الانتخابات أم المقاومة.. من يصنع مستقبل العراق؟
21 ذو الحجه 1425

وسط ضجيج ما جرى و يجري وما سيجري من بعد، بشأن الانتخابات العراقية أو بناء على نتائجها، فإن السؤال الحاكم للرؤية الصحيحة في فهم هذه الانتخابات، منذ بدايتها وحتى نهايتها، بل ولفهم كل تصريح أو موقف أو عمل يجري، و لكل أسلوب يجري استخدامه على أرض العراق، هو :أي عراق نستهدف؟ هل نستهدف عراقا " آخر " غير الذي كان، هوية وشعبا ودورا، عراقا محتلا أو خاضعا أو مهادنا لأعداء الأمة، أيا كانت درجة أو نوع هذا الاحتلال أو الخضوع أو الخنوع أو التغيير (عقدي أو سياسي أو اقتصادي أو ثقافي)، أم نستهدف عراقا إسلاميا عربيا مستقلا قويا (عقديا وسياسيا واقتصاديا وثقافيا) يقف مع بقية مكونات أمته في إعادة بناء حضارتها وفي مواجهة أعدائها؟<BR><BR>ذلك أن الإجابة على هذا السؤال الكاشف والمحدد، هي التي تتحدد على أساسها المواقف و الوسائل فتصبح الانتخابات وسيلة، أو تصبح المقاومة وسيلة أو بالدقة؛ لأن الإجابة على هذا السؤال هي ما تحدد على أساسه استراتيجيات الصراع لدى هذا الطرف أو ذاك من الأطراف في العراق، والتي يتحدد على أساسها –بدورها – الأسلوب الأنسب لتحقيقها لدى كل طرف، الانتخابات أم المقاومة.إذ إن الاستراتيجيات وما يرتبط بها من تكتيكات وأساليب لا تتحدد إلا وفق اختيار لهدف محدد، تكون هي بكافة مكوناتها مسخرة لإنجازه.<BR><BR><font color="#0000FF"> أي عراق نستهدف؟ </font><BR>إذا كانت الإجابة على السؤال الكاشف والمحدد، هي أن المستهدف هو بناء عراق خارج إطار الأمة، مضمونا مع بقاء الشكل أو شكلاً ومضموناً، أي تغيير هوية العراق (ليصبح متشيعا على النمط الإيراني أو غربيا على النمط الذي يريده الغرب) أو عراق تحت سيطرة واحتلال قوى البغي والشر في العالم، أو عراق بعيد عن قضايا أمته –أيا كانت المسميات أو المشروعات أو البرامج أو أسماء الجماعات -فإن الاختيار سيكون المشاركة في الانتخابات الراهنة، حيث الانتخابات تحت الاحتلال هي الأسلوب الذي يؤدى إلى تحقيق هذا الهدف أو هي التي تضمن تحقيق هذا الهدف -ومن ثم يكون كل من يقف ضد الانتخابات عدو ينبغي قتاله- كما كانت من قبل المشاركة في كل أشكال الحكم التي أقامها الاحتلال هي وسيلة تحقيق هذا الهدف.<BR>وإذا كانت الإجابة هي، أن المستهدف هو عراق إسلامي عربي محافظ على هويته بل ساعيا لإزالة ما شوه بعض جوانب حياته أو عراق مقاوم للهجمة الإجرامية ضده –أيا كانت المسميات والمشروعات والبرامج أو أسماء الجماعات –وضد أمته، فإن الاختيار سيكون المقاومة والجهاد ضد الاحتلال وضد كل من يقف في صف إجراء هذه الانتخابات تحت الاحتلال -باعتباره عدوا ينبغي قتاله –كما كان الحال عند أصحاب هذه الإجابة منذ وطأت أقدام الاحتلال أرض العراق بل ومن قبلها.<BR><BR>تلك الإجابتان المختلفتان، هي ما نرى أمامنا في العراق ترجمة لها في وسائل وأساليب ومواقف لدى الأطراف العراقية منذ بدء الاحتلال وحتى الآن، والتي في إطارها يجب أن نفهم مجريات الانتخابات العراقية.