في الشام والعراق واليمن ليس لدينا ما نخسره؟!
29 رمضان 1436
دـ أحمد موفق زيدان

الأمل الغربي في تحويل عالمه إلى أكثر أمناً بعد الاتفاق النووي الإيراني ـ الأميركي  يرتبط عكسياً بقلق عربي بشكل عام وسوري ويمني وعراقي بشكل خاص من أن هذا الاتفاق مرتبط طردياً بزيادة مخاوفنا وقلقنا من تحويل حياتنا إلى أكثر جحيماً مما نشهده اليوم، ويرتبط أيضاً طردياً من مخاوف عالم عربي بشكل عام في أن تنتقل كرة اللهب الإيرانية في هذه الدول لتجتاح دولاً جديدة بتفويض جديد وربما أقوى من سابقه في ظل حديث رئيس وكالة الطاقة الإيرانية وأحد أحد المفاوضين علي أكبر صالحي من أن الاتفاق سيغير من قواعد السياسة الدولية ..

 

 

الواضح اليوم أن طهران تقوم بدور وكيل حرب بالوكالة عن الغرب في كل من سورية والعراق واليمن، ويبدو أن التوكيل سيشمل دولاً أخرى بعد هذا الاتفاق النووي ثمناً لنجاحها في زرع الفوضى والخراب في الدول التي أُنيط بها تخريبها وتدميرها، ولعل لقاءات 6+1 كرّست مجلس أمن جديد يشمل هذه القوى مع طهران، وسعى إلى ترسيخ واقع سياسي وعملي من أن هذه الدول الست هي من سيقرر مصير المنطقة..

 

 

لعل الإشارة التي وردت من علي خامنئي نفسه تشيء باستعدادهم لمرحلة جديدة معتمدين على أساطير وأكاذيب كالعادة إذ يقول: "وصلتنا معلومات أن أعداءنا يعملون مع حكومات خليجية من أجل توسيع الحرب بالوكالة معنا إلى حدودنا. ونحن لن نسكت وسنردّ بحزم وحسم"، لا سيما وأن المبلغ الضخم المقدر بـ 150 مليار دولار الذي سيتم الإفراج عنه سيذهب إلى دعم مليشياتها الطائفية في العراق وسورية واليمن مما سيزيد من معاناة هذه الدول ويسعى بالمقابل إلى تعزيز الاحتلال الإيراني فيها بالإضافة إلى أن الدول التي تظن أنها لا تزال بمنأى عن الخراب والنار الإيرانية سيطالها سريعاً وعلى رأسها باكستان وأفغانستان وتركيا.

 

 

لعل الزعيم الدرزي وليد جنبلاط أصاب كبد الحقيقة حين قال لم يكن لهذا الاتفاق أن يحصل لولا مئات الآلاف من القتلى السوريين الذي جاء على جثثهم، ويبدو الاتفاقات المقبلة تحمل بحور دماء جديدة لشعوب ودول تقف في طابور الخراب الدولي ووكيله الإيراني، وفي الوقت الذي رحب فيه وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو بالاتفاق أمل في أن يشكل "فرصة لتغيير السياسة الإيرانية المدفوعة بدوافع طائفية في المنطقة"، ودعاها في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره العراقي إبراهيم الجعفري إلى تغيير سياساتها في العراق وسورية واليمن، وعلق أحد قادة القبائل العراقية سعدون الدليمي بالقول" إن الاتفاق سيجعل إيران أكثر قوة واستقراراً، ويمكنها من مواصلة التدخل السلبي في العراق."

 

 

المطلوب من العالم العربي وهو منقسم  على نفسه الكثير في توحيد الصفوف و رصها ومواجهة الخطر الداهم على الرغم من تشرذمه للأسف فدولة مثل عُمان أكثر قرباً من إيران مقارنة بمجلس التعاون، بينما الكويت اليوم تحت الخطر المباشر الإيراني، وهناك توقع باقتراب إماراتي أكثر مع النظرة الإيرانية، وهو ما سيعني أن الرد لن يكون مؤثراً في ظل بقاء المملكة العربية السعودية تقريباً لوحدها في مواجهة إيران، وان كان النجاح السعودي في اليمن يقدم بارقة أمل كبيرة ،بينما  نجد السيسي قد عزل مصر عن الساحة العربية في مواجهتها مع إيران تماماً كما عزل السادات مصر عن المواجهة مع "إسرائيل".

 

 

هنا تقع المسؤولية عن القوى الثورية التي تقف ميدانياً في مواجهة المد الصفوي الإيراني في كل من العراق والشام واليمن، وهو بحاجة إلى تنسيق المواقف بين هذه القوى والاستفادة من خبرات بعضها بعضاً أولاً، وثانياً على الدول العربية ومعهم تركيا أن تعمل على رفع وتيرة الدعم العسكري و المالي والسياسي والديبلوماسي لثوار سورية والعراق واليمن من أجل مواجهة المشروع الإيراني الخطير والذي يرمي إلى أبعد من هذه الدول ..