بوش وثمن عقود إعادة إعمار العراق وأفغانستان
11 شوال 1424

لم يكن من السهل على إدارة الرئيس بوش أن تتجاهل قيمة العقود الضخمة التي ستذهب إلى الشركات الاقتصادية الأمريكية والعالمية، دون أن يكون لها حصة "اقتصادية" و "سياسية" منها، خاصة وأن قوانين المعاملات الأمريكية تعتمد على المقايضة والربح، وهذا ما ينطبق على السياسة أحياناً أكثر منها في التجارة والاقتصاد.<BR><BR><font color="#0000FF" size="4">مصالح متبادلة: </font><BR><BR>ففي حين تهتم الدول بما يحصل في العراق من احتلال وقتل وعمليات للمقاومة تذهب العقود<BR> الاقتصادية المربحة التي حصلت عليها إدارة بوش من الكونغرس الأمريكي ومن الدول التي قدمت تبرعات ضخمة، إلى شركات مدروسة بعناية، ومخطط لها منذ وقت سابق، فليس من الممكن أن تمر العقود التي تحمل مبالغ تقدر بمليارات الدولارات هباءً إلى شركات لن تفيد بوش وإدارته بشيء. <BR><BR>فقد أظهرت دراسات أمريكية أن نحو 70 شركة أمريكية ترتبط بصلات قوية مع إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش، حصلت على أكثر من 8 بليون دولار كقيمة لعقود إعادة إعمار العراق وأفغانستان خلال السنتين الماضيتين.<BR>وطبقاً للتقارير التي قدمتها مراكز بحث أمريكية فإن الشركات الأمريكية الـ170 التي حصلت على عقود إعادة الإعمار قامت بالتبرع بأموال كبيرة لتمويل حملة بوش الانتخابية،<BR>ومن بين تلك المراكز البحثية مركز "النزاهة للوحدة العامة" والذي يعد منظمة حيادية غير ربحية وغير حكومية.<BR><BR><font color="#0000FF" size="4">شركة هاليبرتون: </font><BR><BR>فقد أظهرت التقارير أن معظم العقود التي منحت خلال عامي 2002 و2003م ذهبت إلى المقاولين الأمريكيين، وتضمنت عشرات العقود باهظة الثمن.<BR>فعلى سبيل المثال حصلت شركة خدمات حقول البترول الأمريكية العملاقة "هاليبرتون" على أعلى قيمة لعقود إعادة الإعمار في كل من أفغانستان والعراق، حيث تقدر قيمة العقود الموقعة معها إلى ما يزيد على 2.3 بليون دولار.<BR>وكان ديك تشيني نائباً لرئيس شركة هاليبرتون الموجودة في هيوستن قبل أن يصبح فيما بعد أحد أعضاء إدارة بوش في أغسطس 2000م.<BR>إلا أن تشيني لا يزال يحصل على مبالغ سنوية من الشركة التي يعد أحد المساهمين فيها، والتي تقدم له على شكل تعويضات مؤجلة سنوية.<BR><BR>ونشرت الشركة ذاتها تقريراً حول أرباحها السنوية أظهر ارتفاعاً كبيراً في وارداتها، حيث ارتفع خلال الربع الثالث من العام الحالي إلى 4.1 بليون دولار مقابل 3بليون دولار في الربع الثاني.<BR>وأشار التقرير إلى أن سبب ارتفاع الإيرادات هو توقيع العقود مع الجيش الأمريكي لتنفيذ مشاريع في العراق.<BR>ومن أجل تحديث صناعة البترول في العراق، والتي تنظر إليها الإدارة الأمريكية على أنها الكنز الدفين في العراق الذي يجب استخراجه لسداد نفقات احتلال العراق وتقديم المساعدات المالية للدول التي شاركت ودعمت الاحتلال منها بعض الدول العربية.<BR><BR>وحاول أعضاء الحزب الديمقراطي في الكونغرس الأمريكي الاعتراض على هذه "المنح" التي تقدمها إدارة بوش لشركة هاليبرتون كما اعترضت جماعات مدنية أخرى على ما أطلق عليه اسم "محسوبيات في الإدارة الجمهورية" إلا أن العقود ذهبت بالفعل إلى تلك الشركات وانتهى الأمر..<BR><BR><font color="#0000FF" size="4">شركة "بيكتل" و"الصناعات المتطورة":</font><BR><BR>ومن بين الشركات الأمريكية التي حصلت على الدعم الحكومي وعقود إعادة الإعمار مجموعة "بيكتل" المتخصصة في المجالات الهندسية والمقاولات، والتي يقع مقرها في سان فرانسيسكو، حيث حصلت هذه الشركة على عقود بقيمة 1.03 بليون دولار.<BR>وقد عين جورج بوش مدير الشركة التنفيذي "بيكتل رايلي" في فبراير الماضي رئيساً لمجلس التصدير، وهي لجنة استشارية اقتصادية لها تأثير فعال على الإدارة الأمريكية من الناحية الاقتصادية.<BR><BR>إحدى الشركات الأخرى التي حصلت على عقود "دسمة" في إعادة إعمار العراق وأفغانستان هي شركة التطبيقات الدولية أو "شركة الصناعات المتطورة"، والتي حصلت على سبعة عقود في العراق، إحداها تتمثل في تطوير الإعلام العراقي، وكانت حصيلة العقود السبعة 38 مليون دولار في عام 2004م، وعقود مؤجلة لعام 2004م بقيمة 90 مليون دولار.