شموخ المقاومة وذل الاستسلام
21 رمضان 1435
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

لا يمكن أن يمر العدوان الصهيوني الأخير على قطاع غزة والمستمر حتى الآن متطورا إلى هجوم بري دون أن نستخلص منه العبر والدروس في إطار الصراع الدائم بين الحق والباطل والإسلام والكفر..في الحقيقة لا يمكن أن تخطئ العين عند النظر في مجريات الأحداث في غزة الآن ومن قبل وجود حالتين لمعالجة الأزمة...

 

حالة تركن إلى الاستسلام والرضا بالواقع وبجبروت القوة وترضخ للمطالب الغربية والصهيونية وتحاول تصدير خطاب انهزامي عبر وسائل إعلامها وعبر منابرها الدبلوماسية بحجة أن العرب لا يملكون سوى ذلك وأن الأفضل لأهل غزة أن يدفنوا قتلاهم ويرمموا منازلهم ويعالجوا جرحاهم انتظارا لعدوان جديد "نأمل ألا يأتي قريبا" ويكفي أنه لم يقتل المزيد منهم وأن هناك من هم على قيد الحياة حتى الآن..

 

هذه الحالة مشاهدة بقوة في الدفاع عن أي وقف لإطلاق النار بأي شروط وتحت أي بنود والقبول بأي مبادرة من أي جهة حتى لوكانت أمريكا أكبر الداعمين للعدوان وللاحتلال طوال 60 عاما والتي لا يمكن أن تقدم مبادرة إلا بتوصية من حكومة نتنياهو المغتصبة..هذه الحالة ليست بجديدة بطبيعة الحال فهي السبب الرئيسي وراء نكبة فلسطين وأهلها, واستمرار هذه النكبة وعارها يلاحقان العرب والمسلمين في كل مكان وفي كل وقت حتى أصبحنا أضحوكة وسط العالم الذي يرى دويلة صغيرة تضم مجموعة من اللاجئين من شتى أنحاء العالم مزروعة وسط العرب وقد اغتصبت قطعة من أرضهم وتخرج لهم لسانها صباح مساء وهم يكتفون بالمشاهدة والشكوى واللجوء لمن زرعها!فهل يمكن لهذه الحالة أن تعيد حقوق الفلسطينيين أو توقف العدوان بشكل حقيقي وحاسم؟...

 

لقد جرب العرب هذه الحالة لسنوات طويلة منذ أوسلو ومن قبلها فماذا جنوا من ورائها؟! ...مدوا أيديهم الى المعتدي الغاشم وقبلوا بالتخلي عن معظم أراضي فلسطين مقابل دولة صغيرة بجوار حوت صهيوني متوحش كلما جاع ابتلع جزءا منها ومع ذلك لم يقبل هذا الحوت بالفريسة الهزيلة وماطل وعتى والعرب مصرون على مبادرتهم ومصرون على وسيطهم غير المحايد وكل يوم يقتل المزيد من الشعب الفلسطيني وتبنى المزيد من المستوطنات وتنهب المزيد من الأراضي الفلسطينية وكل ما نحصل عليه مجموعة من القرارات الورقية والإدانات الكلامية التي  تسمن ولا تغني من جوع ..

 

العجيب أن الأمن والاستقرار الذي تخيل العرب أنهم سيحصلون عليه من وراء هذا الموقف لم يتحققا لأن الهدف من زرع "إسرائيل" في هذه المنطقة هو السيطرة عليها وتفتيتها وحرمانها من الاستقرار والتنمية والتطور وإشغالها بمعارك داخلية وخارجية فيما بينهم وبين بعضهم بما يتيح للكيان المغتصب أن يتمدد وينمو ويتشعب ويملأ الأماكن الفارغة اقتصاديا وسياسيا وعسكريا....الحالة الثانية هي حالة المقاومة وهي حالة تتبناها أطراف قليلة في العالم العربي ومع ذلك فقد استطاعت هذه الحالة أن تلقن الاحتلال دروسا قاسية وأجبرته على الاعتراف بقوتها وتغييرها لمعادلات وموازين القوى على الرغم من قلة مواردها والحصار المطبق عليها من جميع الجهات...

 

نعم هناك خسائر في صفوف الفلسطينيين جراء المقاومة ولكن على الجانب الآخر هي تلحق بالجانب الآخر خسائر تجبره على التفكير أكثر من مرة قبل الإقدام على أي عدوان وتزيد من الضغط الداخلي عليه وترسل رسائل عظيمة للعالم كله حول عدالة قضيتها...لقد قاومت مصر والجزائر وتونس وغيرها من البلاد العربية والإسلامية الاحتلال الأجنبي حتى خرج يجر أذيال الخيبة ..فماذا لو كانوا استسلموا له ورضوا بما فرضه عليهم؟ إن الهمة العالية ومعاني الشجاعة والإباء التي تسطرها المقاومة هي التي تصنع الحرية ولو بعد حين.