11 ربيع الأول 1437

السؤال

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
شاب له علاقة ببنت، ثم تقدم لخطبتها. هل نزوجها أم نعاقبها ونمنعها؟

أجاب عنها:
سعد العثمان

الجواب

الحمد لله وحده، والصَّلاة والسَّلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
ذكرتَ في سؤالك المختصر أن بنتًا على علاقة بشاب؛ فهل الأفضل تزويجهما أم معاقبة الفتاة بحرمانها من الزواج منه؟، فلا تقلق أخي الفاضل، فقد وصلتَ إلى برِّ الأمان، فإخوانك في موقع المسلم عندهم العلاج الناجع – بإذن الله - لمشكلتك، والتي يمكننا معالجتها باتباعك للإرشادات والتَّوجيهات الآتية:
أولاً: ما نوع العلاقة التي كانت بينهما؟
فلو كانت العلاقة تواصلا عبر الهاتف، أو وسائل التواصل الاجتماعي؛ فالجواب يختلف عما لو كانت علاقة آثمة أوصلتهما إلى الحرام.
وأجدني مضطرًا لذكر بعض التفصيلات الفقهية بسبب عدم وضوح السؤال، وبيان حدود العلاقة، فلو كانت العلاقة قد وصلت لحد ارتكاب جريمة الزنا فهنا سؤال مهم: هل يجوز زواج الرجل من امرأة زنى بها؟ فلا يجوز الزواج بها إلا بشرطين:
الأول: التوبة النصوح: وذلك بأن يصدقا التوبة مع الله، وأن يندما على صنيعهما، وتجاوزهما لحدود الله وأن يظهر ذلك في سلوكهما {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا} البقرة: من الآية160.
الثاني: استبراء الرحم: وهذا أمر يسير كما هو معلوم.
فلا بد أن تعلم أنه لا يصح نكاح الزانية، أو الزاني حتى يتوبا، فإن لم تتب المرأة أو الرجل لم يصح النكاح. قال الله تعالى: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} النور: 3.
قال شيخ الإسلام (32/110): " نكاح الزانية حرام حتى تتوب، سواء كان زنى بها هو أو غيره. هذا هو الصواب بلا ريب وهو مذهب طائفة من السلف والخلف: منهم أحمد بن حنبل وغيره.
وعلى من ابتلي بذلك وعقد النكاح قبل التوبة أن يتوب إلى الله تعالى، ويندم على ما فعل، ويعزم على عدم العودة إلى هذا الذنب، ثم يعيد عقد النكاح مرة أخرى.
إذن:
فإذا كانت العلاقة قد وصلت لحد الزنا؛ فهذا هو طريق التعامل معها، وأما إن كانت العلاقة في حدود التواصل عبر الهاتف ووسائل التواصل الاجتماعي وما في معناه فتابع معي أخي ما يلي:
ثانيًا: يقول تعالى: {وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} البقرة: من الآية189.
إن الإسلام لا يقبل أي علاقة بين شاب وفتاة، إلا في إطار العلاقة الزوجية ومقدماتها من خطبة ونحوها، فالعلاقة الزوجية لا تُبنى على رمال متحركة، وإنما ينبغي أن تُبنى على أرض ثابتة وتؤسس على تقوى من الله ورضوان.
فالشرع الحنيف يوم وضع الضوابط بين الجنسين لم تكن عبثا، وذلك لأن الله عالم بالنفس البشرية ومداخل الشيطان عليها، فأوضح السبيل وبين الحدود.
ولكن ولأسباب متنوعة كالطيش أو الجهل أو البعد عن الدين والتزام أحكامه، قد يقع الشاب أو تقع الفتاة في محظور شرعي كالتواصل المحرم بين الجنسين، وينشأ بين الشابين ميول نتيجة التواصل- وهذا ما لحظته من خلال السؤال المقتضب- ولعل الأمر لم يصل لأكثر من هذا الحد، فإني أنصحكم أخي- إن كان الأمر في هذه الحدود- أن تعملوا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "لم يُـرَ للمتحابين مثل النكاح" بشرط أن ترضوا من هذا الشاب دينه وخلقه.
فإن هذا الشاب وإن كان قد أخطأ في البداية، فإنه قد أصاب في النهاية بأنه جاء يخطب الفتاة من أهلها وهذا هو المسلك الشرعي.
فالأصل في ذلك هو البحث عن ذلك الشاب فإن كان صالحا مناسبا من شتى المناحي أو اغلبها فأعينوه وزوجوه ويسروا له وإلا فلا مع أهمية تعليمهما شأن الزواج ومسئولياته وتبعاته الشرعية والاجتماعية ونصحهما ببناء حياة إسلامية صحيحة.
وفقكم الله لما يرضيه.