أريد أن أتزوّج من فتاةٍ تركية
5 رجب 1436
محمد داوود اون المش

وسأعيش قصة لميس ويحيى أو مهند ، بنسختها الرومانسية أو الإسلامية طبعاً ، وستكون زوجتي جميلة ورقيقة ورومانسية و ووو .

كثيرٌ من الشباب العربي الآن ، صار موضوع الزواج من تركية بالنسبة له موضة عصرية ، وتقليعة جديدة ، سواءً من الملتزمين أو من غيرهم .

حتى صار دعاء : “الله يزوجك فتاة تركية” من الأدعية المختارة التي يقام لأجلها الليل .

طبعاً لست هنا بصدد كتابة بحثٍ اجتماعيّ عن الزواج من الأجنبيات ومشاكله وحلوله ، ولكن لوصف مشكلة نفسية حقيقية منتشرة في المجتمعات العربية .

أذكر مرةً جاءني صديقٌ عربيّ ليخبرني أنّه أحبَّ فتاةً تركية ويريد الزواج منها ، وأنّه مشغوفٌ بها ،  طبعاً لا يمكن للإنسان أن يتخلّف عن عمل الخير ، فطلبت منه أن يعيد التفكير بالأمر ، ووعدته أن أنظر في الأمر بشكلٍ جديّ ، ولكن بعد فترة قصيرة لم تتعّد الشهرين ، جاءني نفس الشاب ليخبرني أنّه أحبَّ فتاة أخرى تركية ، وأنه يريد الزواج منها .

بعيداً عن التسرّع في الحكم على نوايا الشاب وأفعاله ، لكنَّ هذه الحالة التي أسميها “هوس التركية” صارت منتشرة بكثرة في العالم العربي ، وفي الشرق الأوسط خاصّة .

وكم أجد من زميلاتي التركيات في العمل أو في أماكن أخرى من القصص الكثيرة عن هذا الموضوع ، حتى صرن يتوجسن من التكلم مع شخصٍ عربيّ مجرد كلام ،ورسمن في أذهانهن وهنَّ محقات، صورة سيئة للغاية عن بعض الشباب العرب ، خاصّة وأن بعض الذين يتقدمون بطلب الزواج يكونون متزوجين أحياناً ،وخاصّة أنَّ بعض طلبات الزواج إن صحَّ التعبير تكون دون أن يعرف الشاب البنت حقّ المعرفة ، بل يكتفي أنّها تركية جميلة ، وإن كانت تجيد العربية فهذا من أفضل الأشياء.

 

 

ماذا يقول الإسلام

لم يشجّع الإسلام الزواج من عرقٍ معيّن أو من قومية معينة ، كما لم ينظر إلى موضوع الزواج انّه قضاء شهوة  ، أو إمتاع بصر ، بل وضع لهذا الامر معايير تُعين الناس على اختيار الزوجة المناسبة ليكسبوا سعادة الدارين .

إن معايير الزواج واختيار الزوج أو الزوجة واضحة في الإسلام ، فقد وضع للشباب معيار “من ترضون دينه وخلقه” ، وهذا المعيار وحده هو الذي يجب أن يتحكّم في اختيار الشاب كمرشّحٍ للزواج .

فإلى جانب الدين الذي هو عمادُ كلّ شيء ، وضع الإسلام معيار “الخلق” ليعمَّ بذلك كل العادات والتقاليد التي تختلف من مكانٍ إلى آخر ، وبناءً عليه يجب أن يكون الدين والخلق في خطين متوازيان لاختيار الشاب.

وأما في اختيار الفتيات ، فقد جاء حديث النبي عليه الصلاة والسلام واضحاً ومفصلاً للأمر حين قال : تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، وهذه هي خلاصة الأمور التي قد تميّز فتاةً ما عن غيرها ، وختم نبينا وسيدنا وصيته بقوله : فاظفر بذات الدين تربت يداك .

 

 

 

نعم ، بعد أن بيّن لنا النبيٌ المعايير التي يجب أن تُراعى أثناء الزواج من فتاة ، بيّن لنا المعيار الأهم والأبقى من بينها ، ولا ينبغي أن نحصر الأمر في هذه المعايير فقط ، فقد راعى النبي صلى الله عليه وسلم قواعد الألفة حين قال لأحد الشباب الخاطبين :

“اذهب فانظر إليها ، فإنه أجدر أن يؤدم بينكما” .