<BR>ذلك أن ما رأيناه أمامنا على الساحة العراقية، ليس خلافا حول أهمية الانتخابات كأسلوب (بشكل مجرد) أو حول أهمية المقاومة كأسلوب (بشكل مجرد)، وإنما ما رأيناه على الساحة العراقية هو صراع بين استراتيجيتين تحددتا على أساس طبيعة الإجابة عن السؤال الفارق –أي عراق نستهدف - الأولى منها، ترى أن الانتخابات تحت الاحتلال هي ما يصنع مستقبل العراق ذو الهوية الجديدة المختلفة وألا مستقبل لها وللعراق هذا إلا بإجراء انتخابات في ظل الاحتلال، وذلك كامتداد لحالة التعاون السابقة –واللاحقة –مع قوات الاحتلال، والثانية ترى أن المقاومة هي ما يصنع مستقبل العراق (الإسلامي العربي المجاهد)وأن الانتخابات مثلها مثل كل أشكال الحكم تحت الاحتلال، هي جزء من مشوار الاحتلال ومشروعه، وذلك كامتداد لاستراتيجيتها في مقاومة الاحتلال منذ البداية.<BR><BR>في الاستراتيجية الأولى نجد أطرافا متعددة، لكنها جميعا أطراف تتفق مع مشروع الاحتلال أو هي متعاونة ومستفيدة من الاحتلال وإن اختلفت مصالحها مع بعضها البعض أو تعارضت في ما يطلبه أو يطالب به كل طرف من منافع الاحتلال، ولذلك هي تتفق على أن الانتخابات هي الوسيلة التي حددها الاحتلال -لتقسيم المنافع فيما بينها -فتقبل بها وتتعاطى معها، وباعتبار أن أهدافها لا تختلف جوهريا أو جذريا مع أهداف الاحتلال.<BR><BR>وفي الاستراتيجية الثانية نجد أطرافا متعددة أيضا، لكنها جميعا أطراف رفضت الاحتلال منذ بدايته وقررت الجهاد ضده بالكلمة أو السلاح، ولا ترى سوى المقاومة بديلا لمواجهة الاحتلال ومن تعاون معه من أطراف عراقية الملامح اللغة، باعتبار أن أهدافها لا تلتقي لا تكتيكيا ولا استراتيجيا مع أهداف الاحتلال.<BR>وبسبب الاختلافات في الإجابة عن السؤال الفارق (أي عراق نستهدف) وما بنى عليها من استراتيجيات لكل طرف من وسائل، اختلفت طريقة التعامل مع عملية الانتخابات ذاتها.<BR>حيث الطرف الذي أجاب عن السؤال الكاشف بأن العراق المستهدف هو عراق آخر - الاحتلال والقوى المعاونة معه – وجد من مصلحته أن يثير الضجيج حول الانتخابات كجانب من جوانب إنفاذ خطته، التي يخدمها في هذه الحالة إكثار الحديث حول تفاصيل ما يجرى داخل عملية الانتخابات بإثارة الضوضاء عن المشارك والمخالف والمعترض وربما حتى المنسحب، وبطبيعة الحال العمل بكل وسيلة على تضخيم الخلافات بين القوائم الداخلة في الانتخابات، وذلك كله بهدف إرباك العقول وشدة جذب الناس لمتابعة مجرياتها لتحل الوسيلة في عقول الناس محل الهدف.<BR><BR>وفي المقابل فإن الطرف الذي أجاب على السؤال الكاشف، بأنه ينشد عراقا عربيا وإسلاميا، ومن ثم رفض التعاون مع الاحتلال بأية درجة وبأي قدر ووفق أي أسلوب رأى أن التركيز يجب أن يكون على جهد المقاومة وفعلها باعتباره الأصل، وأن الصحيح ليس فقط إفشال لعبة الانتخابات العبثية -فهو لا يقصدها بعينها بل هو يقصد ضرب كل المشروعات والخطط الاستراتيجية والتكتيكية التي يحاول من خلالها الطرف الآخر الوصول إلى أهدافه-وإنما إعادة الأمور إلى الأصل، وفق قاعدة إما تعاون مع الاحتلال وأما مقاومة لوجوده في أية صورة.