الفلوجة تحترق للمرة..
18 شعبان 1437
خالد مصطفى

ليست المرة الأولى التي نتكلم فيها عن مدينة الفلوجة العراقية السنية ويبدو أنها لن تكون الأخيرة؛ فالمدينة التي كانت عنوانا بارزا لمقاومة الاحتلال الأمريكي وعانت الويلات جراء ذلك وتم تدميرها بأسلحة الاحتلال الغاشم أكثر من مرة لم تسلم من نيران الطائفية العمياء بعد أن سلم الاحتلال مفاتيح السلطة للرافضة عبر صفقة مع طهران...

 

منذ فترة طويلة والمدينة العراقية تعاني من الحصار ونقص الغذاء والدواء مع قصف مكثف من الاسلحة الثقيلة والطائرات على منازل المدنيين والمساجد بحجة كسر مقاومة تنظيم داعش الذي يسيطر على المدينة...

 

ما يجري للفلوجة على أيدي قوات العبادي الطائفية ومليشيات إيران الموالية له والمسماه بالحشد الشعبي يثير الأسى ويفجر براكين الغضب في نفوس أهل السنة ويجعلهم لا يثقون بالحكومة ولا الجهات الدولية التي تعمل بالتعاون معها....

 

لقد منع جيش العبادي والمليشيات الموالية له الغذاء والمعونات الإنسانية عن المدينة ومنع أهلها من الخروج منها بحجة أن عناصر داعش قد تتخفى بينهم وهو ما يعني أن حكومة العبادي رمت أهالي الفلوجة في أحضان داعش وبعد ذلك تريد هدم المدينة على رؤوس من فيها...

 

لقد طلبت حكومة بغداد الغير رشيدة من أهالي الفلوجة الخروج منها لأنها ستقوم بالهجوم عليها وهو ما يعني ان المدينة سيتم استباحتها وأنه سيتم دكها على من فيها لتحريرها من داعش ولكن الغريب أنه لا توجد مخارج آمنة لهؤلاء المدنيين للنجاة بأرواحهم والأاعجب أن من تمكن من الفرار من المدينة ونجا من نيران داعش وقع في أيدي قوات الغل الطائفية التي اعتقلته ووضعته في مكان لا يعرفه أحد كما اكدت المفوضية العامة للأمم المتحدة التي أكدت وجود 10 آلاف أسرة داخل المدينة التي تتعرض للهجوم حاليا....

 

البعد الطائفي في الهجوم غاية في الوضوح حيث تضع المليشيات الشيعية صورا للشيعي المتمرد نمر النمر الذي أعدمته السلطات السعودية بعد ثبوت تحريضه على الفتنة, على منصات الصواريخ التي يتم إطلاقها على المدينة...كما تم تسريب فيديوهات لعناصر المليشيات الشيعية وهم يصفون أهل الفلوجة بالإرهاب ويدعون لاستئصالهم....

 

كل هذه الحقائق لا تضع لها قوات العبادي أو القوات الأمريكية المشاركة لها في الهجوم أدنى اعتبار بل تمر عليها مرور الكرام رغم أنها تهدد يإشعال نيران الثأر في العراق والتي لن تنطفئ ولو بعد عشرات السنين وهو تحذير خرج من وسائل إعلام أجنبية رأت أن واشنطن تغض الطرف عن جرائم مليشيات إيران في العراق بسبب صفقاتها المتتابعة معها وأن هذا سيؤجج نيران الطائفية بالبلاد...

 

حكومة بغداد يبدو أنها تصر على إشعال المزيد من الحرائق معتمدة في ذلك على التحالف الامريكي الإيراني حيث قررت في خضم إطلاق معركة الفلوجة إعدام 22 شخصا من أهل السنة بذريعة الإرهاب المعتادة رغم عدم حصول المتهمين على محاكمة عادلة أو نزيهة مما جعل منظمات دولية تؤكد أن الأحكام هي سياسية من الدرجة الأولى وتحذر من تداعياتها الداخلية على الوضع المتأزم في البلاد...

 

لقد رحل نوري المالكي في وقت سابق من رئاسة الحكومة بسبب طائفيته الظاهرة ولكن من جاء بعده أظهر طائفية أشد قسوة وادخل الصراع السياسي إلى نفق مظلم؛ مما يجعل الخيارات المتاحة أمام أهل السنة في العراق تضيق بشدة في ظل غياب حل عادل لمأساتهم المتجددة.