لحم البقر "حرام" وأكل الخنزير "واجب"!!
17 محرم 1437
منذر الأسعد

أعي وأدرك مسبقاً، أن الذين سيعترضون عليَّ اليوم كثر،  عندما أزعم أن العلمانية  تعيش في الوقت الحاضر أسوأ أيامها،  فالظاهر لهم على السطح أنها أصبحت نظاماً عالمياً، فالدول التي لا ترضى بالعلمنة أساساً يحدد هويتها ويرسم مواقف مواطنيها من الدين والحياة والقيم،  قليلة بحيث يمكن تعدادها على أصابع اليد.يضاف إلى ذلك أن مفاهيم العلمنة تشكِّل جوهر العلاقات الدولية السائدة،  فميثاق الأمم المتحدة علماني وكذلك المنظمات التابعة لها،  من مجلس حقوق الإنسان إلى وكالات الثقافة والتنمية، ومؤتمرات السكان والمرأة....

 

 

 

 

هنا أود التذكير بأن الرومان-أسلاف الغربيين- أقاموا إمبراطورية مترامية الأرجاء، ضخمة الطاقات، ففرضوا على البشر مفاهيمهم ومصالحهم بالقوة العارية، ومع ذلك انهارت الإمبراطورية، وتحررت الشعوب والأمم من السفه الروماني، ولم يبقَ من إرث القوم إلا القلاع الحجرية التي تشهد بقدراتهم المعمارية لا أكثر.

 

 

 

 

جدد الغرب في العصر الحديث مظالم أجداده،  ثم اهتدى بنفعيته إلى تغليف أطماعه بشعارات برَّاقة، يتصدرها ادعاء النزعة الإنسانية،  والحريات الفردية والعامة، والمساواة وحقوق الإنسان والديموقراطية.. وزخرف له شياطينه من الإنس والجن، انتهاج سياسة ظاهرها الرحمة والسلام، وباطنها نفاق وكذب وقهر للضعفاء والمغلوبين سواء أكانوا داخل حدود الدول الغربية نفسها أم خارجها.

 

 

 

 

وقد أتى على الناس زمانٌ انبهروا فيه،  بسيادة القانون والتزام النظام لدى الغربيين بعامة، وساعد في هزيمتهم النفسية تلك، أنهم كانوا مخدوعين أصلاً بعقد مقارناتهم الجائرة بين بلدان الغرب وبين بلدانهم المحكومة بعبيد الغرب المستبدين، وكأن عملاء أمريكا وأوربا يمثِّلون الإسلام !!

 

 

 

 

لكن الوضع تبدل كثيراً، بتأثير عنصرين أساسيين، أولهما: يقظة المسلمين التي بدأت متدرجة فعاد كثير منا إلى دينهم، بعد  انقشاع الضباب أمام بصائر كانت مغيَّبة،  وتفتت الصدأ عن المعدن فظهر على أصله.

 

 

 

 

العنصر الآخر الذي تغيّر في المعادلة القائمة، بُنِيَ على سابقه.. فاليقظة الإسلامية اضطرت الغرب إلى التخلي عن " تقيته" ونفاقه، وعاد كأجداده الرومان والنازيين حديثاً، يمارس العنصرية بوقاحة ويتحدث عنها علانية إلى حد بعيد.

 

 

 

 

 

الغرب ليس مضطراً اليوم إلى نصب محرقة جديدة داخل حدوده،  فهو يقيمها في بلاد الآخرين، تماماً كمبدأ أذياله الصهاينة الذين نجحوا دائماً في فرض القتل والتدمير على الشعوب المحيطة بهم، وما كان لمكرهم هذا أن يتحقق لولا الخونة الذين لطالما ادعوا أنهم يقودوننا لمواجهة العدو!!

 

 

 

 

 

وما يجري في سوريا منذ نحو خمس سنوات، لا يترك ذرة من الشك،  في نيات الغرب ومخططاته الخبيثة.

 

 

 

 

 

لذلك، لاحظوا معي أيها الأفاضل أن العلمانية كشَّرت عن أنيابها مؤخراً، وداست فوق شعاراتها الكاذبة الخاطئة. هي نفسها التي تجعل الهند المفتخرة بعلمانيتها، تسن قوانين تمنع مواطنيها من أكل لحوم البقر،  وهي ذاتها التي تجعل فرنسا-مصدر العلمانية الأم- تفرض على تلاميذ التعليم العام، أكل لحم الخنزير، لكي يبرهنوا أنهم فرنسيون وجديرون بالبقاء في فرنسا!!كما فرضت عاصمة " النور" –كذا هي عند عبيدها- على كل مسلم يريد العمل إماماً في مسجد،  أن يخضع لدراسة العلمانية دراسة أكاديمية، على أن يطبِّل لها في المسجد، وإلا فسوف يبعدونه من بلدهم إذا كان مهاجراً، لكنه سيُمْنع من الإمامة حتى لو كان أزرق العيون وأشقر الشعر!

 

 

 

 

لقد انتشر التضييق الصريح على المسلمين في بلاد العلمنة،  حتى من مواطنيها الأصليين، ثم لحق به التضييق على كل صوت غربي منصف مع أنه ليس مسلماً.. صاروا يطردون المحجبة ويلغون رسالتها العلمية من جامعتها، فإذا تصدى لرفع الظلم عنها مثقف محترم مثل أفانسان غيسر، يُخْضعونه لتحقيق مفتعل لترهيبه، ويفرضون رقابة فاجرة على آرائه!

 

 

 

وها هو رئيس الوزراء الجديد في كندا، يتهمه العنصريون بأنه داعشي،  فقط لأنه زار مسلمين باكستانيين في مسجدهم وتناول الطعام معهم!

 

 

 

لقد ولى زمن التقية عندهم، مثلما انقضى لدى حلفائهم المجوس الجدد، فأصبح كل شيء واضحاً إلى درجة فجة.وعليه فالوزر اليوم على من ينخدع بأباطيلهم التي تركوها وراء ظهورهم وانكشفت وجوههم الحقيقية فباتوا يتعاملون بلا أقنعة..