<BR><BR><font color="#0000FF"> الانتخابات والمقاطعة: </font><BR>الانتخابات ليست هدفا في حد ذاتها، وإنما هي وسيلة قد تحقق هذا الهدف أو غيره، فهي في ظرف عدم وجود الاحتلال قد تكون هي الأسلوب الأنجح الذي يختارها المقاومون –الآن- أنفسهم أسلوبا لتداول السلطة في العراق وفق ضوابط شرعية، وهى في ظرف الاحتلال وتحت سيطرته ستكون وسيلة لإقرار بقاء الاحتلال وتطوير مشروعه، ومن ثم فإن الاختلاف على إجرائها ليس اختلافا حول مبدأ إجراء الانتخابات، وإنما هو اختلاف حول الأهداف التي يراد تحقيقها من إجراء الانتخابات نفسها في هذا الظرف، حيث الطرف الذي أراد إجراءها تحت الاحتلال استهدف تحقيق أهدافه في بناء عراق تحت الاحتلال اليوم وغدا، بينما الطرف الذي رفض إجرائها، استهدف منع الاحتلال من ترسيخ أقدامه وصولا إلى هدف إنهاء الاحتلال وبناء عراق عربي إسلامي قوى.المشارك في الانتخابات لا يشارك فيها لموافقته من حيث المبدأ على إجراء الانتخابات، والمقاطع لها لا يقاطعها؛ لأنه يرفض الانتخابات من حيث المبدأ، وهو ما يطرح بدوره اختلافا في طريقة التعامل مع الانتخابات ليس من باب المشاركة أو المقاطعة ولكن أيضا من زاوية طريقة التعامل مع حجم الاهتمام الإعلامي مع الانتخابات.<BR><BR>ولذلك فان الذين قاطعوا الانتخابات، لم يقاطعوها لقلق من قلة تحصيل أصوات الناخبين، ولا لأنها ستظهر انهم "اقل عددا في مؤيديهم " من الذين قبلوا المشاركة أو سعوا إليها، ولا لأنهم خافوا من تأثير قوة الاحتلال على تجاوب الناخبين إلخ، ولا لأنهم يرفضون الانتخابات من حيث المبدأ، وإنما لأنهم رأوا فيها في الظرف الراهن، وسيلة لإقرار أهداف الاحتلال والعملاء والمتعاونين معه، ولذلك كان شرطهم الأبرز هو ضرورة وضع جدول زمني محدد لانسحاب قوات الاحتلال، وجعل الانتخابات تجرى تحت إشراف طرف آخر غير قوات الاحتلال...إلخ.<BR><BR><font color="#0000FF"> انتخابات بين قوى الاحتلال؟! </font><BR>وفي ضوء أن الذين لهم هدف يتمثل في تحرير العراق وبناؤه قد رفضوا دخول لعبة الانتخابات باعتبارها وسيلة تحقق هدف الاحتلال وحلفائه، فإن الانتخابات الحالية في العراق لم تجرى بين أطراف عراقية مختلفة حقيقة أو جوهريا لا بين بعضها البعض –ألا بحكم اختلاف المصالح والمنافع تحت سقف الاحتلال –ولا بينها مجتمعة وبين الاحتلال، وإنما هي انتخابات كانت تجرى بين أصحاب الهدف الواحد المشترك –من عراقيين ومحتلين -أو بين قوى تراها الوسيلة لتقسيم المنافع فيما بينها تحت سقف الاحتلال وتراها وسيلة لترسيخ الاحتلال وتحقيق أهدافه.<BR>هي انتخابات تجرى بين القوى المتعاونة والمتقاطعة مصالحها مع الاحتلال، لا وليست انتخابات لاختيار نظام حكم شعبي منتخب في العراق.ولذلك كان طبيعيا أن يكون المشاركون فيها -بعيدا عن المعنى العام لفكرة حرية الشعب العراقي في اختيار حكومته –هم نفس القوى التي تعاونت مع الاحتلال منذ البداية.<BR><BR>إن نظرة متابعة على اللوائح التي دخلت من خلالها الأطراف العراقية إلى الانتخابات، تظهر أنها جميعا هي نفس القوى التي بدأت رحلة التعاون مع الاحتلال والتقاطع معه منذ بداية إعداد الولايات المتحدة الساحة العراقية للاحتلال.في مؤتمر لندن وفي مؤتمر شمال العراق كانت الجماعات الحاضرة تحت الرعاية الأمريكية، هي بالأساس الجماعات الشيعية المتعددة من حزب الدعوة فرع العراق إلى ما يسمى نفسه بالمجلس الأعلى للثورة الإسلامية (ميليشيا بدر) برئاسة الحكيم إلى حركة الجلبي، وكانت هناك الجماعات الكردية ممثلة في الحزبين الرئيسيين المعبرين عن الحالة الكردية المتعصبة –الاتحاد الوطني والاتحاد الديموقراطي -والى جوار هذه وتلك كانت هناك جماعات أخرى مثل جماعة علاوي والجلبي ومتفرقات من بعض الشيوعيين... إلخ.