داعش تظهر في بلاد ثورات الربيع العربي فقط
3 جمادى الأول 1436
دـ أحمد موفق زيدان

أثار المشهد الهوليودي الذي تميزت به داعش في ذبح الأقباط على ضفاف البحر بليبيا كما قيل جملة تساؤلات قديمة جديدة عن هذا المولود المشوه الجديد الذي ما كان له أن يتكاثر إلا في أجواء مغلقة موصودة تتكاثر فيها الجراثيم والميكروبات فتلد مخلوقا مشوهاً ومريضاً ينبغي الحجر عليه والابتعاد عنه، حالة تتفشى فيها الأمراض بهدف قتل الثورات العربية وطموحات الشعوب المنتفضة ضد الظلم والاستبداد..

 

حين تُراجع ما أقدمت عليه هذه العصابة في الشام العزيزة من ضرب المجاهدين وحزّ رؤوسهم ومحاولة العبث  في مناطق الجهاد والمجاهدين بينما تخلّت عن مواجهة النظام العميل للاحتلال الإيراني في مطار دير الزور وغيره، لتفتح جبهة بمواجهة الأكراد ثم جبهة في مواجهة المجاهدين في الغوطة فسطاط المسلمين، ثم لتفتح جبهة على المجاهدين فقط في ليبيا وجبهة أخرى على المجاهدين في اليمن وأفغانستان تدرك تماماً بأن الوظيفة المحددة لهذه العصابة إنما هي ضرب الجهاد والمجاهدين كما فعل أسلافهم في الجزائر من قبل ..

 

كان المزاج الأردني ضد الغارات الدولية على الشام والعراق حتى قدمت داعش الهدية التي لم يكن يحلم بها التحالف الدولي بحرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة، تماماً كما قدمت الهدية من قبل للتحالف الدولي بجره وإلقاء عظمة له من خلال نحر صحافيين غربيين، تكرر المشهد الداعشي في نحر الأقباط حيث قيل إن عملية نحرهم حصلت في ليبيا بحضور هوليودي غير مسبوق لتكون طعماً للقوات المصرية بالتدخل بليبيا في دعم الانقلابيين ضد الثورة الليبية، في الوقت الذي كانت تتقدم فيه قوات فجر ليبيا على الانقلابيين بقيادة خليفة حفتر ...

 

أُدرك أن هناك أسباباً كثيرة لظهور هذا المولود المشوه ولكن جانباً من المسؤولية يقع على علماء الإسلام الذين أخلوا الساحة إما لجهلاء غلاة أو لعلماء سلاطين برروا لهم كل موبقاتهم، فماذا تفعل حين ترى شيخاً يعتلي منبر المسجد الأموي وهو لا يزال يدعو للنظام العميل للاحتلال الإيراني لممارسة مزيد من هوايته بذبح الشام التي تئن تحت أشد غارة طائفية في تاريخها القديم والجديد ..

 

استراتيجية الفوضى العدمية هي التي تُحرك داعش، وحين يغيب  المشروع السياسي فاعلم أنها مجموعة تعمل لصالح الآخر، وإلا فما الفائدة من فتح فرع تخريبي تدميري اليوم في خراسان، وما الهدف منه، إلا شق صف مقاتلي حركة طالبان خدمة للاحتلال الغربي لأفغانستان وخدمة للاحتلال الإيراني الذي يتهيأ لأفغانستان تماماً كما يحصل في الشام ..

 

العجيب أن قوات الاحتلال الإيرانية ومتفرعاتها الطائفية تغيب تماماً عن مناطق انتشار داعش، وإلا فلماذا لا تنتشر قوات الاحتلال الإيرانية في مناطق دير الزور لمواجهة قوات الخلافة المزعومة، فنرى قوات الاحتلال الإيرانية تداهم قوات المجاهدين في الريف الحلبي كما حصل أخيراً أو تقاتل المجاهدين في حماة ودمشق وأخيرا في درعا  ضمن عملية أطلقت عليها "معركة شهداء القنيطرة"  في حين لا تسمع لقوات الاحتلال هذه ركزاً في مناطق دير الزور ...

 

الجواب واضح أن داعش هي من تتولى مهمة مقاتلة المجاهدين، وتوفّر عليها حضورها وتقوم بدورها، وكلمة أخيرة أقولها كشاهد على الثورة السورية وتغطيتها فإن المجاهدين الشاميين حرروا أكثر من ستين بالمائة من سورية وحرروا أكثر من ثلثي حلب قبل ظهور داعش، وحين ظهرت داعش انشغلت الثورة بها، وكان عليها أن تقاتل على جبهتين: الجبهة الإيرانية والجبهة الداعشية، إذ شحذت الأخيرة وسلت سيوفها فقط على المجاهدين.

 

داعش ليس مخلوقاً عسكرياً فقط ..داعش مخلوق مخابراتي فكري ولا بد من التحرك لمواجهته على المستوى الفكري أيضاً وهذا الأمر لا يتأتى دون وحدة المنظمات الثورية والجهادية تحت لافتة واحدة وبدعم من العلماء والمشايخ والمثقفين، مما يسحب أي شرعية لهذا المخلوق الوافد على الفكر والساحة الشامية وغيرها، وهو الأمر الذي لا بد أن ينسحب على أي منطقة تتواجد أو تحاول أن تتواجد فيها داعش، وبعدها ربما يتطور الأمر إلى التنسيق بين الجبهات المتشابهة في الحضور الداعشي أملاً في نقل التجارب والخبرات.