تداعيات هجوم بنغلادش على مسلميها
27 رمضان 1437
د. زياد الشامي

لا شك أن الهجوم الذي وقع فجر اليوم على مطعم في العاصمة البغالية "دكا" والذي تبناه تنظيم ما يسمى "داعش" عبر وكالة أعماق للأنباء , وأدى إلى وقوع أكثر من 20 قتيلا بعد تدخل الجيش والشرطة البنغالية وتبادل لإطلاق النار بينها وبين المهاجمين .... ستكون له تداعيات على المسلمين عموما في بنغلادش , وعلى الجماعة الإسلامية ورموزها وقادتها على وجه الخصوص .

 

 

وعن بعض تفاصيل الهجوم ذكر رئيس فرقة التدخل السريع في شرطة بنغلادش "بنظير أحمد" أن عددا يتراوح بين 8 و9 مسلحين هاجموا مطعم هولي أرتيزان في حي جولشان بمنطقة السفارات والبعثات الدبلوماسية في العاصمة "دكا" , الأمر الذي استدعى تدخل الجيش والشرطة الذين تمكنوا بعد ساعات من تبادل إطلاق النار من تحرير 13 رهينة من يد محتجزيهم ، وقتل 6 مسلحين حسب رواية الحكومة .

 

 

وإذا كان الناطق باسم الجيش البنغالي "رشيد الحسن" قد أعلن أن "العملية انتهت، والوضع بات تحت السيطرة بالكامل" ..... فإن آثار الهجوم وتبعاته على مسلمي بنغلادش لن تنتهي أو تتوقف , فأغلب الظن أن الحكومة العلمانية ستستثمر هجوم اليوم لتبرير اضطهادها وإرهابها بحق الجماعة الإسلامية ورموزها وقادتها في البلاد , وستجعل من هذا الهجوم ذريعة للاستمرار في هذه السياسة العنصرية المعادية للإسلام والمسلمين , ولمزيد من استهداف قادة ورموز الجماعة الإسلامية على وجه الخصوص .

 

 

وأغلب الظن أن المسلح الذي أعلنت رئيسة وزراء بنغلادش "الشيخة حسينة" القبض عليه من قبل سلطات حكومتها , سيتم استخدامه بشكل أو بآخر لتشويه صورة الإسلام والمسلمين عموما , وللنيل من أهم أحزاب المعارضة في بنغلادش "الجماعة الإسلامية" .

 

 

وإذا ما أضفنا إلى ما سبق تصريح المتحدث باسم الجيش في بنجلادش الكولونيل رشيد الحسن بأن كل القتلى فيما يبدو من الأجانب , وتراجعه فيما بعد بالقول : "إنه لا يمكنه بعد تأكيد جنسيات القتلى" .... فإن ذلك مما يزيد بالتأكيد من تبعات وتداعيات هذا الهجوم على المسلمين ورموز أحزابها في بلد تحكمه أقلية علمانية .

 

 

فمن المعلوم أن دم الأجنبي غير المسلم في عرف ومفهوم الدول العلمانية لا يمكن أن يقارن او يكافأ بدم غيره - وخصوصا بدم العربي من أهل السنة – ولعل ردود أفعال ساسة أمريكا والغرب - والحكومات العلمانية عموما - الباردة والباهتة وغير العابئة بالدم الغزير الذي يسيل في كل من سورية والعراق وفلسطين.... خير شاهد على ذلك .

 

 

لقد أضحى سيناريو النيل من المسلمين وتبرير المزيد من إرهاب الغرب والحكومات العلمانية التابعة لها في أنحاء العالم ضدهم مكرورة ومعلومة , فيكفي أن يقوم تنظيم يزعم الانتساب إلى الإسلام كــ "داعش" بهجوم على أي مكان في البلاد لتبرير اضطهاد المسلمين سابقا و تبرير مزيد من التنكيل بهم لاحقا .

 

 

والحقيقة أن كل الهجمات التي تبناها ما يسمى "تنظيم الدولة الإسلامية" في شتى بقاع العالم الغربي والإسلامي قد أفضت إلى هذه النتيجة , ولعل القارئ لم ينس بعد آثار هجمات باريس وبروكسل و ....... على المسلمين هناك , حيث كانت ذريعة للتغطية على سجل القوم المخزي تجاه القاطنين على أراضيها من المسلمين , بل وذريعة لمزيد من تضييق الخناق عليهم والتنكيل بهم .

 

 

لقد أسرفت حكومة حسينة العلمانية في اضطهاد مسلمي بنغلادش عموما و رموز الجماعة الإسلامية على وجه الخصوص , واستحدثت من أجل ذلك ما يسمى "محكمة جرائم الحرب" , وأقدمت على تلفيق تهم زائفة بالجملة ضد كثير من قادة الجماعة ورموزها , بل ونفذت الكثير من أحكام الإعدام بحقهم دون مراعاة لأدنى وأبسط إجراءات العدالة , وكان آخر من تمت تصفيتهم - بالمعنى الأدق - من قبل الحكومة العلمانية : زعيم حزب الجماعة الإسلامية مطيع الرحمن نظامي في 11 مايو أيار الماضي بتهمة ارتكاب جرائم حرب أثناء حرب 1971 للاستقلال عن باكستان .

 

 

وعلى الرغم من وضوح هذا الاضطهاد والاستهداف طوال الفترة السابقة إلا أن ردود الأفعال الغربية على ذلك كانت شبه معدومة ما دام الضحايا من المسلمين , بينما اختلف الأمر تماما حين باتت الدماء غربية أو غير مسلمة على وجه أدق , فقد سارع المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية "جون كيربي" للتأكيد بأن الولايات المتحدة على استعداد لتقديم المساعدة لحكومة "حسينة" من أجل جلب المسؤولين عن الهجوم إلى ساحة العدالة !!

 

 

إنها العدالة على الطريقة الغربية الأمريكية التي هي في الحقيقة عين الظلم والبغي والطغيان , فالإرهاب لا يمكن أن يتجزأ , فكما أن هجوم اليوم على مطعم في بنغلادش وصف بأنه إرهابي , فكذلك ممارسات الحكومة العلمانية بحق رموز الجماعة الإسلامية لا بد أن يأخذ الوصف نفسه عند العقلاء والمنصفين .

 

 

وإذا كان الاضطهاد العلماني لمسلمي بنغلادش قبل هجوم اليوم من العنف والعدوان بمكان , فكيف يمكن أن يكون شكل هذا الاضطهاد بعده ؟!!