محنة اللاجئين السوريين في لبنان.. شرفاء نادرون في ظلام العنصرية الطاغية!!
12 شوال 1438
منذر الأسعد

فجأةً، أصبح اللاجئون السوريون في لبنان مستهدَفين، حيث تزامنت عملية عسكرية خشنة للجيش اللبناني على مخيم للاجئين في عرسال؛بينما التهمت النيران مخيمين آخرين في البقاع، وتصاعدت مطالبات إعلامية مبرمجة بإجبار اللاجئين على العودة إلى حضن بشار !

 

أصابع خامنئي في مجمل هذه العمليات المريبة لا تخفي نفسها،  لكن المفاجئ انضمام ساسة لبنانيين لطالما أذلهم حزب السلاح الإيراني بالقتل والترهيب والاغتيالات وتشويه السمعة!!

 

القتل بالتعذيب
استفزت الصور الشائنة لاقتحام الجيش اللبناني مخيم عرسال الشعب السوري،  الذي يألم لأنه استضاف مئات آلاف اللبنانيين من جمهور سفاح الضاحية في البيوت وليس في الخيام، يوم افتعل حسن زميرة حربه العبثية مع الصهاينة لخدمة مخططات سادته في قم.
وتضاعف الغضب عقب مصرع عدة لاجئين اعتقلهم الجيش اللبناني،  ثم ادعى أنهم ماتوا بتأثير أمراض مزمنة يعانون منها.

 

وسقط في هذه المعمعة إعلاميون كان السوريون يحترمونهم،  لأنهم كانوا يفضحون أكاذيب نصر الله، فإذا بهم اليوم يتطابقون مع أباطيله الجديدة.
ولكن في المقابل،  برهنت قلة من الناشطين اللبنانيين  عن شجاعة وشرف نادرين في خضم الهوجة المفتعلة لابتزاز اللاجئين السوريين بصورة تفتقر إلى الحد الأدنى من الأخلاق!

ورفع هؤلاء الأحرار وسم:# صيدنايا لبنان – في إشارة رمزية واضحة إلى محرقة سجن صيدنايا الأسدي بسجله المخزي-.

 

ويتجلى هذا الموقف المشرف من خلال تعليق الناشط الحقوقي اللبناني  المعروف نبيل الحلبي على سلوك الجيش المستهجَن.. فقد قال الحلبي:
(مخابرات الجيش في عرسال لم تسمح بدخول كاتب عدل لتمكين ذوي الضحايا من توكيل محامية لمتابعة موضوع جثث المعتقلين المودعة في برادات مستشفيات زحلة وبعلبك ،  ورئيس بلدية عرسال يتسلم 7 جثث لمعتقلين ويطلب من الأهالي عدم تصويرهم و يطلب دفنهم فوراً .

 

لا أعرف بأي صفة يتسلم رئيس البلدية الجثث و هذا يضعه أمام مسؤولية جنائية بالتواطؤ على إخفاء الأدلة .

 

المعتقل المتوفى يحب أن يتابع ذووه أو من ينوب عنهم قانونيا إجراءات إلزامية كتشريح الجثة وبيان سبب الوفاة تحت إشراف النيابة العامة الاستئنافية في البقاع ،  وهذا لم يتم ويدل مما لا يدع مجالا للشك أن السلطات اللبنانية تخفي الأسباب الحقيقية للوفاة وتضع نفسها في شَرَك الاتهام .

 

لا تزال هناك ثلاث جثث لمعتقلين في براد مستشفى زحلة من بينهم الممرض انس الحسيكي وتحاول المحامية ديالى شحادة النضال من أجل منع دفنها قبل التحقيق وتشريح سبب الوفاة) .

 

وقال الحلبي: إن هدف العملية في عرسال “إرغام اللاجئين السوريين على القبول بالعودة إلى مناطق سيطرة النظام السوري وحزب الله،  والقتال في صفوفهم،  بعدما توقفت المفاوضات بين ممثلين عنهم وعن حزب الله”...وأضاف أن “تلك المفاوضات تشجعها بعض الأجهزة الأمنية اللبنانية،  وواكب تنفيذ نتائجها الأولى الجيش اللبناني،  بعد إعادة قسم قليل منهم (اللاجئين) إلى بلدة عسّال الورد (في سوريا)”...

