الشيخ العريفي..الداعية الذي هزّ مصر
4 ربيع الأول 1434
خالد مصطفى

الزيارة التي قام بها الداعية الإسلامية السعودي البارز الشيخ الدكتور محمد العريفي إلى مصر مؤخرا وانتهت قبل أيام مازالت أصداءها تتردد في كل مكان...

 

وكان الشيخ العريفي قد زار مصر بدعوة رسمية من شيخ الأزهر وألقى عددا من المحاضرات وخطب الجمعة في مسجد عمرو بن العاص حيث حضر الخطبة جمع غفير من الناس..وجاءت الزيارة بعد الخطبة التي ألقاها الشيخ العريفي في أحد مساجد السعودية عن مصر وعن فضلها وفضل أهلها في الكتاب والسنة وهي الخطبة التي لاقت قبولا واسعا عند الشعب المصري وانتشرت على معظم الفضائيات وأعيد بث بعض مقاطعها مئات المرات في ظاهرة لافتة للنظر لم تحدث من قبل.. واللافت أن الامر لم يكن قاصرا على الفضائيات الإسلامية وأن المدح للخطبة شمل عدد كبير من الإعلاميين والسياسيين العلمانيين المناوئين لتيار اإسلامي والذين أشادوا بكلمات الشيخ العريفي التي جاءت في وقت تصاعد الخلاف بين الإسلاميين والعلمانيين بشأن عدة قضايا في الفترة الأخيرة...

 

باستثناء عدد محدود جدا من المتطرفين العلمانيين الذين ليس لهم شعبية حقيقية في الشارع فالزيارة وما احتوته من كلمات استطاعت أن تجمع قلوب المصريين بعد أن تعمدت أجهزة إعلامية مشبوهة أن تفرقها وتلعب على أوتار الطائفية والعنصرية وأوجاع الفقراء طوال الأشهر الماضية....

 

لقد نجح الشيخ العريفي أن يصنع حالة من التوحد بين المصريين مع تجنب الدخول في الامور السياسية الخلافية مع تأكيده على ضرورة الاتحاد لمواجهة المصاعب التي تعيشها البلاد بعد الثورة التي أطاحت بنظام حسني مبارك قبل عامين ولم ينس الشيخ العريفي أن يدعو رجال الاعمال العرب أن يستثمروا في مصر ويقفوا بجانبها في عثرتها مع تشديده على مجهودات الرئيس محمد مرسي في التعامل مع المكائد, والعلاقات القوية التي تربط مصر مع دول الخليج رغم محاولات بعض مشعلي الحرائق لإفسادها, في إشارة على ما يبدو لما يفعله ضاحي خلفان رئيس شرطة دبي...

 

زيارة الشيخ العريفي تزامنت تقريبا مع زيارة وزير الخارجية الإيراني لمصر, حيث تسعى إيران منذ سقوط مبارك لتوطيد العلاقات مع القاهرة بشتى الوسائل وتتصيد أية شوائب في العلاقة بين القاهرة ودول الخليج لتقدم نفسها كبديل...كان العلمانيون في مصر باستمرار يتهمون الدعاة والمشايخ في السعودية "بالتعصب والتشدد ومحاولة التفريق بين المسلمين على حسب انتماءاتهم" فجاء الشيخ العريفي ليكشف مزاعمهم الباطلة وليلقنهم درسا في كيفية التسامي فوق الخلافات من أجل مصلحة الاوطان..

 

الحالة التي صنعتها الزيارة أجهضت الفكرة التي حاول البعض ترويجها طوال الفترة الماضية من أن الإسلاميين يكفرون المجتمعات وأنهم يتعالون على المخالفين ولا يريدون التوافق مع الآخرين ويحتقرون المؤسسات الدينية وغير ذلك من الترهات, كما أنها أزالت الأوهام المغلوطة عن عدم عناية أهل الخليج بالمصريين وعدم اعترافهم بما قدموه من إنجازات في المجالات العلمية والعملية المختلفة...

 

لقد حاول عدد من العلمانيين المتطرفين أن يفصلوا مصر عن محيطها العربي والإسلامي وربطها بمحيط غربي لنزع الالتزام الديني من نفوس شعبها وأشاعوا قصصا كثيرة في هذا الشأن وحاول العديد من الدعاة أن يزيلوا هذا اللبس, ولكن زيارة الشيخ العريفي وخطبته كان لها الأثر الأكبر؛ فالرجل مفوه ويعرف كيف يدخل لنفوس الشعوب المختلفة  بطريقة سلسة ودون تقديم تنازلات شرعية.. ولعل في زيارته وكلماته درسا أيضا لبعض الدعاة في مصر الذين وقعوا في سقطات خطيرة مؤخرا عندما دخلوا في معارك جانبية واستخدموا ألفاظا غير لائقة أوقعتهم في حرج شرعي وقانوني وخصمت من رصيدهم عند الناس ومنحت أعداءهم فرصة لكي يشوهوا صورتهم ويتهموهم بأبشع الاتهامات في وقت يحتاج الشعب لمن يجمعهم وينير لهم الطريق ويكشف حقيقة المخططات التي تحاك ضدهم.