ثورات الربيع العربي..لم ينجح أحد
3 ربيع الثاني 1436
خالد مصطفى

ليس من قبيل التشاؤم أن نؤكد أن جميع ثورات الربيع العربي التي انطلقت قبل حوال أربع سنوات من الآن, وأحيت الآمال في النفوس نحو غد عربي وإسلامي أفضل لم تصل إلى أهدافها بعد وأنها ارتطمت بالعديد من العواقب الضخمة التي قد تجهضها تماما قبل الوصول إلى أهدافها..

 

ولعل ما جرى أخيرا في اليمن من الانقلاب الحوثي المسلح هو أوضح مثال على الصعوبات التي تواجهها هذه الثورات في ظل محيط لا يرغب في معظمه في انتصارها إلا بحدود ضيقة وهو في هذا الصدد يتعامل بازدواجية واضحة...لقد زعم المتمردون الحوثيون الشيعة باليمن من أول لحظة أنهم مع الثورة اليمنية وركبوا موجتها وانضموا للثوار الشرفاء في الميادين وطالبوا بعزل الرئيس على عبدالله صالح وشاركوا في المشاورات السياسية التي انتهت بتنحي صالح وتولي نائبه هادي السلطة وهو حل وسط رضخ له الثوار على مضض ولكنه أثبت أن الحلول الوسط في الثورات تأتي دوما ضدها ولمصلحة الأنظمة السابقة فلقد عجز هادي عن التخلص من رجال صالح وإعادة هيكلة المؤسسات العسكرية والأمنية المخترقة من رجال صالح والذين قامت الثورة لإزاحتهم....

 

ومع مرور الوقت تبين أن هادي يريد التخلص من المعارضة الإسلامية السنية ولو بالانصياع للمتمردين الحوثيين الشيعة فما كان منه إلا أن ترك لهم الحبل على الغارب في التمدد وتلقي الأسلحة من الخارج واعتمد على أن أمريكا يهمها القضاء على القاعدة في المقام الأول وبالتالي لم ترفض هذا التعاون المريب بل وضعت يدها في أيدي الحوثيين وهم يهاجمون مناطق تنظيم القاعدة...

 

في هذا الوقت كان الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح العدو السابق للحوثيين والذي قاتلهم في 6 حروب سابقة يضع يده في أيديهم من أجل الرجوع مرة أخرى للسلطة ولو على حساب وحدة بلاده واستقرارها وهو دليل آخر على دناءة هذه الأنظمة الفاسدة التي ثارت عليها الشعوب....

 

الحوثيون الشيعة المدعومون من إيران من جهتهم لم يستنكفوا عن التعاون مع صالح رغم أنهم شاركوا في الثورة التي طالبت بعزله وكانوا كلما اقتحموا محافظة يزعمون أنهم يفعلون ذلك من أجل محاربة الفساد وتطبيق مبادئ الثورة فأي مبادئ هذه التي تجيز التعاون من الأنظمة الفاسدة؟!...

 

العجيب أن الدول العربية وقفت تشاهد ما يجري مكتفية ببعض الإدانات والاستنكار على استحياء رغم أنه انقلاب واضح على السلطة من جماعة إرهابية طائفية تهدد المنطقة ككل وتقترب من السيطرة على خطوط ملاحية استراتيجية..الأعجب هو الموقف الأمريكي والغرب بصفة عامة الذي ما زال يدعو للحوار رغم أن الحوثيين يستولون على المحافظة تلو الأخرى منذ أربعة أشهر والرئيس الشرعي ـ باعتراف المجتمع الدولي ـ استقال وخرج ليقول أنه تعرض لانقلاب واضح على سلطته فماذا ينتظر الغرب إذن؟ ..لقد كشفت أحداث اليمن عن حقائق بالغة الخطورة عن التآمر الذي تعرض له الربيع العربي من الداخل والخارج والذي أظهر بجلاء أن الخيانة كانت عليه وليست منه كما يزعم أنصار الانظمة المستبدة والمستفيدين من فسادها والذين يطلقون ألسنتهم الحداد من أجل تثبيت أركان السلطة القديمة بكل ما فيها من أنانية وقسوة وعنجهية وطبقية وتبعية أرهقت عشرات الملايين من الكادحين ومازالت.