كي لا نقع في فخ إدلب
25 ربيع الأول 1438
دـ أحمد موفق زيدان

يُجمع العقلاء اليوم على أن التآمر الكوني على الثورة الشامية  يُحضّر لسيناريو إدلبي عنوانه اقتتال داخلي بين الفصائل التي تكدست في المحافظة مع وجود ربما أكثر من مليوني شخص في المحافظة إما من أهلها أو من المشردين الذين لجؤوا إليها، وبرميل البارود هذا إن أشعلته شرارة فسيكون مدمراً وحارقاً وخارقاً ليس للثورة الشامية فحسب وإنما للجارة تركيا، وما على العقلاء إلا التعاطي بذكاء وبحصافة مع الشحن الداخلي والخارجي الذي يجري بحق بعض الفصائل، فبوصلة السلاح  ينبغي أن تظل نحو العصابة الطائفية المجرمة وسدنتها من روس وإيرانيين، وأي حرف للبوصلة هو حرف للثورة وانطلاقتها وشهدائها الذين ضحّوا من أجل أن يحيا الشعب السورية حياة كريمة تليق ببني البشر.

 

 

وحتى لا نبقى في العموميات التي يُحسنها البعض، أو في الاصطفاف إلى جانب طرف دون آخر مع رفض تفهم وجهتي النظر من أجل الخروج بقرار يخدم الثورة الشامية ويُقرب الطرفين ولا يُبعدهما، علينا أن نعي أن جبهة فتح الشام التي تمتلك بين 10 ـ15 ألف مقاتل معظمهم في محافظة إدلب ما كان لها أن تحصل على هذه القوة لولا التعاون المحلي والصمت الدولي على الأقل عليها، وفتحُ النار عليها اليوم سيدفع ثمنه أولاً هذه الملايين في إدلب التي لم يتبق لها مكان تحت الشمس تأوي إليه، فضلاً عن الشعب السوري كله والثورة السورية، ولن يخدم هذا المخطط الخطير الذي ينفذه البعض بعلم أو بجهل، إلاّ أعداء الثورة الحقيقيين من روس وإيرانيين وغيرهما، ولذا فالدفع بالاقتتال بين الفصائل الموجودة بإدلب وعزل فتح الشام، إنما يعني فخ إدلبي بامتياز ينصبه الروس والإيرانيون والعصابة الطائفية بأن نُقتل بعضنا ونكفهم مؤونة قتلنا، وبالتالي غسل  كل جرائمهم التي ارتكبوها من قبل.

 

 

عزل فتح الشام والاعتراف بوجودها الضخم في إدلب مع  الإعلان عن إرهابيتها ووجوب قتالها يعني باختصار تمهيد الطريق تماماً أمام القصف السُجادي الروسي والطائفي لإدلب، مع استنساخ النموذج الأردني في التعامل مع معابره باتجاه درعا إلى معابر تركيا باتجاه إدلب من حيث تقليص حركة الثوار وتقييد حركتهم المناهضة للطائفيين في إدلب وغيرها.

 

 

أما من يشحذ ألسنته على فتح الشام وغيرها ويستذكر ما فعلته بحركة حزم وغيرها، فليقل لنا من لم يكن بلا خطيئة فليرمها بحجر كما قال السيد المسيح عليه السلام، وإن أي شحن أو دفع لعزلها والاقتتال معها خيانة للثورة الشامية، سندفع ثمنه نحن والأجيال من بعدنا..

 

إذن ما الحل.. لقد كتبت منذ البداية ولا زلت أن على فتح الشام أن تفك ارتباطها بالقاعدة، وأن الخصوصية الشامية من حيث تربص أعداء الكون بنا نظراً لموقعية الشام وتاريخيتها وتعدد مصالح الدول فيها، أو من حيث تعدد  الرايات الإسلامية القريبة منها لا يسمح لها بالاستفراد واستنبات تجارب الآخرين فيها، وبالتالي لا بد من الاستفادة من تجربة الثورة الجزائرية بحيث تتقدم الجبهة الصفوف وتعلن عن استعدادها حل نفسها مقابل أن يحل الآخرون أنفسهم لصالح جيش تحرير وطني هدفه تحرير الشام كل الشام من الاحتلالين الداخلي والخارجي بمرجعية العلماء والمثقفين وكل النخب، وألا يتم التنازل عن هذا السقف مهما كانت الضغوط، وحينها على جميع الفصائل أن تتقي الله في تنفيذ هذا الهدف، وألا تكون سمّاعة لكل غربي وشرقي ضد إخوانها وأبنائها.

 

 

فمصير الشام ليس بيد بوتين ولا قاسمي ولا غيرهما حتى يقرروا علمانيتها وديمقراطيتها ومدنيتها، ولا أعرف إن كانت حثالات الطائفيين من أفغان وباكستانيين وعراقيين ولبنانيين كانوا يعرفون أنهم يُطحنون في الشام من أجل دولة علمانية يحدد سقفها بوتين ولافروف، وهل هذه هي دولة الحسين الذين يقاتلون من أجلها كذباً وزوراً وبهتاناً.

 

 

الخوف كل الخوف أن تكون روسيا وإيران والعصابة الطائفية قد انتهت من معظم حربها ضد الشعب السوري لصالح العصابة ، وأن ما تبقى من هذه الحرب الظالمة  ينفذه السوريون أنفسهم  وأصدقاؤهم..

 

 

المصدر/ أورينت نت