لأن العين تبصر فتحبُّ أو تكره ، وهكذا يكون منهج نبينا قد راعى جميع الجوانب اللازمة لبناء عشّ السعادة الدائمة في الدنيا والآخرة.

ولو نظرنا في المتوجّهين إلى الزواج لرأينا أغلبية من يريدون الزواج من التركيات في المجتمعات العربية يمكن حصرهم في قسمين:

القسم الاول : وهم الذين تأثروا بالمسلسلات التركية وأعجبوا بقصص الحب الوهمية في تلك المسلسلات ، فصار الزواج من تركية بالنسبة لهم محاولة ليعيشوا ما شاهدوه في هذه المسلسلات ، إلى جانب انّه بابٌ للمباهاة أمام الناس .

وأمّا القسم الآخر ، فهم من الأوساط الإسلامية العربية ، والذين يرون في تركيا منفذاً ومخرجاً لهم من شروط الحياة الصعبة الموجودة في البلاد العربية .

وطبعاً لعلّ أكبر دافعٍ لهم إلى هذا الموضوع هو الانفتاح الكبير بين تركيا والإسلاميين بشكلٍ عام ، مما ساعد على نشوء الكثير من قصص الزواج هذه ، والتي تكون غالباً نتيجةً لقرارات متسرّعة طائشة .

وطبعاً لا ينبغي إنكار الجانب النفسي في الميل للزواج من الفتيات التركيات ، حيث يشعر الكثير من بلدان الشرق الأوسط انهم بزواجهم من فتاة تركية قد ناسبوا دولةً قوية ، لذا فهم يشعرون بالأمان والاطمئنان على أنفسهم وأولادهم.

كما أنَّ هناك اعتقادٌ سائد أن التركيات أجمل من العربيات .

 

 

هل حقاً التركيات أجمل من العربيات

لعلّ الصورة التي تنقلها المسلسلات التركية عن الفتيات التركيات وانّهن فائقات الجمال ، يؤثّر على العقل الباطن العربي فيظنون أن جميع الفتيات التركيات لهنّ الجمال الموجود في ” لميس ” أو ” ايبرو ” ، وطبعاً ينسون آلاف قصائد الشعر المنسوجة في الجمال العربي ونقائه.

ولا اجد فرقاً كتركيّ قضيت معظم عمري في بلادٍ عربية ، فرقاً في الجمال بين التركيات والعربيات ، فكلا العرقين تجد فيهما الجميل والقبيح ، كما أنّ الجمال أمرٌ نسبيّ يختلف حسب الأذواق والمعايير و لا يصحُّ أن نحاكم الأمور النسبية  بالتعميم ، فكلكم يعلم أن ملكة جمال الأردن التي تمّ اختيارها لم تكن جميلة بالنسبة إلى معظم الأردنيين

 

 

ما التحفظات على المتزوجين من الفتيات التركيات

أكبرُ تحفّظ على المقبلين على الزواج من تركية ، هو إهمالهم للهدف الأساسي للزواج ، ألا وهو الطمأنينة والسكن ، وانسياقهم وراء ما يرونه.

 إن العامل الأهم في اختيار الزوجات هو الطمأنينة والألفة ، وليس الجمال أو الجنسية ، فأنت تختار شريكة حياتك وأم أولادك ومربيتهم ، كما أنك في حياتك الزوجية بحاجة كبيرة إلى من تشاركك همومك وتفهمك ، وهذا الأمر قد يكون صعباً في الزواج من أجنبية ، بسبب اختلاف الثقافات ، واختلاف المفاهيم مثل : عيب ، وغير لائق وغيرها بين ثقافة وأخرى

كما أن من أكبر المشاكل التي تواجه المرأة أن تشعر انها غريبة وأنت في بلدك ، ولا يخفى طبعاً في المجتمعات العربية العلاقة التنافسية بين العروس والحماة ، لذا ينبغي مراعاة هذا الجانب جيداً 

كما أنَّ التحفّظ الاكبر الذي ينبغي مراعاته هو المقصد والدافع وراء هذا الزواج ، فهناك من يلجأ إلى هذا الامر ليسهل عليه الحصول على الجنسية ، وهناك من يرى في الزواج من التركية مفخرة كما أسلفنا من قبل. 

وتبقى رسالة النبي عليه الصلاة والسلام التي يجب أن تكون شعار كلّ شاب مقبلٍ على الزواج  تمثلني تماماً :

” فاظفر بذات الدين “

 

 

وإلى لقاءٍ في مقال : ” أريد أن أتزوج من تركي ”

 

 

المصدر/ تركيا بوست