<BR><BR>وفي تشكيل مجلس الحكم الانتقالي، الذي بدا به الاحتلال تجربته في حكم العراق، كانت هذه القوى هي نفسها الممثلة في المجلس، أو هي نفس القوى التي جرى تقسيم مقاعد المجلس فيما بينها، وكذلك كانت الوزارة العراقية –التي لم ترتق حتى إلى مستوى الوزارة الفلسطينية بعد اوسلو –والتي عمل فيها كل وزير تحت رئاسة مباشرة من مستشار أمريكي.<BR>وحينما تغيرت خطة الاحتلال في حكم العراق، فقرر مغادرة بريمر واستبداله بجروبونتى، وتغيير شكل الحكم من حكم أمريكي مباشر إلى حكم أمريكي غير مباشر، كانت نفس هذه القوى هي التي شاركت فيما سمي بانتخابات المجلس الوطني –تحت راية الاحتلال –والتي من داخلها أيضا جيء بالموجودين حالياً في السلطة العراقية الخاضعة لإرادة الاحتلال وإدارته، من أمثال علاوي وشعلان وغيرهم.<BR><BR>والآن في هذه الانتخابات لم يختلف الوضع لا قليلاً، حيث القوى نفسها هي نفسها التي تدخل الانتخابات، وما دخل من تغيير عليها لم يتعد عملية ترتيب هذه القوى من الداخل أو ترتيب علاقاتها مع بعضها البعض. لقد دخل ممثلو الحالة الكردية بقائمة لا تغيير فيها عن طبيعة القوى الكردية التي شاركت في مؤتمري لندن أو شمال العراق أو مجلس الحكم أو الوزارة الأولى والثانية، و ما حدث بالنسبة للشيعة هو بالدقة إقامة نوع من التحالف الأوثق بين أطيافهم، وبنفس القيادات والوجوه إلا من قتل منهم واستبدل بشقيقه –عبدالعزيز الحكيم بدلاً من باقر الحكيم –وإن كان هناك جديد، فهو جديد إلى الأسوأ حيث تم دمج العملاء المباشرين المكشوفين والأكثر شراسة في عمالتهم للاحتلال، في داخل القائمة الشيعية كما هو الحال مع أحمد الجلبى، والتي انضم إليها أيضا ممثلي المسيحيين والصابئة، وكذلك فإن علاوي هو علاوي وجماعته، وإذا كان هناك من ظهر جديداً على الساحة من أسماء أحزاب وهمية فإنها في أغلب الظن لا دور لها في الانتخابات سوى القيام بدور المحلل –غير الشرعي هنا –لوصول من قررت الولايات المتحدة أن يصل إلى حكم العراق، أي الشيعة.<BR><BR>ويبقى أن التغير الأساس الذي حدث، في خارج هذه الدائرة، هو أن المقاومة العراقية نجحت في إبعاد أطراف "تحدثت باسم السنة من قبل وتعاونت مع الاحتلال " عن المشاركة في الانتخابات، كما هو حال الحزب الإسلامي، وبما حقق إجماعاً في منطقة وسط العراق، وإضعافاً مبكراً لنتائج الانتخابات.<BR><BR><font color="#0000FF"> الشيعة فرس الرهان الأمريكي القديم الجديد! </font><BR> المتابع بدقة لما جرى أو سيجرى من نتائج للانتخابات، يتضح له أن الولايات المتحدة هي التي ستوصل الشيعة إلى الحكم في الانتخابات وليس العكس، بل سيكتشف أن ليس في ذلك خروجا على ما بدأت به الولايات المتحدة خطتها في احتلال العراق على الإطلاق!.<BR>لقد كان ما أعطى احتلال العراق بقاء ووجودا منذ البداية هو التحالف الشيعي الأمريكي ليس إلا، حيث اعتمدت الولايات المتحدة في غزوها واحتلالها للعراق على المساندة التي تلقتها من القيادات الشيعية –بفعل ذلك انحصرت المقاومة في وسط العراق –وهو ما انعكس عمليا في النسب التي حددتها قوات الاحتلال، في كل مؤسسات السلطة التي أنشأتها، حيث أعطت للشيعة نصيب الأغلبية في كل هذه الأشكال التي قادت من خلالها احتلال العراق، سواء مجلس الحكم أو ما سمي بالمجلس الوطني العراقي، وهي كذلك تفعل في الانتخابات الحالية.