"فإنهم يألمون كما تألمون"
3 رمضان 1437
د. زياد الشامي

جزء من آية كريمة تؤكد للمؤمنين المجاهدين بأن الموت والجراح والدماء التي تصيبهم في مقارعة الأعداء تصيب عدوهم أيضا , وتدعوهم بداية الآية لذلك أن لا يهنوا ويضعفوا في مقارعة عدوهم والجد في قتالهم , فإن كانوا وأعداءهم في الجراح والألام سواء , إلا أن المؤمنين يرجون من الله المثوبة والنصر والتأييد , في الوقت الذي لا يرجو أعداءهم شيئا من ذلك .

 

 

قال تعالى : { وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا } النساء/104 , وقال سبحانه : { إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ } آل عمران/140

 

 

لا شك أن التذكير بهذه الحقيقة التي ذكرها الله تعالى في محكم كتابه من الضرورة بمكان في هذه المرحلة التي تمر بها ثورة أهل الشام المباركة , حيث تكالب عليها أعداء الدين الخاتم في كل أصقاع الأرض ومن جميع الملل والنحل – اليهود والصليبيون والرافضة والشيوعيون والملحدون والعلمانيون – وبات تمسكهم بدينهم واعتصامهم بعقيدتهم وهويتهم الإسلامية الملاذ الوحيد لهم للنجاة بأنفسهم وتحقيق النصر المنتظر من الله تعالى .

 

 

والحقيقة أن التذكير بجراح وآلام أعداء الثورة السورية , وذكر ونشر خسائرهم الفادحة البشرية والعسكرية والاقتصادية والمعنوية ...... لا يرفع فقط من عزيمة الثوار والمجاهدين على أرض الرباط فحسب , بل ويبث الهوان والضعف في نفوس أعداء الإسلام على المستويين العسكري الميداني والداخلي المحلي .

 

 

لا يمكن حصر خسائر أعداء الثورة السورية في هذه العجالة , ويكفي ذكر آخر خسائر كل من النظام النصيري و رافضة إيران وملاحدة موسكو في الأيام القليلة الماضية , والتي دفعتهم للانتقام من المدنيين في حلب وإدلب وريف دمشق ....كما هي عادتهم بعد كل هزيمة وانتكاسة ميدانية .

 

 

أما خسائر النظام النصيري في سورية فحدث ولا حرج , ولعل الفيديو الذي بثه ناشطون بالأمس و يظهر فيه عدد كبير من شبيحة الأسد بعد وقوعهم في أيدي الثوار بريف حلب الجنوبي يعطي صورة واضحة عن حجم هذه الخسائر .

 

 

من جهة أخرى أعلن الثوار مقتل أكثر من 30 جنديا من قوات الأسد والميليشيات المساندة له، في معارك على أطراف قرية الحميرة في ريف حلب الجنوبي , كما تمكن الثوار من استعادة السيطرة على بلدة عين عيسى جنوب جبل التركمان إثر هجوم معاكس في الريف الشمالي للاذقية قتلوا فيه أكثر من 10 عناصر لقوات النظام و جرح عدد منهم .

 

 

أما روسيا فقد ذكر ناشطون أن الثوار استطاعوا منذ أيام إسقاط طائرة حربية يعتقد أنها روسية فوق الحميرة بريف حلب الجنوبي , لتنضم إلى غيرها من الطائرات الروسية التي أسقطت على أرض الشام , ناهيك عن الجنود الروس التي تتحدث بعض وسائل الإعلام عن سقوطهم قتلى في سورية .

 

 

وفيما يتعلق بإيران فإن أنباء خسائرها وهزائم حرسها الثوري في الشام لا تكاد تتوقف , فمنذ أيام أعلنت وسائل الإعلام الصفوية مقتل مساعد قائد "لواء فاطميون" الإيراني وقائد فرقة الاختراق محمد حسين حسيني ، الملقب بسيد حكيم ، قرب مدينة تدمر شرق محافظة حمص في سوريا .

 

 

كما أكدت وسائل إعلام إيرانية مقتل أحد أفراد الحرس الثوري وآخر من قوات التعبئة خلال مواجهات مسلحة في سوريا جنوب حلب ، ليرتفع بذلك عدد العسكريين الإيرانيين الذين قتلوا في سوريا منذ أكتوبر الماضي إلى 277 .

 

 

وقبل أيام قتل عقيد في الحرس الثوري الإيراني في سورية أيضا، وذلك بعد يوم من الإعلان عن مقتل ثلاثة إيرانيين ، بينهم قيادي في فيلق القدس التابع للحرس , وقالت وسائل إعلام إيرانية : إن الضابط رضا رستمي - الذي كان أحد القادة العسكريين للحرس الثوري خلال الحرب العراقية الإيرانية - قتل خلال معارك في سورية .

 

 

وإذا انتقلنا إلى إلقاء نظرة على الداخل الإيراني فإن آلامه وجراحه ليست بأقل سوءا من آلامه وجراحه في ميدان القتال بسورية وغيرها , فبالأمس قدم وزير الداخلية الإيراني عبدالرضا رحماني فضلي، تقريرا صادما أمام مجلس الشورى (البرلمان) عن الوضع الاجتماعي والاقتصادي والمعيشي .... المأساوي الذي يعيشه المواطنون الإيرانيون .

 

 

وكشف فضلي في تقريره عن وجود 11 مليون مواطن فقير يعيشون في الأحياء العشوائية بضواحي المدن الكبرى، و3 ملايين ونصف عاطل عن العمل، مشيرا أن معدل البطالة في بعض المناطق يصل إلى 60% ...... وهي نتيجة طبيعية لسلوك نظام حكم ينفق المليارات لتحقيق هواجسه التوسعية على حساب جيوب مواطنيه .

 

 

كما كشف فضلي عن وجود مليون ونصف المليون مدمن على المخدرات، وأن الكثير من السجناء يقبعون في السجن بسبب المخدرات، وقال إن 50% من ظاهرة الطلاق تعود الى عامل الإدمان أيضا , كما أن 36% من الزيجات تؤدي الى الطلاق بسبب المشاكل الاجتماعية .......

 

 

إن ما سبق يشير بوضوح إلى حجم الجراح والآلام التي يعاني منها أعداء الإسلام والثورة السورية , والتي دفعت وزراء دفاع كل من روسيا وإيران ونظام الأسد للدعوة لاجتماع عاجل غداً بطهران حسب بعض وسائل الإعلام , الأمر الذي يؤكد أنهم في مأزق شديد رغم كثرة عددهم وعتادهم وقلة عدة وعدد المجاهدين في سورية وداعميهم