الحوار المعمق ما هو المطلوب؟
2 ذو القعدة 1432
حمزة إسماعيل أبو شنب

لقد أعلن محمود عباس بأنه قادم إلى أرض الضفة الغربية من أجل حوار معمق مع حركة حماس يطرح فيه كافة القضايا وليس المصالحة فقط ، يأتي ذلك بعد خطابه في الأمم المتحدة يوم الجمعة وإعلانه من على المنصة بأنه ضد خيار المقاومة المسلحة وأنه مع المقاومة الشعبية السلمية فقط بالإضافة إلى العودة للمفاوضات ، وهذان الموقفان يتعارضان مع مواقف حركة حماس ، فمن أين سينطلق الحوار المعمق ؟ وماذا سيطرح عباس على حماس ؟

 

يحاول عباس في خطواته أن يحرز انتصاراً في السياسة الخارجية و في إثارة عواطف الشعب الفلسطيني ، وقد نجح في ذلك في الوقت الذي كان موقف حماس غير واضح قبل ذهابه للأمم المتحدة وهو ينتظر الآن عملية التصويت بعد التصفيق الذي حظي به أثناء الخطاب ، وحتى لو فشل في تحقيق الثلثين في مجلس الأمن _ وهذا وارد جداً _لكنه سيعتبر نفسه قد انتصر في المعركة سواء على الصعيد الخارجي أو على الصعيد الداخلي ، أمام منافسته حركة حماس ، فهل لذلك يريد الحوار الآن معها وهو في موقف القوي حسب وجهة نظره !

 

العديد من القضايا العالقة بين حماس وفتح كان يجب أن تنتهي قبل الذهاب إلى الأمم المتحدة ، وعلى رأس هذه القضايا ملف المعتقلين السياسيين في الضفة الغربية ، بالإضافة إلى المصالحة الاجتماعية في القطاع ولكن لم يتم إحراز أي تقدم في كلا الملفين ، وكان قد سبق ذلك تأجيل ملف المصالحة وتشكيل الحكومة برمته ، جميع المعيقات السابقة نسفت جهود المصالحة فهل عند عباس اليوم أي جديد ليقوله في الحوار المعمق ؟

 

 

هناك أمور عديدة يجب معرفة موقف عباس منها قبل الحديث عن حواراته الشاملة مع حماس ، أولها خيار المقاومة المسلحة والذي ألغاه عباس في خطابه ، فكيف سيتوافق مع حماس في هذه النقطة ! أما قضية المفاوضات فهذا عمق الخلاف الجوهري بين الطرفين ، فمازال عباس يؤمن بأن المفاوضات هي السبيل الوحيد للتحرير !! ويرفض كافة الخيارات الأخرى بالرغم من أن المقاومة المسلحة حررت قطاع غزة خلال خمسة أعوام ، في الوقت الذي لم نحصل على شيء يذكر خلال عشرين عاماً من المفاوضات سوى التنسيق والتعاون الأمني الذي يعتبره الشعب خيانة وطنية ، فما موقف أبي مازن منه في الوقت الذي تشيد الأجهزة الأمنية الصهيونية بالتعاون التام خلال خطاب أبي مازن لمنع التظاهرات من أن تتحول إلى مواجهات ، وقامت أجهزته بالضفة الغربية باستدعاء واعتقال العشرات من عناصر حماس للحفاظ على الهدوء .

 

 

المطلوب اليوم من الحوار المعمق الذي ينادي به عباس أن يغلق الأخير الصفحة الماضية من قضية المفاوضات ، ويوقف التنسيق الأمني مع الاحتلال وأن يفرج فورا عن المعتقلين السياسيين الفلسطينيين في سجون الضفة الغربية .. هذه القضايا هي مفتاح أي حوار معمق ويجب على حركة حماس أن لا تقبل بغير ذلك .

 

 

قناعات عباس لا يمكن أن تتبدل ولا يمكن لنا أن نفهم الرجل وهو يحارب في الساحة السياسة من جانب ويرفع وتيرة التنسيق الأمني من جانب آخر تحت بند لا مفاوضات سياسية ، والدعوة التي أطلقها للحوار المعمق غالباً ما تكون جزءاً من الأوراق التي يمتلكها ويناور بها من أجل الملفات الأساسية ، لذلك من المرشح أن ينتج عن الحوار المعمق الفشل الذريع إلا إذا تخلى عباس عن خياراته السابقة .