مكاسب اتفاق التهدئة بين المقاومة والاحتلال
2 ذو القعدة 1435
تقرير إخباري ـ المسلم

إذا نظرنا إلى المكاسب العائدة على المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة من اتفاق التهدئة المبرم بينها وبين الاحتلال، نجد أنها لا تساوي أبدًا المكاسب التي حققها الاحتلال في مقابل خسائره الميدانية التي تبدو للوهلة الأولى ضئيلة مقارنة بخسائر المقاومة.

أولاً: انتصرت المقاومة الفلسطينية عسكرياً حيث تكبّد العدو أفدح الخسائر، واستطاعت إيلامه وفاجأته بقدراتها وتطور سلاحها وأنفاقها والعمليات خلف خطوط العدو.

ثانياً: صمدت المقاومة سياسياً من خلال إصرارها على شروط وقف إطلاق النار وعلى رأسها إنهاء الحصار، وتدشين ميناء ومطار دولي في قطاع غزة.

وفي هذا الإطار قال خالد الزهار القيادي بحركة "حماس": "طبقنا مقولة نغزوهم ولا يغزونا والمرحلة القادمة لنا والمستقبل للمقاومة وليس للاحتلال".

وأضاف "سنبني مطارنا وميناءنا ولن نأخذ إذنا من أي أحد، ومن يعتدي على مينائنا ومطارنا سنعتدي على مينائه ونقصف مرة أخرى مطاره".

ثالثًا: تفوقت المقاومة إعلامياً من خلال بث إنجازات رجالها المقاومين بالصوت والصورة وإمكانياتها العسكرية.

رابعًا: انتصرت المقاومة أخلاقياً، إذ ركزت حربها على جنود الاحتلال وضباط جيشه دون المدنيين، على عكس الاحتلال.

خامسًا: أثبتت المعركة أنَّ المقاومة هي الوحيدة القادرة على قلب موازين القوّة والرّدع وتغيير قواعد اللعبة السياسية والعسكرية.

سادسًا: نجحت المقاومة في إفشال كلّ حملات التحريض والتشويه الإعلامي الموجّهة ضد قطاع غزَّة.

أما حين نتحدث عن خسائر الاحتلال فهي كالتالي:

أولاً: قررت عشرات الشركات الأوربية توقيف رحلاتها من وإلى مطار بن غوريون بعد قرار القسام باستهدافه، كما خسرت شركة الطيران الصهيوني ملايين الدولارات، فيما هرب آلاف المغتصبين وتضررت عشرات المباني بعد ما حذر قائد القسام من التواجد في مغتصبات ما يسمى "غلاف غزة"، حيث اعتبر العدو أن ماحدث هو لأول مرة في تاريخ الكيان منذ عام 48م .

وقال سامي أبو زهري المتحدث باسم حركة حماس في هذا السياق: "اليوم نقول للمستوطنين الذين فروا من مستوطناتهم أنه بعد دخول اتفاق التهدئة حيز التنفيذ بإمكانكم العودة لبيوتكم بقرار من حماس وليس من نتنياهو".

ثانيًا: اعترفت وسائل الإعلام الصهيونية بهزيمة الاحتلال أمام المقاومة ، فقد ذكرت صحيفة "هآرتس" العبرية إنه "بعد 50 يوما من الحرب في غزة فإن النتيجة هي 1 لصالح حماس مقابل صفر لـ"إسرائيل"، ورغم أن الفلسطينيين نزفوا دما أكثر، إلا أنهم بعد ما يقرب من الشهرين يمكنهم أن يروا تحسنا محتملا في وضعهم، وهو هدف أي استعراض للقوة"

وتقول هآرتس: "بحساب بسيط للتكاليف في مقابل المكاسب بالمقارنة بالموقف الذي كان سائدا في السابع من تموز (عندما بدأت العملية على غزة) يتضح أن إسرائيل خسرت أكثر، فكل ما حصلت عليه هو استعادة الوضع السابق، بينما كان الثمن الذي دفعته هو 68 قتيلا ومئات المصابين واقتلاع الآلاف من منازلهم".

وتابعت: "وإضافة إلى الضحايا الصهاينة، نجحت حماس في تعطيل الحياة في "إسرائيل" في عدة مجالات: تعليق جزئي للرحلات الجوية إلى مطار بن جوريون، إلغاء العديد من الحفلات الموسيقية والعروض وغيرها من فعاليات عامة. والتهديد بتأخير محتمل في افتتاح العام الدراسي".