 

واستغرب الحلبي الادعاءات عن وصول “الانتحاريين” إلى بلدة عرسال،  في وقت تحيط حواجز الجيش اللبناني بالمنطقة،  وكان من الممكن أن يفجروا أنفسهم بحواجز الجيش...وطالب  بشكل عاجل بـ “محميّات دولية للاجئين السوريين في لبنان،  أو بنقلهم إلى دول تحترم حقوق الإنسان”...

 

وتتزامن هذه الحملة الهمجية من قبل الجيش اللبناني على مخيمات اللاجئين السوريين في عرسال،  مع مفاوضات أطلقها النظام وحزب الله لعودة النازحين إلى سوريا،  حيث ربط عدد من النشطاء الحملة بالمفاوضات،  معتبرين أنها تأتي في سياق الضغط على اللاجئين للقبول بشروط النظام والعودة إلى مناطقهم غير الآمنة.

 

 

سجل أسود
في صيف 2016م عُقدت  القمة العربية في العاصمة الموريتانية نواكشوط حيث تحفظ لبنان المختطَف على الفقرتين (السابعة والثامنة) من البيان الختامي بسبب مصطلح “حزب الله الإرهابي”،  لكن رئيس الوفد اللبناني رئيس الحكومة تمام سلام أثار موضوع اللجوء السوري فاقترح في  كلمته “تشكيل هيئة عربية تعمل على بلورة فكرة إنشاء مناطق إقامة للنازحين السوريين داخل الأراضي السورية وإقناع المجتمع الدولي بها لأن رعاية السوريين في أرضهم أقل كلفة على دول الجوار وعلى الجهات المانحة”.

 

 

هذا التصريح أثار سخط المتضامنين مع اللاجئين وحقوقهم،  ولقي ترحيباً من أزلام النظام السوري والعنصريين اللبنانيين الذين يزعمون أن ظاهرة النزوح السوري عبء على لبنان!

 

 

ويومذاك اعترض  مدير مؤسسة لايف الحقوقية المحامي نبيل الحلبي على إعادة اللاجئين عنوةً: “نرفض إعادة أي لاجئ سوري إلى بلده رغماً عنه لأنّ هذا يتناقض مع المادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب”.

 

 

وأضاف “طلب الحكومة اللبنانية من المجتمع الدولي تأمين منطقة محمية للمدنيين داخل سوريا لاستيعاب أعداد اللاجئين أمر مرحب به حقوقياً وإن كنا نستبعد تحقيقه في المدى المنظور،  نظراً لتساهل المجتمع الدولي مع جرائم النظام السوري تجاه المدنيين وعدم إدخال المساعدات الدولية إلى المناطق المحاصرة دون إذن وتفاهم مع النظام السوري”.

 

 

وتابع الحلبي “نحن كحقوقيين نعتبر أن الحكومة اللبنانية تمارس انتهاكات ممنهجة محصورة ضد اللاجئين السوريين المعارضين لنظام بلادهم وتدفعهم من خلال قرارات غير منطقية و صعب تحقيقها إلى وضع قانوني هش يسهل اعتقالهم والتنكيل بهم في السجون و عبر المحاكمات الجائرة لتدفع بهم للعودة القسرية إلى سوريا أو لتخضعهم لحياة بائسة وغير إنسانية داخل الأراضي اللبنانية”.

 

 

وأشار الحلبي أنّ “الحكومة اللبنانية مسؤولة بشكل مباشر عن هذا اللجوء باعتبار حزب الله مشارك فيها بشكل فعال وهي متورطة من خلال عدم القيام بأيّة خطوة جدية أو محاولة لمنع تدفق مقاتلين لبنانيين يساهمون بشكل فعال بالقتال و أعمال التهجير في سوريا،  رغم أنّها تلاحق كل لبناني متورط بالقتال إلى جانب فصائل المعارضة بجميع تشكيلاتها غير المصنفة إرهابية،  ولا تفرق بين ما هو مصنف إرهابي وبين ما هو مصنف كمعارضة مسلحة معتدلة”.

