ماذا يحدث في غرفة الرئيس الفلسطيني ؟
28 رمضان 1425

معظم الناس لم يعد يساورهم الشك حول وفاة (الرئيس الفلسطيني) ياسر عرفات، والذي دخل في غيبوبة من الدرجة الرابعة؛ منذ عدة أيام ، وأخيراً النزيف الدماغي الذي أصابه ليل الاثنين، بحسب المصادر الطبية في مشفى (بيرسي) العسكري الفرنسي، ومصادر في القيادة الفلسطينية، والذي تركه في حالة وفاة شبه حقيقية، تقوم فيها الأجهزة الطبية بعملية استمرار نبضه وجريان دمه.<BR><BR>ولكن لماذا يتأخر القادة الفلسطينيون حتى الآن في إعلان وفاة الرئيس، وماذا يحدث في غرفة عرفات، والغرف المجاورة له، حيث يسمح لضيوفه بدخول جناح عرفات، ويمنعون من دخول غرفته الشخصية ؟<BR><BR>الحقيقة الكاملة بيد ثلة قليلة هناك، ولكن جملة من المعلومات التي تم تسريبها، أو التي أعلنت بين باريس وفلسطين، شكلت حلقات متصلة أحياناً، ومنفصلة أحياناً أخرى، تشرح بطريقة ما الجدل الحاصل في باريس.<BR><BR>الأطراف التي تستطيع تحريك الوضع في غرفة عرفات؛ معدودة على أصابع اليد الواحدة، تأتي في مقدمتها سهى عرفات (زوجة الرئيس الفلسطيني، وأم ابنته زهوة) بالإضافة لـ(رئيس الوزراء الفلسطيني) أحمد قريع، ومحمود عباس، والمقربين منهم .<BR><BR>ويبدو أن أهم ما يميز الأحداث هناك، هو الخلاف القائم حالياً بين سهى الطويل (وهو الاسم الحقيقي لها) من جهة، وبين القادة الفلسطينيين من جهة أخرى .<BR>فسهى التي كانت مقيمة بعيدة عن زوجها وعن أضواء الصراع الفلسطيني لعدة سنوات مضت، ظهرت فجأة وبقوة، حاملة معها طموحاً مالياً يأمن لها "ضمان مستقبلها المالي لها ولابنتها".<BR><BR>أحد المسؤولين الفلسطينيين أكد لصحيفة "الأهرام" المصرية الصادرة يوم الثلاثاء 9/11/2004م، أن " سهى اختطفت عرفات من رام الله‏، واتخذت إجراءات وتدابير في مستشفي بيرسي العسكري في باريس‏،‏ جعلته كما لو كان سجيناً‏،‏ بهدف السيطرة على أموال الشعب الفلسطيني التي لا يعرف طريقها سوى عرفات‏".‏<BR><BR>وذكر أنه "لأجل ذلك اصطحبت سهى مجموعة من المحامين في محاولة لإيجاد طريقة للاستيلاء على أموال الشعب الفلسطيني،‏ والبحث عن مواد بالقانون الفرنسي‏، تضمن ذلك في حالة وفاة عرفات بالمستشفي الفرنسي"‏.‏ <BR><BR>وهذا المذهب في قضية الصراع أكدته مصادر فلسطينية وإسرائيلية أخرى بصور أخرى. <BR>حيث ذكرت صحيفة (هآرتيس) الصادرة اليوم الأربعاء 10/11، أن سهى رفضت اليوم مبلغ 2 مليون دولار، مقدمة من القادة الفلسطينيين، لأجل إنهاء الأزمة في باريس، وإعلان وفاة عرفات.<BR><BR>وأضافت الصحيفة في مقال كتبه الصحفي "زبون أرنون": " إن التسوية استهدفت إقناع سهى عرفات أن تسمح بإنهاء الاختبارات الطبية على عرفات، ما يساعد في إعلان موته، وأن الخلاف على المسائل المادية بدأ منذ أن أدخل عرفات إلى غرفة الطوارئ".