أحداث سورية المسماة بغير اسمها
11 رمضان 1433
د. محمد العبدة

يتقن الغربيون ( وبخبث ) التلاعب بالمصطلحات وذلك لإبعادها عن مضمونها الحقيقي ، مثل قولهم عن المنطقة العربية ( الشرق الأوسط ) لإبعاد الهوية العربية الإسلامية ، وما يحدث في سورية في هذه الأيام يسميه الغرب حربا أهلية أوهو يخشى أن تتطور إلى حرب أهلية ، بينما هي في الواقع حرب بين أهل السنة ومن يساعدهم من الشرفاء وبين فرقة باطنية بأسمائها المتعددة ، أوبالمصطلح الإعلامي هي ( تطهير ديني ) ضد أهل السنة ، لأن الضحايا كلهم أوفي الغالبية العظمى من أهل السنة سواء من الشهداء أوالسجناء أو الجرحى أوالمهجرين .

 

إن الذي يتابع الأحداث في المنطقة العربية سابقا ولاحقا يعلم أنه لوقتل عدد قليل من أي طائفة من الطوائف الأخرى ( الأقليات ) لقامت أوروبا ولم تقعد بحجة حماية الأقليات ، ولووقعت مجزرة واحدة في أي قارة من القارات لتحركت كل الدول الغربية ، إذن ليس هناك مانع من قتل أهل السنة وتدمير مدنهم وقراهم ، ويصبح الحديث في الإعلام ليس عن عدد القتلى من الرجال والنساء والأطفال ولكن عن عدد المجازر ، مع أن كل مجزرة من هذه المجازرتكفي لأن يجتمع لها مجلس الأمن ( مجلس الخوف ) ولكن لانسمع إلا شجبا وإدانة ( ولعل هذه من مصطلحات الغرب التي لاتعني شيئا ) .

 

مع أنني لاأرغب كثيرا في الحديث عن شيئ اسمه المؤامرة ولكن الحقيقة تجبهنا هنا أليست هي مؤامرة على الشعب السوري السني ، وإلا كيف نفسر هذا التراخي وهذه المماطلة من ( أصدقاء سورية ) ومامعنى هذه اللقاءات دون نتيجة لوقف حمامات الدم ، ونحن لانتهم بعض الدول العربية أو بعض دول الجوار أنها شريكة في هذه المؤامرة ولكن ألم يأن لهذه الدول أن تدرك خطورة مايجري في سورية ، وانه لابد من إزالة هذا النظام الذي يسبب القلق والمصائب لكل دول الجوار . نقول ليست شريكة ولكن مامعنى تصريح السيد أردغان يبشرنا بقرب النصر ولم تقدم تركيا الدعم العسكري اللازم للجيش الحر ، ومامعنى أن يصرح الجنرال رئيس بعثة المراقبين الدوليين بأن الوضع بعد سقوط النظام سيكون أسوأ من الواقع الآن ، وما معنى أن تصرح أمريكا بمناسبة وغير مناسبة أنها لن تتدخل عسكريا .

 

إن مايجري في سورية واضح شديد الوضوح ، إنها معركة كبيرة من معارك التاريخ ، فلماذا لايشارك فيها المخلصون والحريصون على الأوطان وعلى البلاد والعباد . إن بعض الصحف الغربية في بريطانيا وأمريكا بدأت في الحديث عن التقسيم في سورية ، عن دويلة علوية ، وهوحديث الذي لامانع لديه من مثل هذه الدويلة ، لأن موضوع تفتيت المنطقة ( مرة ثانية ) وارد عند الغرب فقد تحمس لتقسيم السودان رؤساء من أمريكا وممثلون سينمائيون ، فهل نحن – لا قدر الله – أمام إسرائيل ثانية في المنطقة ؟ قد يقال إن بطولات الشعب السوري ستفشل أي مخطط للتقسيم أو أي مخطط للعودة إلى الوراء أو للحلول الوسط التي ليست في صالح الشعب والثورة ، نعم الشعب أهل لذلك ولكن أليس من السذاجة السياسية أن تسرع بعض الشخصيات لتتحدث بتفاؤل مفرط عن سقوط النظام بعد أيام ، بينما النظام مازال يدك المدن والأحياء بالأسلحة الثقيلة !

 

وكان من الأحرى أن ينشغل الكل بتقوية الجيش الحر وتقوية المجاهدين في الداخل ليتمكنوا من إسقاط النظام ، أين هي الوفود التي تجوب العالم غربا وشرقا لطلب الدعم للقضية السورية ، وأين الضغط الإعلامي على بعض الدول لوقف هذه المجازر ؟ أليس هذا أفضل من الظهور المتكرر على الشاشات والإدلاء بوصف الواقع

 

إذن هي حرب مكشوفة الهوية ولكن أصحاب الدبلوماسية الناعمة والسياسة الرخوة لايحبون الحديث الصريح عن هذا الموضوع ، والكاتب ميشيل كيلو ينصحنا بأن نبتعد عن هذا الموضوع لأنه يثير الحساسيات ( وهي مثارة أصلا ) هو الآخر يريد أن يبعدنا عن حقيقة الصراع ، وكثير من الخبثاء من الغربيين والشرقيين يحذرون من عودة الإسلام السياسي وهؤلاء مكشوف أمرهم ، ولكن نقول للذين يحبون الحرية والعدل والحياة الإنسانية من الطوائف الأخرى : إن الإسلام هو خير للجميع المسلمين وغير المسلمين .