 

 

وتوقف الحلبي عند شريط الفيديو الذي تم بثه لناشط في التيار الوطني الحر،  فقال “نحن ننتظر كيف سيكون تعاطي السلطات اللبنانية كافة،  بما فيها السلطة القضائية حيال ما قام به طوني اوريان التابع لأحد الأحزاب المسيحية في لبنان على خلفية مشاركته بالقتال في سوريا إلى جانب ميليشيات طائفية موالية للنظام السوري”.

 

 

شهادة محايدة
لا يمكن تصنيف الكاتبة دلال البزري ضمن دائرة التوجهات الإسلامية من أشدها تفريطاً إلى أغلظها شططاً.. كتبت في الصيف الماضي نفسه تكشف عنصرية اللبنانيين ورخص قادتهم المتواطئين مع هولاكو العصر.. وجاءت سطورها اللاذعة عقب مجزرة في بلدة القاع أسفرت عن ذبح عدد من اللاجئين السوريين ..

 

وقالت: قبل مجزرة القاع،  تجدّدت حملة عنصرية ضدهم،  قادها الوزير المعجزة،  جبران باسيل،  ظناً منه بأنه يكسب؛ وقد يكون على حق. (...). أما بعد مجزرة القاع،  فانطلقت “الورشة”،  وأعلنت بلديات بعينها إجراءات تنال من أدنى حقوق اللاجئ،  من حقه بالتنقل والعمل،  لتمسْمره في مكانه الهشّ: إسمه “مخيم”،  احتراماً لما تبقى من اللغة،  فيما هو عبارة عن تجمعات عشوائية،  لم تتدخل أي مؤسسة رسمية لتنظيم شؤونها،  إنما فقط للسؤال عن “البزنس” الذي قد تمرره عبرها المؤسسات الدولية…

 

 

المهم؛ أن قرارات البلديات العنصرية رافقتها مداهمات للجيش لهذه التجمعات،  جسدت نظرية الدائرة المغلقة بأبهى أشكالها: فهذه “الدولة” التي ترفض أن تعطي اللاجئ السوري أوراق إقامة،  تلك الورقة الملزمة بناء على اتفاقيات وقعت عليها،  والتي تحميه من المساءلة عند الحواجز الثابتة والطيارة… هذه “الدولة” نفسها،  يداهم جيشها هذه التجمعات،  بلا رقيب ولا حسيب على تجاوزاته “البسيطة”: يعتقل من يطيب له من اللاجئين،  يزيح المحظوظين القليلين الذين حصلوا على إقامة؛ يبهدل،  يرفس،  يشتم،  يضرب مَن لم يحصلوا عليها،  ثم يخلي سبيلهم بعد ذلك،  ليبقوا تحت رحمة اعتقال لاحق،  بُعيد تفجير إرهابي،  أو من دونه. وبذلك يُظلم اللاجئون السوريون مرتين: مرة لأن “الدولة” اللبنانية لم تسجل إقامتهم،  ومرة أخرى عندما يُعتقلون بحجة عدم حيازتهم أوراق الإقامة هذه: دولة سائبة،  تحمِّل أضعف مخلوقات الله تبعات فوضاها الرهيبة؛ ليس في الأوراق وحسب،  إنما أيضا بترك اللاجئين لمصيرهم والاكتفاء بالتفرّغ لـ”بزنس” المساعدات القليلة الآتية إليهم(...).

 

 

السوريون الأثرياء القليلون الذين تصادفهم في بيروت،  لا تبدو عليهم ملامح وملابس غالبية السوريين في لبنان،  أي اللاجئين. لا يحتاجون إلى “الفان” للتنقل. سياراتهم الفارهة تتكلم عنهم. لذلك يُستقبلون كالأمراء. فقط لأنهم يشغّلون،  لا يشتغلون.

 

 

صورة لا يراها العنصريون
اللاجئون السوريون وخاصة في دول الجوار العربية،  ينطبق عليهم القول الشائع: حتى على الموت لا أخلو من الحسد..

 

فبالرغم من حبسهم في خيام لا تحمي من برد ولا حر، ومنعهم من العمل بل والحركة.. فإن الجزء الـمُغَيَّب من الصورة،  يحكي عن فوائد جمة تجنيها من ورائهم تلك البلدان التي تتسول باسمهم ولا يصل إليهم من المساعدات الخارجية إلا النزر اليسير أمام عدسات المصورين فقط.

