المسلمون.. ضحايا في قفص الاتهام
16 ربيع الأول 1436
خالد مصطفى

يتعرض المسلمون منذ سنوات طويلة لحملة شعواء من الاضطهاد والعنصرية المقيتة في بلاد الغرب والشرق دون أن يقف أحد وقفة حاسمة لحمايتهم من المجتمع الدولي ومؤسساته أو من الدول الإسلامية التي ترتبط بمصالح عميقة مع الكثير من الدول التي يتعرض فيها المسلمون للاضطهاد والقمع الذي يصل للقتل والتعذيب وإجبارهم على تغيير دينهم أو عدم ممارسة شعائره بحرية..

 

نطالع كل يوم في وسائل الإعلام الغربية قبل العربية تقاريرا وأخبارا عما يجري للمسلمين الروهينجيا في بورما على أيدي المتطرفين البوذيين الذين يدفنونهم أحياء ويغتصبون نساءهم ويستولون على أراضيهم ويقطعون أطراف أطفالهم دون تدخل من الحكومة التي فتح الغرب أبوابه لها ورفع العقوبات المفروضة عليها بدعوى أنها أصبحت أكثر ديمقراطية وحرية! وكأن الحرية هي في قتل المسلمين وإبادتهم وتهجيرهم من أراضيهم...كما نطالع كذلك مآسي المسلمين على أيدي "المسيحيين" المتطرفين في أفريقيا الوسطى الذين يحاصرونهم أمام القوات الفرنسية ومبعوثي الأمم المتحدة الذين أكدوا أن مئات المسلمين ينتظرون القتل على أيدي المسلحين وأنهم لا يقدرون على حمايتهم! ولم يتدخل العالم الغربي الذي يدعو لاحترام حقوق الإنسان حتى الآن بشكل جدي!..

 

كذلك تفجر في البرلمان الهندي مؤخرا على أيدي نواب مسلمين وغير مسلمين قضية إجبار المسلمين على اعتناق الهندوسية بالقوة على أيدي جماعات هندوسية متطرفة وتحدثوا عن شواهد عديدة وهاجموا الحزب الهندوسي الحاكم الذي يحمي هؤلاء ولم نسمع أيضا عن تدخل خارجي أو داخلي من أجل حماية هؤلاء المسلمين...المسلمون في أوروبا راعية الحضارة والحريات! يتعرضون في الفترة الأخيرة لحرق مساجدهم ودعوات لترحيلهم والاعتداء على نسائهم المحجبات دون أن نرى موقفا حازما حتى الآن لوقف هذه الانتهاكات ودون أن نسمع عن مراجعات للنصوص الهندوسية أو "المسيحية" التي تسببت في هذا التطرف والعنصرية تجاه المسلمين أو نسمع من هؤلاء جلدا لذواتهم ومقدساتهم كما يفعل بعض المسلمين الذين تغاضوا عن كل هذا ووضعوا المسلمين في قفص الاتهام لمجرد وجود بعض الجماعات التي تمارس العنف والتي لا تمثل إلا نسبة قليلة جدا من المسلمين والتي نشأت في مجملها كرد فعل على ما يجري للمسلمين في كثير من بلدان العالم من ظلم واضطهاد…

 

توجد جماعات متطرفة وعنصرية في جميع الأديان الأخرى مثل البوذية والهندوسية و"المسيحية" وإلى الآن لم نسمع اعتذارا غربيا صريحا عن الحروب الصليبية وما سببته من مآسي وقتلى ودمار ..ولم نسمع عن مراجعات لنصوصهم التي يقدسونها والتي اعتمدوا عليها في الهجوم على المسلمين وذبحهم طوال القرون السابقة وحتى الآن..

 

وإذا حسبنا عدد القتلى من المسلمين على أيدي المتطرفين من أتباع الأديان الأخرى لوجدناهم أضعافا مضاعفة من عدد القتلى من الأديان الأخرى على أيدي المسلمين ومع ذلك دائما يشعر بعض المسلمين بالدونية ويسهل عليهم اتهام أنفسهم ونصوصهم الدينية وتحميلها المسؤولية عن كل مصائب العالم دون تمييز بين النصوص نفسها وبين فهمها وبين المتفق عليه من الأحكام وما اختلف عليه منها...

 

والأهم من ذلك حالة جلد الذات المبالغ فيها والتي تضع المسلمين في قفص الاتهام بشكل عام رغم أنهم الضحايا وأن حجم الاعتداء عليهم يزداد دون تحقيق أو مطالبات بالمراجعة...هذه الحالة العجيبة والمتناقضة في الرؤيا والتي يتصور البعض أنها الحل الأمثل لاكتساب إعجاب الغرب ولتبرئة النفس هي الأقرب لتفجير المزيد من العنف والتطرف وليس العكس كما يتخيلون.