<BR>ولعل عدداً قليلاً يعلم بأن نائب رئيس هذه الشركة هو ديفيد كاي(المفتش السابق في الأمم المتحدة) والذي استأجرته وكالة المخابرات الأمريكية للعثور على أسلحة الدمار الشامل المفترضة في العراق، كما أكدت وكالة "إنتر برس سيرفيس" ومعظم وسائل الإعلام الأمريكية.<BR><BR><font color="#0000FF" size="4">تغلغل الشركات في الأحزاب الحاكمة: </font><BR><BR>كما أظهر بحث أمريكي آخر صادر عن اتحادات العمال بأن عشرات العقود ذهبت إلى شركات صغيرة ذات صلة هامة بإدارة بوش، منها: شركة بريني وكونتراك الدولية، وتقوم بعض هذه الشركات بمهام تجديد الحكومة العراقية (…) وأجهزة الشرطة والقوات المسلحة والإعلام، وتقديم مترجمين لاستخدامهم في عمليات الاستجواب والعمليات السيكولوجية، وفق تقرير بثته وكالة إنتر برس، والتي قالت:إن عقود إعادة إعمار العراق كثيرة وشاملة لدرجة وجود مقاولين لتقييم عمل مقاولين آخرين!!<BR><BR>ويضيف التقرير الذي أصدره اتحاد العمال الأمريكي أن نحو 60% من مديري وموظفي الشركات الـ70 الأمريكية كانوا إما أعضاء أو لديهم علاقات قريبة إلى أحد أعضاء الكونغرس الأمريكي الجمهوريين والديمقراطيين، أو لشخصيات هامة في وزارة الدفاع "البنتاغون"،<BR>كما أظهر التقرير أن أكبر 10 عقود موقعة لإعادة إعمار العراق وأفغانستان ذهبت لشركات توظّف مسؤولين حكوميين كبار سابقين، من أجل إثراء العلاقات العامة بين الشركات وإدارة بوش والكونغرس والبنتاغون.<BR><BR>كما أظهر تحليل لسجلات الشركات التي تمول الحملات الرئاسية في الولايات المتحدة أن أكبر 10 شركات حصلت على عقود في العراق وأفغانستان هي أكثر الممولين الأساسيين للحملات الانتخابية.<BR>حيث بلغ ما دفعته هذه الشركات منذ عام 1990م مبلغ 11 مليون دولار للحزبين الجمهوري والديمقراطي.<BR><BR>ويضيف التقرير: "بالطبع فإن معظم الشركات التي فازت بعقود إعمار العراق وأفغانستان كانت من بين اللاعبين السياسيين، حيث أظهرت السجلات أن أكثر شخص استفاد من أموال هذه الشركات عبر التبرعات هو جورج بوش، الذي استفاد من مبلغ قدره 500 ألف دولار لوحده".<BR><BR><font color="#0000FF" size="4">محاولات أمريكية للتعتيم: </font><BR><BR>وقال التقرير: إنه استفاد من نحو 73 قانون حرية معلومات في الولايات المتحدة، كما طلب معلومات من البنتاغون الأمريكي ووزارة الخارجية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، حتى استطاع الحصول على هذه المعلومات.<BR>يذكر أن 5.7 بليون دولار على الأقل من أموال الحكومة الأمريكية ذهب إلى المقاولين الأمريكيين في العراق، مقابل مبلغ 2.7 بليون دولار في أفغانستان. <BR><BR>وأضاف المركز أنه اضطر إلى رفع دعوى ضد وزارة الخارجية والبنتاعون في واشنطن، بعد أن رفضتا تزويد الصحفيين التابعين للمركز بالمعلومات اللازمة حول هذا التقرير. <BR>وأكد التقرير أن كل من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية والبنتاجون حاولا إخفاء أكبر عقود منحوها لشركتي هاليبرتون وبيكتل في البداية عن الإعلام الأمريكي. <BR><BR>كما قال مركز آخر هو " سي آي بي": إن هذه السرية التي تغلف قضية عقود إعادة إعمار العراق وأفغانستان، تشير إلى وجود عقود أخرى ربما تكون سرية، أو غير معلن عنها.<BR>ويقول المحللون السياسيون في أمريكا: إن مثل هذه النتائج والمعلومات تعد محرجة للإدارة الأمريكية، وتوضح للعالم كيف أن السياسة الأمريكية في العراق ضارة للغاية.<BR><BR>بينما تقول جايل سميث (من مركز الرحلة الأمريكية المستقلة والمتخصصة بالشؤون الاقتصادية: إن كلاً المصالح العراقية و الأمريكية ستكون أفضل إذا ما أظهرت إدارة اعتمادات إعادة البناء عقودها وسياستها بشكل واضح للإعلام، ولم تستمر في خلق عملية منكمشة وسرية ومكتومة" .<BR>مضيفة أن " الفهم العام الآن هو أن المقاولين الأمريكيين الذين يتمتعون بعلاقات مع إدارة بوش هم الذين يستفيدون من عقود إعادة الإعمار أكثر من غيرهم". <BR><BR><BR><br>