أما القناة الثانية العبرية ، فقال مراسلها العسكري "روني دانييال" "شعرت برياح النصر لحماس وغزة عندما رأيت سكان المستوطنات الجنوبية يتوافدون إلى مدن المركز ووجوههم يملؤها الخوف والدموع تسيل على وجوههم، عندها تأكدت أن حماس قاب قوسين أو ادنى من تحقيق شروطها، وبالفعل تم لها ما تريد".

وأضاف: "يبدو لي أن الحديث يدور عن وضع لا يطاق كان يجب أن لا نصل إليه، يقولون لدينا وأكثر من واحد بأن حماس خرجت من هذه الجولة بدون أي إنجاز، وأنا أقول سادتي يوجد لحماس إنجاز كبير؛ فهذه المنظمة صمدت طوال 50 يومًا كاملة أمام الجيش الأكثر تطورا والأكثر قوة في الشرق الأوسط وبدون أن تستسلم، حماس تلقت ضربات قاسية لا خلاف حول ذلك، ولكن أيضا في اليوم الخمسين يوجد هنا الجرأة للتجادل على شروط وقف إطلاق النار وعن موعده وكذلك على الحلول التي ستأتي بعد ذلك".

وتابع "الإنجاز الصهيوني بعد الخمسين يومًا كان يجب أن يكون واضحا أكثر، فلغاية اليوم أملت علينا كمًّا من الضيوف يجب أن ندعو لحفل الزواج وهل نستطيع مشاهدة كرة القدم أم لا، الكثير من الصهاينة يتركون بيوتهم في غلاف غزة ويبحثون عن ملجأ لغاية عبور الغضب، حماس أدارت لمدة 50 يومًا طريقة حياتنا، فحماس في العشرين يومًا الأخيرة كانت تملي علينا ماذا نفعل ومتى سيكون وفقاً لإطلاق النار و"إسرائيل" استجابت".

وأضاف المراسل: "حماس خرجت من هذه العملية مصابة صحيح، لكن بثقة كبيرة وهذا الشعور سوف يلازمها في السنوات القادمة، كان يجب أن تنتهي، ولكن إسرائيل فعلت كل ما بمقدورها أن تفعل، ولم تنتهِ، وأستطيع القول أن حماس تقول لنفسها عندما أردت أطلقت النيران داخل بيوت اليهود وعندما أريد أن يكون وقف إطلاق نار يكون ذلك".

يذكر أن المبادرة المصرية لوقف القتال بعد سبعة أسابيع من الحرب بين الكيان الصهيوني والمقاومة الفلسطينية في القطاع تتضمن 'وقف اطلاق النار الشامل والمتبادل بالتزامن مع فتح المعابر بين قطاع غزة والاحتلال بما يحقق سرعة إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية ومستلزمات إعادة الإعمار والصيد البحري انطلاقا من ستة أميال بحرية'.
 
كما تتضمن 'استمرار المفاوضات غير المباشرة بين الطرفين بشأن الموضوعات الأخرى خلال شهر من بدء تثبيت وقف إطلاق النار'.

لكن حركة حماس تؤكد أن أن قيمة هذا الانتصار ليس بفتح معبر هنا وهناك بل "لإنه يمهد الطريق في المرحلة المقبلة لتحرير القدس وأرض فلسطين (...) حققنا معظم مطالبنا الآنية لكننا بتنا اليوم أكثر يقينا أننا أقرب للقدس وأرضنا" ـ بحسب ما أكد سامي أبو زهري المتحدث باسم الحركة.

واعتبرت حركة المقاومة الإسلامية حماس أن إعلان الاحتلال تشكيل لجنة للتحقيق في إخفاقات هذه الحرب يمثل إعلاناً رسمياً بالفشل.

كما دعت الحركة المنظمات الحقوقية والإنسانية إلى المسارعة في تحريك دعاوى قضائية في المحاكم الجنائية الدولية ضد قادة الاحتلال الصهيوني الذين ارتكبوا مجازر مروّعة ترتقي إلى جرائم حرب ضد المدنيين الأبرياء من الأطفال والنساء وكبار السن، وأبادت عائلات بأكملها حيث خلّف العدوان 2140 شهيداً وأكثر من 11 ألف جريح.