الانتخابات وموسم التحريض ضد الإسلاميين
29 ذو القعدة 1432
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

حالة من الغيظ والحقد تسيطر على التيارات العلمانية تجاه الإسلاميين مع قرب الانتخابات البرلمانية في مصر وبدء انتخابات المجلس التأسيسي في تونس, وهما بلدان يشهدان مرحلة حرجة بعد الثورة التي أطاحت بنظامي مبارك وزين العابدين..

 

هذه الحالة بدأت بعد وقت قصير من الثورة في البلدين وارتفعت حدتها مع اقتراب الانتخابات وصعود أسهم التيار الإسلامي والتفاف الناس حوله وتأكيد الاستطلاعات على اقترابه من الحكم وهو ما حدث بالفعل بعد ظهور النتائج الاولية في تونس..المدهش أن الاسلوب العلماني في كلا البلدين واحد تقريبا ويستخدم نفس العبارات ويوجه نفس الاتهامات ووصلت به البجاحة والغلو إلى اتهام الشعب بالجهل والرجعية لأنه قرر اختيار الإسلاميين!..

 

لقد شن التيار العلماني في تونس حملة على حزب النهضة وكال الاتهامات لزعيمه راشد الغنوشي رغم تصريحات الغنوشي المطمئنة والتي أشاد فيها بتجربة حزب العدالة التركي واعتزامه السير عليها..الحقيقة أن هجوم العلمانيين على حزب النهضة كشف نواياهم السيئة لأن حزب النهضة لا يمكن أن يمثل أي نوع مما يسميه العلمانيون "تطرف" ولا يمكن أن يأتوا بأي مفهوم "معتدل" ـ كما يدعون ـ يختلف عن الافكار التي يدعو إليها النهضة مما يؤكد أن المقصود هو الإسلام نفسه وتنحيته تماما عن حياة الشعب المسلم في تونس وليس محاربة "التطرف والإرهاب" كما يزعمون..لقد طالب عدد من العلمانيين الغنوشي بالرحيل عن البلاد وهو يدلي بصوته في الانتخابات وحاولوا الاعتداء عليه.. فهل هذه هي الديمقراطية وقبول الآخر التي يدعو إليها العلمانيون؟! أم أن المقصود بالدعوة لهذه المفاهيم هو أن يقبل الإسلاميون تولي "المسيحيين" للمناصب المؤثرة في البلاد, والسماح بوجود أحزاب شيوعية وماركسية لا تؤمن أصلا بالأديان لكي تخدع الشعوب المسلمة وتفعل بها كما فعل الطغاة الذين أزالتهم الثورة؟!

 

العجيب أن اتهامات الرجعية التي يوجهها العلمانيون للإسلاميين تنطبق أكثر عليهم فهم يرفضون الديمقراطية التي تاتي بالإسلاميين للحكم ويزعمون أن الشعب جاهل لا يعرف مصلحته وأنهم يحمونه من نفسه بعزل الإسلاميين كما كانت الانظمة البائدة تفعل تماما فما الفارق إذن بين دكتاتورية مبارك وزين العابدين ودكتاتورية العلمانيين الآن؟..

 

في مصر الحملة قادها عدد من الإعلاميين المشبوهين الذين كانت لهم علاقات وطيدة بدوائر مهمة في نظام مبارك وكانوا يتعاونون معها في الحرب على التدين والإسلام إبان فترة التسعينيات من القرن الميلادي الماضي والتي شهدت مواجهات عنيفة بين بعض الجماعات الإسلامية والسلطة, كما يشترك في الحملة بعض الاحزاب "الكرتونية" الهشة التي تسعى لتبرير فشلها المتوقع في الانتخابات القادمة, ويمنح هؤلاء المساحة والفرصة للوصول للناس فضائيات وصحف تدور على مصادر تمويلها الكثير من علامات الاستفهام حتى وصل الامر لبعض العاملين فيها للاستقالة احتجاجا على غموض هذه المصادر...

 

لقد خرج بعض الشيوعيين المصدومين من زوال نظام مبارك من قمقهم لكي يشاركوا في الزفة ويعيدوا نفس الاتهامات الممجوجة للتيار الإسلامي فوصفوا جماعة الإخوان بالجماعة "الإرهابية" وأعادوا سرد قصتهم مع عبد الناصر "مشيدين بالقيادي الفذ الذي تمكن من تحجيم الجماعة", ووصفوا السلفيين بـ "الوهابيين" المدعومين من الخارج وامتدحوا "الإسلام المعتدل" في إشارة إلى الصلاة والصيام لمن أراد دون تدخل للشريعة في القضايا الاقتصادية والاجتماعية وتركها لماركس وفرويد ينظمانها للمسلمين..

 

والسؤال هل يمكن لمن يشيد بنظام عبد الناصر أن يكون داعية للحرية والديمقراطية ويتهم الآخرين بالفاشية؟ وهل يمكن لمن تحالف مع أركان نظام مبارك لمعاداة الإسلام أن يكون داعية للانفتاح على الآخر؟ "طبطب" العلمانيون على "المسيحيين" بعد أن قتلوا جنود الجيش وتوعدوا السلفيين بالويل والثبور وعظائم الامور عندما رفعوا أعلام التوحيد خلال مليونية الارادة الشعبية, واستشاطوا غضبا عندما صرح الإخوان بأنهم سيترشحون في معظم الدوائر الانتخابية, فهل ظهر الآن لمن يدين هؤلاء بالولاء وإلى أي طريق يريدون توجيه الأمة "الجاهلة", على حد زعمهم؟