<BR>لقد كانت الولايات المتحدة مدركة بدقة أن من سيقف ضدها في العراق هم السنة، وليس غيرهم، ولذلك خططت الحملة العدوانية عسكريا ووزعت القوات على هذا الأساس، فكانت مواقع تمركز القوة الأقل والأضعف ممثلة في القوات البريطانية والقوات البولندية والسلفادورية إلخ، في منطقة الجنوب، وكانت مناطق تمركز القوة الأكبر وهى القوة الأمريكية في منطقة الوسطأ ثم واصلت نفس المسيرة في تحديدها لنسب المشاركة في السلطات التي أنشأتها، وهى ستفعل نفس الشيء في نتائج الانتخابات، باعتبار أن ذلك هو ما يحقق أهدافها المقبلة وبأقل الخسائر.<BR><BR>كان تصور قوات الاحتلال صحيحا ومبنيا على اتفاقات مسبقة، ولم يكن مطلوبا أبدا أن يرحب قادة الجنوب المتحدثين باسم الشيعة بقوات الاحتلال وإلا فقدوا دورهم أمام الشعب العراقي، بل كان المطلوب –وهو ما نفذ –أن يؤمن هؤلاء القادة منطقة الجنوب من اشتعال المقاومة في الجنوب –وحصلوا على مكافأة الفوز بغنائم الاحتلال بسبب ذلك –حتى يتمكن الاحتلال من مواجهة السنة في الوسط.وها هي قوات الاحتلال تخطو الخطوة الأكبر بعد الانتخابات لتجعلهم، هم من يواجهون المقاومة في الوسط، وربما بعض مناطق الشمال أيضا.<BR><BR><font color="#0000FF"> موقع الانتخابات في خطة الاحتلال: </font><BR>تبدو الانتخابات العراقية من ناحية المراحل، هي الخطوة المرحلية الثالثة في خطة قوات الاحتلال. كانت الخطوة الأولى، هي خطوة تشكيل المجلس المحلى الانتقالي (مجلس الحكم الانتقالي) الذي كان الشكل المؤقت لحكم شكلي يعطى شرعية جماهيرية لقوات الاحتلال بقدر من شارك فيه من القابلين والمعاونين مع الاحتلال.<BR>وتلتها الخطوة الثانية ممثلة في تشكيل حكومة علاوي وتسليمها السلطة شكليا في لقاء الليلة المظلمة الشهير بين علاوي والمسؤول المدني للاحتلال بول بريمر، والتي وضعت "عراقيين" في واجهة السلطة بغض النظر عن شرعيتهم، إذ إن المطلوب دوماً هو إبراز وجوه عراقية وإخفاء الوجوه الأمريكية.<BR><BR>واليوم تأتي الخطوة المرحلية الثالثة الآن، وهى خطوة إجراء انتخابات تمنح وجود الاحتلال الدائم شرعية دائمة وتعطي لقوة "عراقية " قوية مهمة مواجهة المقاومة وتثبيت الاحتلال وتغيير هوية العراق تحت إشرافها وتحت قيادتها، ومن ثم تصبح الانتخابات تطورا مفصليا في تاريخ العراق الحديث على أكثر من صعيد.<BR><BR>فهي على صعيد الاحتلال تمثل تطويرا لمشروعه، سواء كان ذلك من خلال إدخال قوى أخرى إلى ساحة المواجهة مع المقاومة لتخفف من ضغط المقاومة العراقية ضدها أو كان من خلال إيجاد فرصة أفضل للانسحاب التدريجي من العراق تحت دخان حرب أهلية أو تحت شعارات بإنجاز الديموقراطية في العراق -وقد يكون من أهداف الاحتلال أن تجرى عملية الانسحاب بالطريقة التي يمكن من خلالها تفجير حرب إقليمية وليس حرباً أهلية عراقية فقط –أو كان ذلك من خلال ترافق بدء خطة الانسحاب إلى قواعد آمنة خارج المدن العراقية، مع تركيز كل جهود الشرطة وحرس الاحتلال العراقي –تحت القيادة الشيعية وبعد دمج الميليشيات الشيعية فيها -على تلك المناطق التي تنشط فيها المقاومة.