كوميديا الإصلاح
18 رمضان 1425

في كل رمضان تتكرر المشاهد ( الطائشة ) الساخرة ، فتعاد العظات و تطبع ( النشرات ) و تسكب الدعوات بالويل والثبور ويتأزم الغضب إلى حد الانفجار، ثم تبرد النفوس المشتعلة وتسكن القلوب الثائرة .. دون أن يتغير شيء سوى مرور الزمن .<BR><BR>وعلى الجانب الآخر يتعاظم في نفس الشيطان مجده الزائف ، وتأخذه العزة بالإثم وهو يرى نفسه كل عام يزيد بأسه ، وتعظم غلبته ، وتزيد مساحة النقد في ( طيشه ) إلى حد ( المقدس ) و ( الشرعي ) و ( المتفق عليه ) دون أن يكترث بالضجيج من حوله ولسان حاله يقول : أوسعتهم شتماً وساروا بالإبل .<BR><BR>ويصفق لمعسكر التزييف والتدجيل مجموعة من الكتبة ، في صحف صفراء فاقعة ، ممن تملكوا الزوايا والأعمدة الصحفية وحولها إلى ( دكاكين ) شخصية يعرضون فيها كل بضاعة مزجاة رديئة .. <BR><BR>وأولئك الكتاب إما أنهم أسرى شهواتهم؛ كمثل المتصابي الذي تمنى يوماً أن يكون قرداً كي يمارس شهوته علانية ! <BR> <BR> وإما أنهم بادي الرأي ، ذوي تفكير ضحل،.يرون كل ما هو ( رسمي )، و كل ما يعرض في وسيلة إعلام ( رسمية ) حق لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه أو أنه جدير بالتشجيع والدعم بدعوى الوطنية !<BR><BR>وأما الصنف الثالث فهم المنافقون الذي يفرحون بكل خطوة تبعد الأمة عن دينها، وتدعوها إلى اعتناق دين جديد لا يحمل من الإسلام إلا اسمه وبقايا شعائر ومشاعر لا تغيظ الكفار ولا تزاحم شهوات الدنيا و ملذاتها، ولا تحمل الفرد أية مسؤوليات أو استحقاقات .. <BR><BR>ومع خداع الإعلام وتلبسيه ، يتم تصوير الأمر للدهماء و للبسطاء أن ما يعرض على الشاشة أو صفحات الجرائد هو رأي الجمهور و قول الأغلبية، وأن المهرجين والمضحكين الذين لاحظ لهم من العلم أو القدر هم من سيقوم المسيرة ويدل الأمة على مسالك النجاة ومراقي العزة .. <BR>ويتم تطعيم ذلك كله بالمشاهد الفاجرة للنساء عديمات الحياء، والتي تستهوي مرضى الشهوة ، و بالسيناريوهات المضحكة التي تجذب التافهين ذوي الهمم الوضيعة لتخرج في النهاية ( طبخة ) مسمومة يأكل فيها البسطاء لحوم قومهم ، وليقام مزاد حقير تعرض فيه مبادئ الأمة ومعتقداتها، بل وأحكام قرآنها لمن يدفع أكثر من الضحك والسخرية و الهزأ .<BR><BR>وحين ينبري عاقل ليتساءل عن فحوى ذلك كله وجدواه، ويسأل : <BR>متى كان صواباً أن يوضع دين الأمة على مشرحة الكوميديا الساخرة ؟<BR><BR>فيجاب بكل معاني الاستخفاف : إنما هو النقد الكوميدي الهادف ، وليس شيء فوق النقد ! <BR><BR>ويتساءل العقلاء بسؤال بسيط ومباشر : <BR>وكيف لمن يجالس النساء الفاجرات علانية وعلى مرأى الآلاف، بل الملايين، ويخالطهن كما تخالط الزوجات و الأخوات – كتابة، وتمثيلاً، وإخراجاً - ولم تعرف عنه الاستقامة في الدين..كيف لهذا أن يكون جديراً بتقويم ( الشرعي ) و ( العقدي ) !<BR> <BR>ويتساءل العقلاء مرة أخرى :<BR> و ماذا أجدت كوميديا النقد والإصلاح المزعومة في بلاد أخرى رغم أنها سبقتكم بعقود ، سوى الإلهاء و إشغال الأمة بالضحك التافه بينما عجلة الفساد تدور وتطحن معها كل يوم المزيد من الضحايا ! <BR><BR>و يتساءل العقلاء .. <BR>وكيف لهذا النقد المزعوم ، وادعاء الإصلاح و دعوى ( الوطنية ) أن يرتجى منها خير و بركة و هي ظالمة جائرة ..جارت وظلمت مرتين :<BR>جارت وظلمت حيت غدت انتقائية تتغافل عن عظام وكوارث ومصائب قام بها الآخرون.<BR>وجارت وظلمت حين تقولت وادعت على أقوام دعاوى وأقاويل ومواقف هم منها براء . <BR><BR>ألا تباً لتلك العقول الصدئة، وتلك الأفهام السقيمة !<BR> <BR>أجعلتم دين الأمة وعقائدها و مبادئها محلاً للسخرية و الاستهزاء، وفوق ذلك كله مكابرة و تلبيس و كذب وتزييف وظلم وجور ؟<BR><BR><br>