هل نظام الأسد مضطر لدولة علوية الآن؟
28 ربيع الثاني 1437
وائل عصام

لا يبدو النظام مهتما في هذه المرحلة باقتطاع دولة علوية، ببساطة لأنه ما زال يبتلع سوريا كلها.. فلماذا يحشر نظام الأسد نفسه في جيب ساحلي، وهو فعليا يسيطر على معظم مراكز المحافظات في سوريا من حلب لدرعا؟

 

 

 

كثرة تداول موضوع الدولة العلوية هو من باب التحليلات الرغبوية، التي تخفي ميل أصحابها لدوام الاعتقاد بأن النظام السوري في ورطة وانحسار، وأنه بالكاد سيحتفظ بدولة علوية، هذا الانحسار قد يصيب النظام السوري مستقبلا، وقد يدفعه طبعا للاحتماء بجبال وقرى طائفته العلوية الحصينة.

 

 

 

 

لكن هذا الاحتمال مُعدَ لحالة الطوارئ، فقط، ولا يبدو أن النظام مضطر لذلك الآن، فهو في وقت أفضل مما كان عليه وضعه العسكري والسياسي منذ عامين، يتقدم عسكريا على الأرض، وحلفاؤه الإيرانيون أقوى من أي وقت مضى، وروسيا أضيفت لقائمة داعميه مؤخرا، بينما حلفاء المعارضة السورية من الدول العربية في حالة يرثى لها.

 

 

 

النظام يعتبر كل مدن سوريا السنية خطوطا دفاعية أولية عن مناطق العلوية في سوريا، ينظر إليها كسواتر ترابية أو دشم عسكرية لحماية نظامه الطائفي، الذي يختبئ خلفها، لذلك لا مانع عنده من أن يدمر حمص أو درعا، أو حلب، كخط دفاع أول عن مواقع عصب السلطة في دمشق وقرى اللاذقية، فلماذا سيتنازل النظام إذن عن سواتره العسكرية، وعن خطوطه الدفاعية المتقدمة في حمص ودرعا وحلب، ما دام يمتلك القدرة على مواصلة السيطرة عليها؟

 

 

 

 

يفضل النظام مقاتلة أعدائه في مدنهم قبل أن يصلوا لمعاقله، وهم لا يستطيعون القتال في قرى موالية للنظام في جبال اللاذقية، أو مركز السيادة في دمشق، لانعدام الحاضنة الشعبية هناك، وإحكام القبضـــة الأمنية العالية في رقعة ضيقة مختلطة سكانيا كدمشق المدينة، ولا تملك بيئة نقية سكانيا مساعدة لنمو أي حركة تمرد فعالة، ومن يمتلك مثل هذه البيئة كريف دمشق مثلا، أطبــق الحصار عليه تماما من خلال قوة النظام في إحكام محيط الإمداد لريف دمشق، ومرة أخرى بسبب خطوط دفاع متقدمة، في درعا والقلمون وجنوب حمص، ولولا ذلك لما استطاع حصار ريف دمشق وتأمين العاصمة مركز السلطة.

 

 

 

 

فالنظام إذن، لن يتنازل عن مراكز المحافظات طوعا، وهو حاليا يمتلك وضعا عسكريا وسياسيا يؤهله للمحافظة على مراكز المحافظات التي ما زال يحكم القبضة عليها منذ أربع سنوات عدا الرقة وادلب ونوعا ما دير الزور.

 

 

 

 

وبالتالي، فإن خيار اللجوء للدولة العلوية ليس على قائمة خيارات النظام الآن، كما تشــير الأحداث، فالنظام الذي يستقتل للحفاظ على مواقع عسكرية محاصرة لعامين في دير الزور مطار كويريس، وفي قــــرى شيعية في ريف حلب وإدلب، كنبل والزهراء وكفـــــريا والفوعة، ومن ثم ينجــــح في فك الحصار عنها، لا يبدو أبدا يفكـــر في الانزواء في منطقة علوية.

 

 

ومن يفهم طبيعة المعركة في هذا الإقليم، سيدرك حتما أن جبال العلويين ودمشق هي خط أحمر حقيقي بالنسبة لملالي طهران، وسيكون من الصعب المساس بهذه المواقع قبل اهتزاز وتخلخل قوة النظام الإيراني نفسه وحلفائه في الإقليم.

 

 

المصدر/ العصر