 

تتوالى تصريحات رسمية وغير رسمية تندد في وجود اللاجئين السوريين في البلدان المجاورة،  ولم تخل من دعوات صريحة لرميهم خارج الحدود،  وإعادتهم إلى الأراضي السورية حيث فروا من الموت.

 

 

وتأتي تلك التصريحات من نظرة ضيقة للوجود السوري،  تعظم من سلبياته ويعززها شعور متطرف عنصري لدى بعض سكان البلد الذي يعيش فيه السوريون،  فمرة يمّن مسؤول حكومي على السوريين لاستضافتهم،  وأخرى يزعم البعض أن اللاجئين يأكلون من جيوبهم ويعيشون على ميزانية الدولة المستضيفة.

 

 

تكرر هذا الحال في الأردن ولبنان بشكل خاص،  كما يسود هذا الاعتقاد لدى فئة من الأتراك الرافضين لوجود السوريين على أراضيهم. لكن هذه النظرة الأحادية الجانب للوجود السوري في بلدان اللجوء ينقصها الجزء الآخر من الحقيقة.

 

 

تتجاهل الحكومات والأحزاب السياسية والمعارضين للاجئين السوريين،  ما تصدره مراكز دراسات أو إحصاء حكومية،  أو ما تخلص إليه دراسات وبحوث علمية عن الإيجابيات التي جلبها معهم اللاجئون السوريون للبلدان التي يعيشون فيها.

 

 

ويعد لبنان من أكثر البلدان التي يصرح مسؤولوها عن غضبهم من وجود اللاجئين السوريين،  إذ اعتبر رئيس الحكومة اللبناني سعد الحريري في تصريح له الشهر الماضي أن "لبنان على حافة الانهيار" بسبب استضافة 1.5 مليون لاجئ سوري،  وحذر من أن التوتر بين اللبنانيين والسوريين يمكن أن يتحول إلى اضطرابات مدنية.

 

 

وقبله كان وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل المعروف بتصريحاته العنصرية ضد اللاجئين السوريين،  قال إن على السوريين العودة إلى بلادهم لأن بقائهم يثير المخاوف على التركيبة الديمغرافية للبنان.

 

 

لكن ما لم يلتفت إليه المسؤولون اللبنانيون،  ما خلصت إليه الجامعة الأمريكية في بيروت،  والتي أصدرت إحصائية قالت فيها إن اللاجئين السوريين في لبنان يدفعون نحو 378 مليون دولار سنوياً فقط ثمن إيجارات المنازل التي يقطنون بها.

 

 

هذه الإحصائية نشر ملخصها،  ناصر ياسين مدير الأبحاث في معهد "عصام فارس" التابع للجامعة الأمريكية،  وقال في تغريدة بحسابه على "تويتر" إن السوريين يساهمون في الاقتصاد اللبناني بمعدل 1.04 مليون دولار أمريكي يومياً.

 

 

وأشار ياسين إلى أن مجمل ما يدفعه السوريون خلال عام كامل هو 378 مليون دولار على السكن،  ناهيك عن الأموال التي يدفعونها مقابل الحصول على الطعام والمواصلات والرعاية الطبية،  فضلاً عن أن بعضهم افتتح مشاريع تجارية ووفر فرص عمل لشبان لبنانيين.

 

وفي هذا السياق،  قال ياسين في حملته التي أطلقها باسم "حقيقة اليوم" إن اللاجئين السوريين ساهموا في توفير ما يزيد عن 12 ألف وظيفة بين اللبنانيين عام 2016،  لافتاً أن هذه الوظائف التي يشغلها لبنانيون تتركز في الدوام المسائي لمدارس خصصتها الأمم المتحدة لأبناء اللاجئين السوريين.

 

وتغفل وسائل إعلام البلدان المجاورة التي تستقبل اللاجئين السوريين،  أن معظم الخدمات المجانية المقدمة لهم،  متوفرة بدعم من  برامج الأمم المتحدة،  لا من ميزانية الدول المستضيفة،  خصوصاً في الجانبين الطبي والتعليمي،  وهو ما يتيح المجال للرافضين للاجئين السوريين،  في تقديم صورة نمطية عنهم،  تشير إلى أنهم يحصلون على خدمات لا يحصل عليها ابن البلد المستضيف نفسه،  وسط إغفال للجوانب الاقتصادية الهامة اللاجئين.