مقتل خليل إبراهيم.. فتح النار أم قمع التمرد؟
3 صفر 1433
تقرير إخباري ـ إيمان الشرقاوي

فتح مقتل رئيس حركة العدل والمساواة المتمردة في إقليم دارفور السوداني خليل ابراهيم خلال معارك مع القوات الحكومية بمنطقة ود بندة بين شمال دارفور وشمالي اقليم كردفان أبواب توقعات كثيرة حول مصير الحركة ومستقبل دارفور بين اشتعال الحرب مع الحكومة أو تهدئة الصراع فيها ، فضلا عن الجدل الكبير الذي أثاره اغتيال خليل في الأوساط الدولية، والحديث عمن سيخلفه فى توليه رئاسة الحركة .

 

فمن جانبه اعتبر الحزب الحاكم أن مقتل زعيم حركة العدل والمساواة شهادة وفاة للحركة وللتمرد في دارفور، وأن بموته تكون الحركة قد انتهت حيث إن خليل هو كل العدل والمساواة، مشيرا إلى أن ما تبقى من قوات الحركة عناصر في حالة احباط وارتباك شديد لأنه لم يكن لديها مبادرة أو دور وإنما كانت طوع خليل.

 

بينما ذهب وزير الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة إلى أن مقتل إبراهيم لكل المتمردين وحملة السلاح ويمثل النهاية الطبيعية للذين يقودون بلادهم الى الاقتتال والحرب، مشيرا إلى أن خليل ظل يلتف حول كل الاتفاقات التي جرت معه ويصر على حمل السلاح ف"روع الآمنين وقتل الأبرياء وشرد المواطنين في سبيل ان يصل الى كرسي السلطة"، بحد قوله.

 

وفي المقابل قللت المعارضة من أثر مقتله على الحركة وبقية الكيان المعارض الموقعين على تحالف الجبهة الثورية من أجل اسقاط نظام الخرطوم على السواء  ، وحذرت في ذات الوقت من ان يؤدي مقتله إلى إذكاء الحرب في دارفور.
وحملت الحركة مسئولية ما وصفته بتواطؤ ومؤامرة من بعض الأطراف في المحيط الإقليمي والدولي مع "نظام الإبادة الجماعية في الخرطوم".

 

واعتبر عدد من الخبراء العسكريين أن مقتل خليل إبراهيم كان نتيجة حتمية لرفضه فرص السلام وآخرها اتفاق الدوحة آملين أن تغير الحركة من توجهها الرافض للتوقيع على التسوية القطرية لحل أزمة دارفور والذي كان يرفضها خليل إبراهيم، مشيرين إلى أن من أبرز المرشحين لرئاسة الحركة ومستقبلها، هو جبريل خليل نائب رئيس الحركة للاتصالات الخارجية، وشقيق الراحل .

 

بينما رأى البعض الآخر أن رحيل الرجل بتلك الطريقة لن يغلق أبواب الحرب في دارفور، فالكثيرين من أهل دارفور يرون في خليل زعيمهم ومخلصهم من الحرب والتهميش والظلم وقسوة النزوح التي يعيشها أهالي الإقليم المنكوب، فضلا عما له من شعبية وسط قواته والذين قد يسعون للانتقام ممن تسببوا في مقتله لتتسع رقعة الحرب.

 

وعن كيان الحركة بعد اغتيال خليل إبراهيم قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إن مقتله يمثل ضربة قوية لحركة العدل والمساواة التي أسسها قبل عدة سنوات وتحالفت مع جماعات متمردة أخرى في دارفور ضد حكومة الخرطوم.
ولفتت الصحيفة إلى أن إبراهيم بات في الآونة الأخيرة مكشوفا أكثر من أي وقت مضى، خاصة بعد الإطاحة بأحد الداعمين له وهو معمر القذافي ، كما أبرمت تشاد -ملاذه القديم- مؤخرا اتفاق سلام مع السودان حتى وإن كان على الورق على الأقل، لتبعده بموجب ذلك هو وأنصاره عن أراضيها"، على حد تعبير الصحيفة.

 

ويُعتقد أن خليل إبراهيم سعى في الآونة الأخيرة للتواصل مع زعماء دولة جنوب السودان التكوين طلبا للمساعدة في قتاله مع الخرطوم، غير أنه لم يتضح مدى تحمس السودانيين الجنوبيين للتورط في حرب أخرى بعد تلك التي ظلوا يخوضونها ضد الخرطوم طوال عقود من الزمن.

 

سبب آخر قد يكون وراء رفض السودانيين الجنوبيين لعودته إلى هناك هو أنه قبل أن يصبح زعيما متمردا، كان إبراهيم قائدا بمليشيا الدفاع الشعبي المدعومة من الحكومة المركزية وجرى تحميله مسؤولية مقتل عدد كبير من الجنوبيين إبان الحرب الأهلية في الجنوب.

 

وحركة العدالة والمساواة هي أحدث حركات التمرد فى دارفور، وهي حركة ثورية منشقة عن حركة تحرير السودان فى 2001، وقادها إبراهيم خليل وزير الأمن السابق فى حكومة عمر البشير، وانتمت الحركة لقبيلة الزغاوة.
وبدأت تمردها على الخرطوم في العام 2003 بدعاوى التهميش وظلت تمثل أقوى الجماعات المتمردة بدارفور ماديا وعسكريا ، في تمرد لم تفلح معه جميع اتفاقات السلام الخاصة بالإقليم.

 

ورفضت العدل والمساواة التوقيع على اتفاق أبوجا للسلام في مايو 2006 بين الحكومة السودانية وجناح مينو أركو ميناوي بحركة تحرير السودان بعدما رأت أنها لا تلبي المطالب.

 

وفي يوليو 2008 وقعت الحكومة السودانية وثيقة الدوحة للسلام مع حركة التحرير والعدل، والتحالف الذي يضم عددا من فصائل التمرد. لكن الحركات الكبرى بما فيها العدل والمساواة رفضت توقيع الوثيقة.

 

وهاجمت الحركة الخرطوم في مايو 2008 في عملية أسفرت عن سقوط أكثر من مائتي قتيل لكن القوات الحكومية تصدت لها مما أدى إلى اشتباكات عنيفة ثم محاكمة عدد من المتمردين الذين صدرت عليهم عقوبات إعدام في وقت لاحق.

 

غير أن خليل لجأ لاحقا إلى تشاد التي طردته في مايو 2010 بعد تقارب مفاجئ مع السودان، ثم انتقل إلى ليبيا التي وفر له زعيمها معمر القذافي ملاذا. ومنذ عودة إبراهيم بدأ صراع جديد على الحدود السودانية مع جنوب السودان في ولاية النيل الأزرق.
وبعد مقتل زعيم العدل والمساواة هل انتهت الحركة المتمردة أم اشتعلت الأزمة مجددا؟؟