خلية العبدلي.. الجرح أعمق
4 ذو القعدة 1438
أمير سعيد

تبارى نواب مجلس الأمة الكويتي في اقتراح قوانين وإجراءات رادعة لمن يسعى خلف زعزعة الأمن الكويتي في أعقاب تفجر قضية هروب أفراد خلية العبدلي، والتي هزت الرأي العام الكويتي، وأقلقته حيال أمنه واستقراره.

 

 

النائب د. عبدالكريم الكندري أعد اقتراحاً بقانون بتعديل خمس مواد من قانون الجزاء رقم ١٧ لسنة ١٩٦٠ بتشديد العقوبات على الجرائم المتعلقة بفصل فرار المحبوسين والمقبوض عليهم، وقدم النائب د. وليد الطبطبائي اقتراحا بقانون لإدراج "حزب الله" وتنظيم داعش في قوائم التنظيمات الإرهابية. والنائب نايف المرداس قال في تصريح مؤخراً: "يجب أن يرافق الاجراءات الحكومية ضد سفارة ايران تقليل عدد العمالة الايرانية، لاسيما الهامشية منها، ووقف اصدار تصاريح العمل، فالوقاية خير من العلاج".

 

 

القلق لا ينسحب على النواب "السنة" تحديداً فقط في الكويت؛ فكل المجتمع الكويتي يعتريه قلق بالغ جراء هذه العملية الاحترافية التي نجحت بها إيران بتهريب عملائها الذين اتهموا بتكديس مئات الأطنان من الأسلحة المتطورة الكافية لتغيير نظام الحكم في الكويت وفقاً لتقديرات الصحافة الكويتية، والتي اكتشفت بشكل عفوي غير مقصود، فتبدى على إثره ضخامة المخطط المزمع لجعل الكويت محافظة إيرانية، ومدى ما أسمته النائبة صفاء الهاشم بـ"اختراق الأجهزة الأمنية" التي عجزت عن إحباط عملية التهريب، والتي تمت عبر قوارب سريعة جهزت على الشاطئ الكويتي وتوارت بالمتهمين سريعاً باتجاه إيران على الأرجح.

 

 

الأسلحة والذخائر جلبت قبل عامين عن طريق شواطئ الكويت، والهروب تم عبرها أيضاً، والفارق بينهما عامان، والقلق خلالهما يتزايد، لاسيما بعد أن ضمنت لائحة الاتهام أسماء إيران و"حزب الله" كجهات ضالعة في المخطط، ووجهت للمتهمين اتهامات بالتخابر لحسابهما، ومؤخراً اتُّهِمت إيران صراحة بالضلوع في هذا المخطط الإرهابي.

 

وبرغم الغضب الشعبي "السني" الجارف، والقلق المتزايد، واحتقان مجلس الأمة الكويتي فيما عدا من يُسمون بنواب الخلية؛ فإن السلطات لم ترد قطع حبال العلاقات تماماً مع إيران، ومنحت مدة طويلة نسبياً (45 يوماً) للدبلوماسيين الإيرانيين بمغادرة البلاد على خلفية قرار الكويت تخفيض البعثة الإيرانية لديها إلى خمسة دبلوماسيين فقط بينهم السفير، وأغلقت المكاتب الفنية لإيران، وجمدت أي نشاطات تتعلق باللجان المشتركة بين البلدين، وأحجمت عن تسمية "حزب الله" اللبناني كجماعة إرهابية، واستخدمت تعبير "المتوارين عن الأنظار" لوصف المحكومين الهاربين لخارج البلاد، وخفف القضاء الكويتي بعض الأحكام عن متهمين.

 

 

هذا "الحلم" و"الصبر" الكويتي لا يقابله تراجع من قبل النظام الإيراني عن مخططه التوسعي في الخليج وغير الخليج، فطهران ماضية في سياستها في زعزعة أمن واستقرار الخليج بغرض إخضاعه لسلطانها المتنامي، والمسكوت عنه دولياً، وفي وقت تتعامل فيه الكويت بطول نفس مع الإيرانيين؛ فإن الأذرع الإعلامية لإيران تحركت للتحريض على الكويت واتهامها بتهم كثيرة، وتهديدها بعواقب وخيمة، حتى نشر موقع قناة العالم الإيرانية مقالاً يحمل أجندة كاملة لطريقة "تأديب" الجار الصغير وفقاً للمقال التهديدي السافر. لقد غدا من العسير على طهران أن تصلح سياستها تجاه جيرانها، وهي مدفوعة بأحلام طاووسية توسعية ساسانية، وجدت طريقها للتنفيذ بعد أن جرأها صمت العالم على عربدة هذه الدولة الطائفية في المنطقة دون رادع في العراق وسوريا واليمن ولبنان. من حق الكويتيين أن ينتابهم القلق، من حق الخليج كله أن يقلق؛ فسياسة إيران وإرهابها يلقى تشجيعاً من "المجتمع الدولي"، الذي بدأ حتى في التسويق لفكرة "تشجيع الاعتدال في إيران"، و"أن الجيل الجديد في ايران عنده احترام كبير للثقافة الغربية"، كما تقول يديعوت أحرنوت أو كما يردد بعض مسؤولي إدارة ترامب مثله الآن بعد أن كانوا ينكرون على أوباما توقيعه الاتفاق النووي مع طهران وسياسته الدافئة مع الدولة الإيرانية! إن من الواضح جداً أن إيران لن تتوقف حتى تصبغ المنطقة كلها بلونها الطائفي، حاضرها لا يقود إلى غير هذا؛ فكيف يجافيه مستقبلها؟!