاناة شعبه قائلا" إن المسلمين لا يستطيعون أن يحصلوا على أدنى حقوقهم في صربيا" ويا ليت مصر تعامل الأقباط كما يعامل الصرب مسلمي السجنق وواد بريشيفو وغيرهما.على مصر، أن تشكل فرقا مشتركة بين المسلمين والأرثذوكس في مصر، لزيارة روسيا، وبلغاريا، وصربيا، ليعرف الأقباط النعيم الذين يتبحبحون فيه تحت حكم أغلبية المسلمين.بدل الانخراط في لعبة الإرهاب والأقليات التي يعمل الغرب على اتخاذها مطية للتدخل في الشرق، لوقف عودة الشرق إلى ذاته الحضارية التي مسخها الاحتلال، ووكلاء الاحتلال، ففي كل تدخل في موضوعي الإرهاب والأقليات هناك عبارات شريرة حيال الإسلام والحركات الإسلامية، كالتي صدرت عن المطران اللبناني رايولا انطوان بيلوني، وأسقف الأقصر المطران يوهاتس زكريا،الذي زعم بأن الفتيات القبطيات يتم تحويلهن للاسلام بالقوة، ومطران الموصل، وغيره، فيما يسمى سينودس الشرق في أكتوبر الماضي.على الغرب أن يضرب المثال في معاملة الأقليات، لا أن يضرب المثال في الشرق، والذي يأتي بنتائج عكسية، بسبب سياسات الغرب نفسه.