ماذا بعد استهداف المصاحف؟
13 محرم 1439
خالد مصطفى

ما قامت به السلطات الصينية المحتلة لتركستان الشرقية مؤخرا تجاه المسلمين عندما طالبتهم بتسليم ما عندهم من المصاحف وسجادات الصلاة ينسجم مع الوضع العالمي الذي يستهدف الإسلام والمسلمين وليس كما يقال بأنه يستهدف "التطرف" أو "الإرهاب" وهو أمر شديد الاستفزاز وقوبل بحالة من الصمت المريب كالعادة من قبل الجهات الدولية والحقوقية.. تخيل لو طالبت حكومة ما من "المسيحيين" تسليم  "الأناجيل" فماذا ستكون ردة فعل الدول الكبرى والمنظمات الدولية؟!..

 

بدأ الأمر في تركستان الشرقية التي تطلق عليها الصين بعد احتلالها  "شينغيانغ" بإلقاء القبض على المتدينين وتلفيق اتهامات لهم "بالإرهاب" , ثم قامت السلطات الصينية بالتضييق على المسلمين في الصلاة ومنعهم من الصوم وتعلم أمور دينهم تحت ذرائع مختلفة ثم إجبار المسلمين على وضع تطبيقات في هواتفهم المحمولة من أجل مراقبتهم في كل وقت, ووصلنا الآن لمصادرة المصاحف وسجادات الصلاة فماذا بعد ذلك يمكن أن يقوم به الاحتلال الصيني الشيوعي تجاه المسلمين هل نحن أمام حرب إبادة قادمة شرسة ومفتوحة كما هو الحال في ميانمار؟..

 

إن المجتمع الدولي الذي يندد بما يجري في ميانمار ويدعي أنه يسعى لدعم مسلمي الروهينغيا ومساعدتهم ساهم فيما يجري بصمته على الانتهاكات التي تقوم بها حكومة ميانمار منذ سنوات طويلة, وهو الآن يعيد الكرة مع شعب مسلم آخر يتعرض لحرب ضروس على هويته وعقيدته من سلطة غاشمة هي أكبر داعم لسلطة ميانمار ويبدو أنها تمهد بهذه الإجراءات للسير على خطاها في ذبح المسلمين...

 

عندما بدأت الحملة على الإسلام والمسلمين في الغرب وزادت وتيرتها بقوة مؤخرا ذكرنا أن الموضوع لا يتعلق بمن يتورطون في أعمال العنف فهم ينتمون لكل الأديان وبعض "المسيحيين" والبوذيين واليهود والهندوس يرتكبون جرائم أبشع بكثير وبدوافع دينية ومع ذلك لا يتم التركيز على ديانتهم كما هو الحال في فلسطين وميانمار والهند وغيرها, فلماذا التركيز على الإسلام بالتحديد إلا إذا كان الأمر يحمل في طياته محاولة لتشويهه واستهداف المنتسبين إليه بشكل عام..

 

وما يؤكد ذلك هو تعقب ومراقبة المسلمين بشكل عام والتجسس على هواتفهم دون أن تكون هناك أدنى اتهامات موجهة إليهم ثم يتم التدخل في لباسهم رغم أن الغرب يعتبر هذا الأمر من الحرية الشخصية حتى لو خرج الشخص عاريا تماما؛ فما الاستفزاز الذي تسببه امرأة محجبة للمجتمع الغربي حتى يتم التضييق عليها ومنعها من ارتداء ما يفرضه عليها دينها؟...

 

العجيب أنه رغم هذا التشويه المتعمد والذي وصل لكبريات وسائل الإعلام الغربية والتي أصبحت تسير في ركب السياسيين اليمينيين والمنظمات المتطرفة, والتضييق على المسلمين والاعتداءات المتكررة على المساجد والمدارس الإسلامية  فإن الإسلام ينتشر بقوة في الغرب, وأدت هذه الحرب الضروس إلى زيادة فضول عامة الناس لمعرفة الكثير عن هذا الدين المستهدف بطريقة مثيرة وغير طبيعية حيث يجدون الإجابات الشافية عن أسئلتهم المتعلقة بالحياة وما بعدها..

 

وكلما ازداد الدخول في الإسلام كلما ازدادت الحرب عليه من قبل الحكومات والمنظمات المتطرفة وتصاعدت شراسة الاستهداف لتصل للإبادة والاستئصال كما يجري في تركستان الشرقية وميانمار, وكما سيجري في مناطق أخرى لو وقف العالم العربي والإسلامي يتحسر ويكتفي بالتنديد والشجب, كما هو حاصل اليوم.