<BR><BR>ويؤكد المقال أن " هذه الخلافات تجددت بعد وصول قريع ومحمود عباس ونبيل شعث إلى باريس أول أمس الاثنين، حيث اندهش القادة الفلسطينيون أن مرافق سهى عرفات ومستشارها المالي، ما هو إلا بيير رزق (اللبناني الماروني، الذي يرتبط بعدد من وكالات الاستخبارات العالمية، والمطرود من لبنان بسبب مشاركته بالحرب الأهلية ببيروت عام 1982م، وخاصة مذبحة صبرا وشاتيلا).<BR><BR>وبحسب المقال، فإن سهى الطويل، قد أوكلت إلى رزق، المفاوضات المالية حول تأمين "المستقبل المالي لزوجة وابنة الرئيس بعد وفاته" رغم أن سهى هي فرنسية الجنسية، ويضمن القانون الفرنسي لها حقوقها المالية كاملة.<BR><BR>وجهة النظر الفلسطينية في هذا الصراع، شرحها محمد رشيد (مستشار رئيس السلطة الفلسطينية) الذي قال: " إذا كانت تريد المزيد من المال فلتقل ذلك بوضوح، عليها أن تقول ما هي مطالبها. إذا توفي عرفات، وكلنا نتمنى له الشفاء، فمن الواضح أننا لن نتركها هي وابنتها زهوة، تواجه مشكلات مالية، لكنه من الواضح للجميع أن معالجة ذلك ستتم حسب القانون، لا يمكنها المبالغة في طلباتها".<BR><BR>وحرص رشيد على التأكيد، عدة مرات، بأن سهى مواطنة فرنسية أصلاً. <BR>وقال في حديث خاص لصحيفة "يدعوت أحرونوت" العبرية اليوم: " إنها تتمتع بالحقوق حسب القانون الفرنسي، لكن باريس تلامس هنا مسألة تتجاوز القانون الفرنسي، حتى لو كان (عرفات) زوجاً لمواطنة فرنسية. القادة الفلسطينيون الذين وصلوا إلى باريس هم القيادة الشرعية للشعب الفلسطيني. المقصود أكثر الشخصيات المقربة من عرفات، آمل أن يفهم الأطباء أن المقصود هنا مصير الشرق الأوسط أيضاً".<BR><BR>بعيداً عن هذه النزاعات المالية، والتي تؤخر إعلان وفاة عرفات، توجد عدة مشاكل أخرى عالقة، منها: قضية مكان دفن جثة عرفات، والتي تم الاتفاق أخيراً بين الفلسطينيين والإسرائيليين على دفنها في "رام الله"، التي تعد معلماً هاماً في حياة عرفات، بسبب وجود مقره الذي حوصر فيه لسنوات طويلة، وأطلق منها شعاراته التي أكدت على عدم خروجه منها حتى الشهادة.<BR>خاصة بعد أن رفض آريل شارون (رئيس الحكومة الإسرائيلية) دفن عرفات في القدس المحتلة.<BR><BR>كذلك توجد قضية أخلاقية دينية، وهي ما يطلق عليها اسم "القتل الرحيم"، حيث يحرم الدين الإسلامي هذه الطريقة في الموت، وهي الطريقة التي يجب على سهى عرفات طلبها بشكل رسمي من المشفى الفرنسي، لتعطيل الأجهزة الطبية التي تحافظ على استمرار حياة عرفات من الناحية العضوية.<BR><BR>كما تحرص القيادة الفلسطينية على إعلان وفاة ودفن عرفات قبل انتهاء شهر رمضان المبارك، لما له من أهمية ودلالة دينية لدى معظم المسلمين.<BR><BR>إلا أن انسحاب سهى الطويل فجأة من غرفة عرفات اليوم الأربعاء؛ بحجة قضاء الإجازة الأسبوعية، وعودة القادة الفلسطينيين إلى رام الله مساء أمس، والمفاوضات التي انتهت سريعاً بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ووصول الشيخ تيسير التميمي إلى غرفة عرفات بباريس تؤكد أن إعلان الوفاة ربما لن يتأخر أكثر من 24 ساعة قادمة.<BR><br>