توظيف أسطورة مهدي الشيعة المنتظر سياسيا
15 جمادى الأول 1435
تقرير إخباري ـ المسلم

كثيرة هي الشعارات والأفكار والعقائد التي وظفها الرافضة في إيران لخدمة أغراضهم المادية والسياسية , ولعلها كانت السبب الأهم في بقاء وجودهم واستمرارهم منذ قيام دولتهم عام 1979م وحتى الآن .
ولعل من أبرز شعاراتهم السياسية المعلنة منذ عقود من الزمان "الشيطان الأكبر" , والذي تظهر فيه العداء الشديد لأمريكا و"إسرائيل" والغرب عموما , وقد وظقت هذا الشعار لخداع العرب والمسلمين من أهل السنة , بينما الحقيقة تقول بأنها على علاقة تاريخية وطيدة وحميمة مع اليهود , وبينهما صفقات أسلحة اكتشف أمر بعضها وما خفي كان أعظم , كما أنها ساعدت أمريكا في احتلال أفغانستان والعراق , وساهمت في قتل ملايين من أهل السنة في كلا البلدين , ناهيك عن التقارب مع الغرب مؤخرا عبر اتفاقية المفاعل النووي الإيراني .
وإذا كان شعار "الشيطان الأكبر" قد وظف من قبل إيران لخدمة سياستها الخارجية لخداع شعوب الدول العربية والإسلامية , فإن أسطورة مهديهم المنتظر قد وظفت داخليا لخداع أتباعهم وشعوبهم , من أجل الاستمرار في أخذ الخمس من أموالهم , ناهيك عن ضمان استمرار طاعتهم المطلقة و ولائهم الأعمى لملاليهم باسم المنتظر المزعوم .
ولا يخفى على كل ذي عقل وعلم أن مهدي الشيعة المنتظر أسطورة وخرافة , ولا وجود له في الحقيقة والواقع , فمن المعلوم أن الإمام الحسن العسكري – وهو الإمام الحادي عشر عند الشيعة الاثني عشرية – قد توفي سنة 260 هجرية ولم يكن له ولد ولا عقب , وأن أحد شيوخ الشيعة - عثمان بن سعيد العمري الأسدي العسكري (المتوفى 180هجرية) - قد ابتدع واخترع أكذوبة وجود ولد للحسن العسكري اسمه "محمد" , وأنه قد اختفى في السرداب وعمره أربع سنوات , وأنه وكيله في جمع المال والإجابة عن أسئلة الناس .
لقد وقع الشيعة بعد وفاة الحسن العسكري دون ولد في مأزق خطير , واضطرب علماؤهم وتفرقوا فيمن يخلفه فرقا كثيرة بلغت عشرين فرقة كما قال المسعودي في مروج الذهب , ورغم أن حقيقة عدم وجود ولد للحسن العسكري مدونة في كتب الشيعة نفسها , كما جاء في (المقالات والفرق) للقمي (ص102 ) : ( لم ير له خلف ولم يعرف له ولد ظاهر فاقتسم ما ظهر من ميراثه أخوه جعفر وأمه ) إلا أن حاجة الرافضة لهذه الأسطورة لتوظيفها سياسيا جعلهم يبتدعونها ويتداولونها حتى الآن .
لقد استخدمت طهران هذه الأسطورة أكثر من مرة مؤخرا , فقد صرح أمين مجلس صيانة الدستور الإيراني "أحمد جنتي" بداية هذا الشهر بأن دولته مهدت لظهور المهدي المنتظر، مؤكدًا على ضرورة الاستعداد للامتثال لأوامره , بل إن وسائل الإعلام الإيرانية أظهرت من أشهر صورة لشخص ادعت أنه المهدي المنتظر بالفعل .
وها هو إمام جمعة طهران المؤقت " آية الله محمد إمامي كاشاني" يوظف هذه الأسطورة سياسيا في خطبة صلاة الجمعة أمس من جديد حيث قال : "عندما يظهر المهدي المنتظر سيضرب رقاب قادة القوى العظمى في العالم"، كما أنه وصفهم بالأوباش ، وذلك ردا على دفاع الدول العظمى عن حقوق الإنسان بإيران , في إشارة لاجتماع كاثرين آشتون مع بعض نشاء الحركات المدنية والنسوية والطلابية خلال زيارتها الأخيرة إلى إيران .
وعلى الرغم من أن الدول العظمى لا تدافع في الحقيقة عن حقوق الإنسان , بل على العكس تماما فهي التي تعتدي دائما على تلك الحقوق , خاصة إذا كانت تلك الحقوق تتعلق بأهل السنة , كما أن إيران غير مكترثة بضرب أعناق قادة تلك الدول العظمى بقدر ما هي منشغلة بقتل أهل السنة في أكثر من مكان , إلا أن مصلحة الطرفين تقتضي هذا التراشق الإعلامي الفارغ .
فمن مصلحة الدول الغربية وأمريكا أن تظهر دائما بمظهر المدافع عن حقوق الإنسان , كما أن من مصلحة طهران إظهار العداوة الدائمة للغرب وأمريكا واليهود أعداء المسلمين التقليديين , أملا في الاستمرار في خداع العالم العربي والإسلامي.
ولعل أكثر ما يستوقف القارئ أمام عبارات ملالي طهران مع كل من يخالفهم الرأي أو الفكر , هو اتهامهم بالعمالة والخيانة , وهو تماما ما فعله خطيب الشيعة الكاشاني أمس مع كل من التقى "آشتون" - بغض النظر عن نفاق الغرب تجاه مسألة حقوق الإنسان - حيث قال : "هؤلاء سقطوا بهذه اللقاءات والتصرفات، ليس في أعين الشعب الإيراني فحسب، بل في أعين العالم أيضاً" .
ختاما يمكن القول : إنه على الرغم من فداحة جريمة من يخترع الأساطير ويروجها ويوظفها لخدمة أغراضه وأطماعه المادية والسياسية , وعظيم عقابه عند الله يوم القيامة , إلا أن ذلك لا ينفي جريمة من يصدق تلك الأساطير مع وجود العقل الذي وهبه الله للإنسان ليستخدمه لا ليعطله , ومسؤوليته عن ذلك التصديق أمام الله يوم القيامة .