ما الجديد في الحوار الفلسطيني بالقاهرة؟!
9 شعبان 1425

زار القاهرة مؤخراً عدة وفود من الفصائل الفلسطينية المختلفة آخرها وفد من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) برئاسة خالد مشعل (رئيس المكتب السياسي لحماس) في المدة من 18 إلى 21 سبتمبر الجاري ضمن الاستعدادات التي تجريها القاهرة لعقد جلسة جديدة من جلسات الحوار الفلسطيني الموسع بالقاهرة بهدف ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي والاستعداد للانسحاب الصهيوني من غزة.<BR><BR>ويبدو أن خلافات الفصائل التي ظهرت في حوارات سابقة دفعت القاهرة لتفضيل طريقة الحوارات الفردية مع كل فصيل على حدة للوصول إلى اتفاق مكتوب غير معلن حول النقاط المطروحة للنقاش تمهيداً لعقد اجتماع موسع في نهاية الأمر مع كل الفصائل لإعلان الاتفاقات، يكون مصحوباً بضمانات أمريكية وإسرائيلية تتعلق بالمضي في عملية التسوية السلمية في القضية الفلسطينية، ووقف العدوان الصهيوني على غزة والضفة، ووقف سياسة الاغتيالات.<BR>والمشكلة الكبرى التي تواجه وتعرقل هذه المحاولات المصرية أن الظروف الدولية وتزايد الاستفراد الأمريكي بإدارة شؤون العالم، وأخذ الصهاينة على جناحهم والدفاع عن مجازرهم جعلت واشنطن وتل أبيب تشعران أنه لا حاجة لأي اتفاقات سلام يتنازلون بموجبها عن أي شيء للعرب والفلسطينيين طالما هم قادرون على الحصول عليه بالقوة دون أن يردعهم أحد، وترتب على هذا أن الصهاينة والأمريكان رفضوا تقديم أي ضمانات أو مقابل لمصر والفلسطينيين مقابل خطة لوقف القتال تقوم بها الفصائل الفلسطينية برعاية مصرية!!<BR><BR>ولهذا صرفت القاهرة النظر عن الحوار الفلسطيني الموسع القادم مؤقتاً، وأبقت على التنسيق الثنائي، والتشاور مع كافة الفصائل الفلسطينية بهدف إقناعهم على ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي بشكل منظم وإنهاء الخلافات بين الفصائل وبين السلطة الفلسطينية، وتوحيد الجبهة الداخلية الفلسطينية لمواجهة مخاطر هذه المرحلة التي يمكن وصفها بمرحلة البلطجة الأمريكية /الصهيونية.<BR><BR>وضمن هذا السياق جاءت زيارة وفد حركة حماس للقاهرة.. فعندما سألت (المتحدث باسم حركة حماس في بيروت) أسامة حمدان هاتفياً: "ما الجديد في زيارة وفد حماس للقاهرة ؟ " قال بوضوح أن هناك أمرين: <BR><BR><BR>(الأول) أنه تبين أن كل ما تحدث به شارون حول الانسحاب من غزة ووجود خطة إسرائيلية لذلك ليس الهدف منها هو إعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه بقدر ما هو تصفية القضية الفلسطينية، حيث أراد شارون أن يشرك الحكومات العربية في خطته هذه لتصفية القضية (!)، وهو ما ترفضه مصر والشعب الفلسطيني ويتطلب تشاور بين الطرفين.<BR><BR>(الثاني) هو طبيعة الموقف الأمريكي الذي يزداد تورطاً في المنطقة وفي العراق، وزيادة اللهجة التصعيدية ضد العرب وهو ما يعني أنهم (الأمريكان) لم يعدوا وسيطاً محايداً في المفاوضات، ولكن "طرف له خصومه مع العرب والفلسطينيين "، وهو ما يجعلهم أيضاً غير معنيين بسلام الشرق الأوسط.