لا تزعجوا جامعة الدول العربية!
7 شوال 1432
حمزة إسماعيل أبو شنب

منذ بداية الأحداث في تونس وامتداد الثورات العربية لتشمل مصر وليبيا وثم اليمن وسوريا ونحن لا نسمع صوتاً حقيقياً لجامعة الدول العربية , لا عبر أمينها العام السابق عمرو موسى ولا أمينها العام الجديد نبيل العربي ، وظل دورها مقتصراً على التعليق والتعقيب وفي أغلب المراحل الصمت المتقطع.

 

لم نكن  نتأمل من الجامعة العربية خلال الفترة الماضية أي دور في ظل حالة الانهزام التي كانت تعيشها معظم الدول العربية خلال حكم الطواغيت ، فكانت قرارات الجامعة تمثل وجهة نظر في أغلب الأحيان أو كمن يتابع الأحداث من بعيد ويعلق عليها ، والتجربة واسعة جداً مع الأوضاع العربية ، فلا موقف يذكر من الثورات العربية ومن قبل ذلك حصار غزة وتقسيم السودان والحرب على العراق والكثير الكثير من الحالات التي كان يفترض فيها مواقف شجاعة للجامعة .

 

رغم التغيرات العربية الحاصلة في العالم العربي إلا أن دور الجامعة مازال غائباً ، ولا مواقف تذكر على الساحة السياسية العربية سوى بعض العبارات المخجلة أو المنددة وهذا لا جديد فيه منذ زمن ولا تغير في المضمون ، فلا موقف واضح من الأوضاع في سوريا وغياب الدور في الأوضاع اليمنية مع تجاهل الأوضاع في ليبيا وكأن ليبيا دولة أفريقية وليست عضواً في الجامعة العربية .

 

حالة جامعة الدول العربية هي التي سمحت لقوات حلف شمال الأطلسي بأن تقود التغير في ليبيا ضد نظام معمر القذافي ، وهنا لنا تحفظ شديد على موقف الثوار من الموافقة على دخول حلف الأطلسي في المعارك الدائرة في ليبيا ، ومع تقدير واحترام موقف الثوار غير أن الثائر يتجرد من ثورته عندما يعتمد على الخارج ، لذا قد يكون صمت الجامعة هو سبب ولكن ليس مبرر .  

 

قد تكون الجامعة العربية عاجزة عن فعل شيء يذكر أمام غطرسة الطواغيت وأمام المذابح التي ترتكب بحق أبناء الأمة العربية ، لذلك لم يقدم أمينها العام نبيل العربي  جديد يذكر على الساحة العربية ، وبقي يراقب الأوضاع من بعيد ، ولكن السؤال المطروح اليوم : ما هو موقف الأمين العام الجديد من حصار غزة ؟  وما هي خطواتهم للرد على القرارات المتحيزة من قبل الأمم المتحدة لصالح الكيان الصهيوني ، والتي كانت آخرها اعتبار حصار غزة شرعي وقانوني .

 

لقد سجلت تركيا علامات فارقة خلال السنوات الأخيرة في المواقف الإيجابية لصالح العالم العربي ، ولعل أبرزها مواقفه من الحصار على غزة ، وزيارة الصومال في الوقت الذي لم يزرها أي قائد عربي أو الأمين العام لجامعة الدول العربية ، ولعل المقارنة بين تركيا والجامعة العربية قد فتحت أبوابها منذ مؤتمر دافوس 2009 حين غادر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردغان المنصة احتاجاً على خطاب رئيس دولة الكيان شمعون بيرس ، وبقي عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية جالساً .

 

لقد اتخذت الجامعة العربية قراراً بكسر الحصار عن قطاع غزة ، ولكن للأسف لم ينفذ على أرض الواقع ولم نشاهد أي قوافل عربية رسمية من قبل الجامعة ، في الوقت الذي انتفضت فيه القوافل العربية والإسلامية الشعبية من شتى بقاع الأرض لترسم معالم الأخوة والترابط بين العالم العربي والإسلامي على أرض غزة .

 

المطلوب اليوم من الأمين العام الجديد للجامعة العربية هو أن يتخذ موقفاً واضحاً تجاه حصار قطاع غزة ، وأن يتم تنفيذ القرارات السابقة التي لم تنفذ بعد ، وتغيير الموقف من حركة حماس في غزة وتركهم من اللهث خلف سراب الأمم المتحدة التي شرعت الحصار على غزة ، بالإضافة إلى دعم الدول العربية ، ولعل السودان وسوريا اليوم بحاجة لموقف عربي قوي يساندها في ظل الثورات العربية  .

 

موقف الأمين العام للجامعة العربية عندما استنكر العملية البطولية في إيلات يجعلنا نقف أمامه كثيراً ، ونقول لتركيا لا تزعجوا الجامعة العربية بمواقفكم تجاه القضية الفلسطينية ، لا تزعجوا الجامعة العربية في زيارة الصومال والتفكير الجدي في زيارة غزة ، وهذا الأمر ينطبق أيضاً على الشعوب العربية والإسلامية الحية التي تحرج الجامعة العربية والتي مازالت على يقين بأن الجامعة العربية لم يطرأ عليها أي تغيير بعد .