نوعية الرد الخليجي على العبث الصفوي بأمنها ؟
11 شوال 1436
د. زياد الشامي

لم تكن المحاولة الصفوية الأولى للعبث بأمن البحرين , فقد حاولت طهران منذ سنوات إسقاط النظام السني في هذا البلد الخليجي الاستراتيجي , واستبداله بنظام رافضي أو موال للرافضة على الأقل , وذلك تحت شعار ثورة مزعومة لم يخرج فيها إلا زبانيتها الموالين لها , ولولا تدخل درع الجزيرة لإنقاذ الموقف وقطع الطريق على محاولات طهران العبثية لكان الوضع على غير ما هو عليه الآن .

 

 

 

هذه المرة كانت المحاولة أكثر صفاقة وأشد وقاحة من بين محاولات الرافضة السابقة للعبث باستقرار دول الخليج , ولا عجب في ذلك , فقد جاءت هذه المحاولة بعد توقيع طهران اتفاقها النووي مع الدول الكبرى , وحصلت على ما يبدو هذه المرة على ضوء أخضر مفتوح للمزيد من العبث بأمن دول الخليج . وعلى الرغم من تلبس أزلام طهران وعملائها في البحرين بالجريمة , وإلقاء القبض عليهم بهذه الصفة الواضحة الصريحة , حيث أعلنت المنامة توقيف اثنين من مواطنيها حاولا تهريب أسلحة وذخائر قادمة من إيران ، إلا أن الرد الصفوي التقليدي على أمثال هذه التدخلات الفاضحة بأمن دول الخليج لم تخرج عن حدود الكذب المعهود من ساسة الرافضة , حيث اعتبر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف "أن ما أعلنته المنامة ليس سوى "ادعاءات غير صحيحة"، متهما البحرين بالعمل على "إعاقة أي تطور في التعاون بين إيران ودول الخليج الأخرى" .

 

 

 

ولا يبدو أن طهران ستتوقف عن هذه المحاولات أو تكف يدها عن العبث بأمن جيرانها من دول الخليج , بل الأكيد أنها قد بدأت مرحلة جديدة في المنطقة , تتمثل في محاولة افتعال أزمات وقلاقل في منطقة الخليج ، حسب ما كشف مصدر لبناني مقرب من حزب الله , وذلك من خلال تقديم الدعم للقوى الموالية لها في البحرين – وغيرها - من أجل التحرك ضد الأنظمة فيها والتي تعتبرها طهارن ألد أعدائها . لقد أعلنها المرشد الصفوي علي خامنئي منذ أيام صريحة ودون التباس بأن بلاده "لن تتخلى عن دعم أصدقائها في المنطقة .... في اليمن – الحوثيين - والبحرين – عملاء إيران - ومقاتلي المقاومة في لبنان – حزب اللات - .

 

 

 

ومع أن الحملة الإعلامية الشرسة التي شنتها جميع وسائل إعلام الرافضة ضد المملكة السعودية في الفترة الأخيرة كانت على أشدها , وخصوصا بعد قيادة الرياض لعملية عاصفة الحزم وإعادة الأمل في اليمن ضد الحوثيين وقوات المخلوع صالح , إلا أن ذلك لا ينفي العداء العقدي المتأصل في نفوس الرافضة ضد بلاد الحرمين على وجه الخصوص وأهل السنة عموما . ويكفي دلالة على ذلك ما كشفته الدراسة التي أعدها الدكتور عمر الحسن - رئيس مركز الخليج للدراسات الإستراتيجية – التي رصدت التصريحات السلبية التي أطلقها مسؤولون إيرانيون بحق البحرين حتى قبل إعلان استقلالها في مطلع سبعينيات القرن الماضي , مؤكدة أن البحرين كانت ومازالت هدفاً مباشراً للمخططات الإيرانية" . كما أحصت الدراسة ما لا يقل عن 160 تصريحاً وموقفاً إيرانياً عدائياً تجاه البحرين رصدت خلال فترة البحث التي امتدت في الفترة من 2011 وحتى 2013"، وفقا لوكالة أنباء البحرين , وهو ما يؤكد أن العداء قديم وليس حديث , ولكنه اشتد ضد دول الخليج لمجرد أنها عزمت على مواجهة المد الرافضي بعد توغله في المنطقة . لا شك أن الرد الخليجي على محاولات الصفويين العبث بأمنها واستقراراها لن يقتصر على استدعاء البحرين لسفيرها المعتمد لدى طهران للتشاور، وذلك احتجاجا على تصريحات "عدائية" صدرت عن عدد من المسؤولين الإيرانيين في حقها , والمحاولة الأخيرة للعبث بأمنها التي أفشلتها المنامة , بل سيتجاوز ذلك إلى إفشال مشروعها الصفوي التوسعي في المنطقة .

 

 

والحقيقة أن الضربات الموجعة التي تقوم بها طائرات التحالف الذي تقوده المملكة السعودية ضد مواقع الحوثيين في اليمن , والذي أثمر عن تقدم المقاومة الشعبية الموالية لشرعية الرئيس هادي في أكثر من محافظة يمنية , كما أثمر تحرير مدينة عدن بالكامل ....يمكن اعتبارها من أهم الردود الخليجية على محاولات العبث بأمنها .

 

 

 

 

وإذا أرادت دول الخليج أن يكون ردها على مثل هذه المحاولات الصفوية للعبث بأمنها أشد وقعا على الرافضة , فعليها بعملية عاصفة حزم جديدة في سورية ضد طاغية الشام , أو على الأقل زيادة دعمها للفصائل المقاتلة هناك للإسراع بإسقاط ربيب طهران والصهاينة في دمشق , فقد بات القاصي والداني يعلم أن الضربة القاضية لمشروع إيران في المنطقة يكمن بهزيمتها وحليفها النصيري في سورية .