24 رمضان 1425

السؤال

أعاني من مشاكل مع والدتي، فهي دائماً تطلب مني أموراً صعبة، ولا أستطيع أن أفعلها، وإن قلت لها: إنني لا أستطيع ذلك أو لا أقدر عليه، تغضب علي ولا تكلمني،فأنا بين نارين، فما العمل؟

أجاب عنها:
منى يونس

الجواب

بدا لي من قراءتي لمشكلتك أن هناك خللاً تربوياً واضحاً يكمن في عدم تهيئة الأم لك وتعويدها إياك على القيام بمساعدتها في أعمال البيت، فهذا جزء مما يجب على الأم تجاه ابنتها، ذلك أنك عندما تكبرين وتتزوجين تصبحين زوجة و أماً، وحينئذ ستكونين مسؤولة عن رعاية بيتك وكفالة أسرتك . وأقول لك : إن الإنسان مكلف في الأرض برسالة، فيجب عليه أن يقوم بمتطلبات هذه الرسالة، ورسالتنا في هذه الحياة هي عبادة الله _عز وجل_ قال _تعالى_ : "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ" (الذريات:56) ، ومن عبادتك لله _سبحانه_ طاعتك لأمك وبرها، ومن برها أن تسمعي لها وتطيعي، وأن تمدي لها يد العون والمساعدة في كل شيء . فكما أن النجاح لا يكون إلا بالمذاكرة، فإن دخول الجنة لن يكون إلا بطاعة الله ورسوله، ومما هو معلوم من الدين بالضرورة أن طاعة الوالدين فريضة، و أن عقوقهما جريمة، ومن سنة الحياة أن نفعل أشياء قد يكون ظاهرها ضد رغباتنا ، فإن لم نكن نفعل ما نحب فيجب علينا أن نحب ما نفعل. وعليك أختاه أن تتذكري الثواب العائد عليك من طاعتك لأمك وبرك بها، كما يجب عليك أن تتذكري أيضاً العقاب الذي ينتظر البنت العاقة لوالدتها، وشتان بين الأمرين . ولا أخفيك سراً أن التبكير بالتربية السليمة وغرس القيم الإسلامية الأصيلة، له آثار إيجابية كثيرة على حياة الفرد والمجتمع، فالتربية في الصغر كالنقش على الحجر، تبقى آثارها دهراً طويلاً، أما التربية في الكبر فهو كالذي يكتب على الماء، سرعان ما تزول ملامحها ومبادئها. وما يحدث بينك وبين والدتك، هي ليست مشاكل، وإنما حالة طارئة، وشعور مؤقت سرعان ما يزول، وإذا كانت أمك – كما تقولين- "دائماً تطلب مني أمور صعبة"، فاعلمي أن سنة الله اقتضت أن تكون الأم هي مركز الرحمة والحب والحنان لأولادها، واعلمي أنه لا يوجد في هذه الدنيا من يجبك ويتمنى لك الخير مثل والدتك، فأنت لها قرة عينها، و هي لا تقصد أبداً أن تكلفك مالا تطيقيه، ويمكنك أن تعتذري لها عن القيام بما لا تطيقيه، لكن بطريقة مهذبة، وبأسلوب يتناسب مع أم أفنت حياتها من أجلك، قدمي لها اعتذاراً، مصحوباً بعذر مقبول، ولكن احذري أن يتكرر ذلك منك مرات ومرات، حتى لا تستشعر الأم أنك تأخذين منها موقفاً سلبياً، أو معارضاً على الدوام . وختاماً.. أخاطبك كفتاة مسلمة وملتزمة، وأقول لك: حاولي أن تبحثي عن سبب هذه الجفوة بينك وبين والدتك، و من جهتي سأذكرك بحديث الرسول _صلى الله عليه وسلم_ بأن أولى الناس بصحبتك هي أمك... فحاولي مرة أخرى واذكري لها الأعمال الحسنة، ولا تركزي على كل خلاف حصل بينكما، بل فكري في لحظات السعادة، وهي بلا شك موجودة. هل فكرت مرة كم يصعب على والدتك الاهتمام بأمورك وأمور المنزل وإخوتك دون أن يشاركها والدك هذه المسؤولية بسبب ظروف عمله؟ فوالدتك بحاجة لك عزيزتي فكوني معها وحاولي أن تعطيها أنت الاهتمام الذي ترغبين في الحصول عليه منها لعل هذا يوصل الود بينكما مرة أخرى، وتذكري أنها أقرب الناس لك وإنك أحب الناس إليها . بارك الله فيك، وأصلح ما بينك وبين أمك، وزرع برحمته الحب بين قلبيكما ..آمين