هل تنتهي ثورة الياسمين على يد "السبسي"؟
2 ربيع الأول 1436
خالد مصطفى

فاز الباجي قايد السبسي زعيم حزب نداء تونس والمحسوب على النظام البائد الذي قامت عليه ثورة الياسمين قبل سنوات, بالسباق الرئاسي بعد حصوله على ما يقرب من 55 بالمائة من عدد الأصوات في الجولة الثانية في حين حصل منافسه الرئيس المنتهية ولايته المنصف المرزوقي على ما يقرب من 44 بالمائة...

 

وكان حزب نداء تونس قد فاز بالانتخابات البرلمانية بأغلبية بسيطة لا تتيح له تشكيل الحكومة منفردا وجاء خلفه حزب حركة النهضة الإسلامي..

 

بعد هاتين النتيجتين خرج البعض ليعلن وفاة أولى ثورات الربيع العربي والملهمة له في تونس الخضراء حيث مثل لهم فوز السبسي وحزبه عودة إلى نظام بن علي من جديد بعد أن ضحى الثوار بالكثير من أجل إزاحته...الحقيقة أن ثورة الياسمين الذهبية ما زالت مستمرة في تونس رغم كل العثرات التي قابلتها والتي ستقابلها وجميع الثورات في العالم تحتاج إلى وقت طويل حتى تجني ثمارها كما جرى في فرنسا وأمريكا وتونس سارت على الطريق الذي خططته لها الثورة وهو طريق الانتخابات وخيار الشعب ومهما قيل عن حدوث بعض التجاوزات إلا أن الانتخابات بصورة عامة كانت معبرة عن إرادة الشعب في هذه اللحظة وهو أمر ينبغي الوقوف أمامه جيدا لأن اللحظة الحالية لها متطلباتها ولكنها ليست حاسمة بل قد تكون فارقة لصالح الثورة في المستقبل القريب...

 

ثورات الربيع العربي جاءت من أجل كسر الجدار المانع من اختيار الشعب لحكامه وسيطرة طغمة محدودة على السلطة وعلى ثروات البلاد وعندما تجري انتخابات حرة بقدر ما دون إقصاء لأحد وبحرية كاملة للجميع فإن أولى نتائج هذه الثورة تكون قد تحققت بصرف النظر عن مدى صحة الاختيار..الشعوب العربية تعرضت خلال الأعوام القليلة الماضية لحملة "غسيل عقول" من أجل إقناعها بأنه لا يوجد أفضل مما كان وأن أي تغيير سيصب في مصلحة الفوضى وأن الأنظمة التي كانت قائمة هي الأفضل لأنها حافظت على مقومات الدولة! وإلى غير ذلك من الشعارات الهادفة لتكريس الواقع النكد الذي خرب البلاد العربية وساهم في جعلها في ذيل دول العالم لعشرات السنين...

 

ولأن المجتمعات العربية عاطفية بطبيعتها وتنسى سريعا الإساءات التي تعرضت لها؛ فقد اقتنع البعض بهذه العبارات ناهيك عن تدفق أموال طائلة من قبل بعض الدول التي كرهت حدوث تغيير في الأنظمة لأسباب عديدة وهو ما رجح كفة الفلول في تونس على الثوار بالإضافة إلى التشويه السائد على قدم وساق من جانب القوى القديمة صاحبة المصالح مع الفساد والعلمانيين المتطرفين ضد الثوار والتيار الإسلامي الذي يشكل العامود الرئيسي والمنظم للجبهة الثورية شاء من شاء وأبى من أبى...

 

أختلف مع بعض المتشائمين من النتائج الأخيرة في تونس وأرى أنها فرصة لكي يتعرف الشعب التونسي على من يريد الإصلاح ما استطاع ومن يريد السيطرة والاستبداد في ظل حالة اللبس المسيطرة على الساحة العربية من قبل إعلام موجه بعناية لخدمة مصالح مشبوهة...

 

على الثوار في تونس أن يتحدوا سويا ويتعلموا من الدروس التي تلقوها في السنوات الأخيرة خصوصا أن أمامهم عمل كبير لإثبات قدرتهم على القيادة والنجاح والاستعداد من الآن للانتخابات القادمة, كما أن عليهم مسؤولية كبيرة لتوعية الناس بخطورة الانقلاب على الخيار الديمقراطي بدعاوى مختلفة مثل مكافحة "الإرهاب والتطرف" لإعادة إنتاج نظام الحزب الواحد والدكتاتور المستبد وهو ما سيحاول الفلول التوجه إليه إذا فشلوا في إدرة البلاد وأرادوا البقاء في السلطة رغما عن أنف الشعب.