<BR><BR>وقد ترتب علي هذا مزيد من التشاور بين القاهرة والفصائل الفلسطينية، ومنها حماس حول هذا التصعيد بهدف "إعادة توجيه بوصلة الحركة السياسية باتجاه الشأن الفلسطيني الداخلي، وإعادة ترتيب البيت من قواعده وأن تراعي الظروف الجديدة "، كما ترتب عليه التركيز على القضية الفلسطينية نفسها، وتحديد ثوابت متفق عليها، وهي في هذه الحالة من وجهة نظر حماس: " دعم صمود الشعب الفلسطيني ودعم المقاومة وترتيب الوضع الداخلي ".<BR><BR>الجديد في الحوار الفلسطيني بالقاهرة هو بالتالي أن القاهرة تسعي بقدر الإمكان لبلورة خطتها الخاصة بوقف العمليات لمدة عام كامل يتزامن معها تنازلات إسرائيلية وضمانات بوقف مماثل للعدوان على الفلسطينيين والدخول في خطوات فعلية للانسحاب تبدأ بغزة بحيث تدخر هذا الاتفاق – الذي ترفض الفصائل تطبيقه ما لم يتزامن مع تنازلات صهيونية - لحين توافر الظروف الملائمة للتنفيذ على الطرف الصهيوني، وفي الوقت نفسه تسعي لتوحيد القوي الفلسطينية وإنهاء الفوضى الحالية كي لا يأكل الذئب الإسرائيلي من الغنم الفلسطينية القاصية المتفرقة!؟<BR>فقد ظهر للجميع حقيقة خطة شارون الخادعة للانسحاب من غزة، وظهر تحول واضح في الدور الأمريكي من وسيط محايد إلى "طرف له خصومه مع العرب"، وأصبح على العرب واجب التصدي لهذا التلاعب بهم وبأرضهم المحتلة وحقوقهم، وألف باء هذه المواجهة هو توحيد المواقف وترتيب البيت الداخلي والاتفاق على ثوابت وتأجيل الخلافات، وأحد أهداف حوارات القاهرة هو هذه النقطة تحديداً.<BR><BR>فليس سراً أن الفصائل الفلسطينية تعارض فكرة وقف المقاومة وترفض أي هدنة جديدة، وتدرك القاهرة هذا، وليس سراً أن الفصائل – خصوصاً حماس والجهاد – تطالب بدور في السلطة خصوصاً. <BR><BR>في إدارة غزة في حالة الانسحاب الإسرائيلي على اعتبار أن المقاومة هي التي لعبت الدور الأكبر في طرد الصهاينة من غزة ما يستوجب مشاركتهم في القيادة وفي كافة أجهزة السلطة الوطنية على كافة المستويات المالية والعسكرية والسياسية، وفي أي قرار مصيري فلسطيني لاحق.<BR>بل أن مسؤولين من حماس والجهاد ربطوا مشاركتهم في أي جلسات مقبلة للحوار الفلسطيني مستقبلا بموافقة رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات على مبدأ مشاركتهما في السلطة، كما تردد أن القاهرة تسعى خلال جولة المباحثات الحالية مع وفد حركة حماس إلى إقناع الحركة بترك حسم مسألة مشاركتها في السلطة إلى الانتخابات التشريعية الفلسطينية المنتظر إجراؤها في 2005م.<BR><BR>ولهذا أيضاً أكد محمد نزال (عضو وفد حماس للقاهرة) أن مصر لم تطلب من حماس وقف العمليات على الإطلاق، وأن من السابق الحديث عنه وقف العمل العسكري في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني فهذا العدوان لم يتوقف حتى في الأوقات التي كان فيها هدوء عسكري".<BR><BR>فهل تنجح حوارات القاهرة في ترتيب البيت الفلسطيني، الذي يعاني حالة من الفوضى والفساد والصراع بين أجنحة السلطة من جهة، وفصائل المقاومة وبعضها البعض من جهة ثانية، وانتشار ظاهرة العملاء الذين يقدمون خدمات ومعلومات لقوات الاحتلال يصطادون بها عناصر المقاومة التي تعد الأمل الوحيد الباقي لتوازن القوى بين الصهاينة والشعب الفلسطيني.. أم تستمر فوضى الداخل الفلسطيني، ويستمر معها النزيف الداخلي ليفرض شارون خططه منفرداً على الفلسطينيين بالقوة؟!<BR><br>