انتخابات بوتفليقة شعارها: العمل في صمت
2 محرم 1425

أبرز ما يميز الحملات الانتخابية في معظم بلاد العالم أنه يسبقها ويرافقها ضجة هائلة وصخب شديد، بتأثير التنافس والتصارع وحملات الدعاية التي ينفذها المتنافسون، وأقرب مثال على ذلك ما يحدث في أميركا الآن، ولكن يبدو أن الحال في الجزائر يختلف نوعاً ما، فبينما تنقطع أنفاس المرشحين الأمريكيين من السعي بين الولايات الشمالية والجنوبية، يتمتع مرشحو الرئاسة الجزائريون بثقة عالية في النفس فلا حاجة لإهدار الجهود في السعي خلف الجماهير أو مخاطبتها أو مصافحتها أو الاحتباس في حافلة مجهزة تطوف الولايات لعدة أشهر كما يفعل السذج في أميركا، فالانتخابات العربية تعتنق النهج العشائري حتى لو لم تكن هناك عشائر. </br> فالتحالفات بين القوى الرئيسة هي الأساس، يعني انتخابات مكاتب حيث تعقد الاتفاقات بين الرؤوس الكبيرة، وما على الأتباع المساكين إلا التنفيذ، والديمقراطية في التفسير العربي تعني : أن يكون لك الحق في اختيار الديكتاتور الذي سيحكمك، فلماذا إذن يجوب بو تفليقة أو منافسه ابن فليس أطراف الجزائر المترامية تكفي جولات قصيرة لالتقاط الصور وتوزيع القبلات في الهواء..<BR>هناك مزية أخرى للانتخابات العربية، حيث تتصف الصناديق لديهم بالحكمة والرشد، فلا تُخرج نتائج مزعجة متقاربة، بل تحسم النتيجة من جولة واحدة، ونادراً جولتان لصالح مرشح واحد، وليس كما الحال في أمريكا، حيث تقارب بوش وآل جور عام 2000م حتى بات الحسم بينهما صعباً.. </br>والمشكلة أنه حتى الأحزاب المعارضة وبينها أحزاب إسلامية تنجرف في ذات التيار، فيتحالف أحدها مع جناح بو تفليقة معرضاً عن تاريخه السياسي رغم أن استطلاعات الرأي داخل الحركة كانت تفضل أن يترشح قائدها بنفسه في هذه الانتخابات..<BR>ومأساة الشعوب العربية أنها وثقت في حكامها يوماً إبان عهود الاستقلال، فجعلت منهم أبطالاً، وحملتهم على الأعناق فخراً، فكانت النتيجة أنهم ظلوا على الأعناق قهراً، ولا يوجد حاكم عربي هتفت الجماهير باسمه يوماً إلا سامها خسفاً وقهراً أياماً وسنوات، ومن ثم فقد توقفت الجماهير عن الهتاف باسم حاكم منذ زمن بعيد، وترك الحكام مخاطبة الجماهير مباشرة، واعتمدوا حوار " الطرشان " من طرف واحد، كما يحدث في تونس، حيث أعلن زين العابدين قبل سنوات عن الترشح لمدتين فقط نزولاً عند رغبة الجماهير، ثم عاد وزادهما اثنين آخرين بناء على إلحاح الجماهير، والحقيقة أنه لا يفعل شيئاً ولا يتخذ قراراً إلا بعد أن يُذيَّله برغبة الجماهير العريضة في تونس..<BR>وفي الجزائر لا شعبية لبو تفليقة أو بن فليس، فكان لابد من التحالفات، وهي تحالفات قابلة للتغير في كل موسم انتخابي، والغريب هنا أن أغلب الأطراف يفكون ولاءاتهم باستمرار، فعدو اليوم حليف الغد والعكس صحيح، ما عدا الإسلاميين فهم ثابتون على عداوة بعضهم بإصرار عجيب، والحق أن تجربة الإسلام السياسي في الجزائر قد أثبتت فشلاً ذريعاً للعمل السياسي كوسيلة فعالة للتغيير من قبل الحركات الإسلامية في العالم العربي، ولذلك أسبابه العديدة التي سنفصلها في مقال قادم _بإذن الله_..<BR><br>