<BR><BR>وعلى صعيد القوى المتحالفة مع الاحتلال، ستمثل الانتخابات تأسيسا تشريعيا لسيطرة الشيعة على جهاز الدولة العراقي –وفق صيغة علمانية للحكم –ووفق تلك الصيغة ستتوارى قوات الاحتلال إلى الخلف ليحل محلها القوى الشيعية الفائزة في الانتخابات.<BR>وعلى صعيد القوى الكردية العرقية، ستكون الفرصة المواتية للحصول على دفعة اكبر لمشروعها في تأسيس دولة كردية مستقلة.<BR><BR>أما على صعيد أهل السنة في العراق، فان نهاية الانتخابات ستكون هي نقطة إعلان فوزهم في الانتخابات وليس العكس، باعتبارهم القوة الرئيسة التي وقفت ترفع راية بناء عراق إسلامي محرر من الاحتلال، وبما سيجعلها القوة التي سيلتف حولها كل قوى المقاومة في العراق ولتصبح هي وحدها صاحبة الحق في تأسيس عراق ما بعد الاحتلال.<BR><BR><font color="#0000FF"> عراق ما بعد الانتخابات: </font><BR>السيناريو الأقرب للواقع، هو أن الصياغة التي ستجرى وفقها مرحلة ما بعد الانتخابات، ستقوم على محاولة القوى الشيعية تعزيز ما ستحصل عليه في حكم العراق المحتل، وأنها في السبيل إلى ذلك، ستسعى من فورها وباستماتة إلى إدخال أكبر قدر من الواجهات من المحسوبين على أهل منطقة وسط العراق، ومن الذين سبق أن تعاونوا مع الاحتلال في هذه المرحلة أو تلك، باستهداف خداع المواطنين السنة، وللتغطية بالمقابل على الحملة التي ستشرع سلطتهم فيها على الفور ضد المقاومة، باعتبارها حركات تمرد ضد الدولة العراقية.<BR><BR>كما ستسعى من فورها إلى بذل كل جهد ممكن إلى وقف تحرك الأكراد باتجاه الانفصال، لتوجد بذلك مساحة من المصلحة المشتركة لها مع دول المحيط خاصة تركيا وسوريا وبطبيعة الحال لتحمى المصالح الإيرانية.<BR><BR>وهى أمور خلاصتها، إشعال نمط مستتر من الحرب الأهلية في العراق لعل ما قاله عبد العزيز الحكيم مسئول حركة بدر من انه عرض على الحكومة حشد 100 ألف مسلح لحماية الانتخابات في العراق، يمثل هنا الإشارة الأهم على أنه إذا وصل للحكم، فإن من الطبيعي أن تصبح هذه الميليشيات في قلب المعركة ضد المقاومة أو هي محور تشكيل وزارة الدفاع العراقية من جديد.<BR><BR><font color="#0000FF"> من يبنى مستقبل العراق؟ </font><BR>الانتخابات ليست هدفا ولا غاية في حد ذاتها، والقوى التي تتصارع في هذه الانتخابات هي نفس القوى التي تعاونت مع الاحتلال قبل أن يحدث وبعد أن وقعت العمليات العسكرية وبعد أن جرى الاحتلال أي تلك القوى التي تسعى إلى إنفاذ مشروع الاحتلال.<BR>والمقاومة ليست هدفا في ذاتها، بل هي وسيلة لبناء عراق إسلامي محرر، اعتمادا على قوى رفضت الاحتلال من بدئه وستواصل رفضه ومقاومته في المستقبل.<BR><BR>والجديد فيما بعد الانتخابات لن يكون سوى انكشاف أوضح للقوى التي تعاونت مع الاحتلال، لتتحدد المعسكرات في داخل العراق ويشتد التمايز بين مشروع الاحتلال ومن معه وبين مشروع العراق الإسلامي العربي ومن يجاهد من أجله.<BR><BR>وهنا ستبرز قوة المقاومة بشكل أكبر ويلتف حولها قوى متكاثرة، ومعها ستسقط آخر الخيارات المتاحة لدى الاحتلال ومن تعاون معه جملة واحدة.<BR><br>