مؤتمر ( الاسلام والغرب ) ينعقد بالخرطوم
24 شوال 1424

تحت شعار "تفاعل بلا ذوبان، وخصوصية بلا انكفاء"، وعلى مدى ثلاثة أيام خلال المدة من السبت 13-12-2003م، وحتى الاثنين 15-12-2003م، نظمت وزارة الإرشاد والأوقاف السودانية بالتعاون مع مركز الدراسات الاستراتيجية، بالعاصمة السودانية الخرطوم، مؤتمراً بهدف تقديم رؤية إسلامية واضحة للعلاقة مع الغرب .<BR>شارك في المؤتمر عدد كبير من العلماء والمفكرين والباحثين على رأسهم فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي، وفضيلة الشيخ سلمان فهد العودة، والدكتور عصام البشير (وزير الإرشاد والأوقاف السوداني)، والدكتور عبد الله معتوق المعتوق (وزير الأوقاف والشئون الإسلامية الكويتي).<BR>وأكد المؤتمرون على أن مقاومة الاحتلال جهاد مشروع، وأنه حق مقدس توجبه الشريعة الغراء، وتكفله المواثيق الدولية، وأن أكبر إرهاب هو إرهاب الدولة الذي تمارسه الدولة الصهيونية، وكذلك احتلال العراق وأفغانستان وكشمير، وغيرها من البلاد.<BR>وعرفوا "الإرهاب" بأنه ترويع الآمنين، وسفك دمائهم المعصومة شرعاً مما يدخل في مسمى الإفساد في الأرض، الأمر الذي قطع الإسلام بتحريمه، مؤكدين رفضهم لمشروع الهيمنة الغربي، داعين إلى تعزيز منهج الوسطية والاعتدال في ضوء مقاصد الشريعة. <BR>كما أكد المؤتمرون أن الإسلام بعقيدته وشريعته يعتمد الحوار وسيلة للبلاغ والتفاهم مع الآخر، ليتحقق التعايش والتفاهم وتبادل المنافع بين الناس، موضحين أن الحوار مع الغرب يستلزم الاعتراف المتبادل والمتكافئ، واحترام الخصوصية للأمة الإسلامية، ورفض التدخل في برامجها التعليمية والثقافية والسياسية. <BR>وطالبوا الغرب بالكف عن إلصاق التهم الزائفة بالإسلام ونبيه وشريعته، وتشويه صورته ومحاربته عن طريق الحصار والمقاطعة الاقتصادية والإرهاب الفكري والعملي. <BR>ودعا المؤتمرون الأمة الإسلامية إلى إحياء المصالحة الشاملة بين حكامها وشعوبها، بما يضمن الحريات والحقوق، واعتماد المنهج السلمي تمهيداً للإصلاح، وترتيب البيت من الداخل لتصبح الأمة قادرة على أداء رسالتها.<BR>وكان منظمو المؤتمر قد أوضحوا أن مؤتمر " الإسلام والغرب في عالم متغير" ليس مؤتمراً سياسياً لمناقشة القضايا السياسية وليس شكلاً من أشكال العمل السياسي، وإنما هو منبر لعلماء الأمة يهدف إلى الاتفاق حول قواسم مشتركة تتجاوز حدود الأقطار المختلفة.<BR>وكانت فعاليات المؤتمر قد بدأت بالجلسة الافتتاحية التي تحدث فيها كل من مدير مركز الدراسات الإستراتيجية بالسودان سيد محمد حسن الخطيب، والدكتور عصام البشير (وزير الأوقاف السوداني)، والدكتور عبد الله معتوق المعتوق، كما ألقى كلمة العلماء المشاركين الدكتور يوسف القرضاوي، واختتمت الجلسة بكلمة الرئيس السوداني الفريق عمر البشير.<BR>وكان الدكتور عصام البشير قد أوضح في افتتاح المؤتمر أن الهدف منه تقديم رؤية إسلامية للعلاقة مع الغرب، من خلال أصول الإسلام العقائدية وثوابته الشرعية، ومحكماته القطعية، وقيمه الخلقية، وحضارته الفتية، مفرقين بين ما هو قطعي ثابت وبين ما هو من مواضع النظر والاجتهاد.<BR><BR><BR>وقال البشير: إن الإشكالية الحقيقية في علاقة الإسلام بالغرب هي أن الغرب يريد أن يفرض علينا حضارته وثقافته لتكون حضارة وثقافة كونية تحت مسمى العولمة التي هي بهذا الشكل ضرب من ضروب القهر والإكراه .<BR>وأشار البشير إلى أن العالم الإسلامي ليس لديه مشكلة في التعامل مع الشعوب، وإنما تكمن المشكلة في أن آلة الإعلام الغربية الظالمة شوهت صورتنا أمام هذه الشعوب، وهو ما يلقي على علماء الإسلام مسؤولية بذل الجهود لتنقية هذه الصورة، موضحاً أن المسلمين يؤمنون بالتعددية الدينية والحضارية والفكرية والمذهبية، وأن السبيل للتواصل بين الناس هو التعارف والتشاور الذي يعطي لكل أمة الحق في تحديد خياراتها المناسبة لشعوبها مع ضمان حقوق الآخرين،<BR>وأكد القرضاوي في كلمته على أهمية الحوار حول علاقتنا كمسلمين مع الغرب بهدف إزالة الغبش والضبابية عن رؤية الإسلام للغرب، مشيراً إلى أن الغرب دخل مع المسلمين في حلقات من الصراع كان هو البادئ فيها بالعدوان فيما سمي بالحروب الصليبية وصولاً إلى احتلال الغالبية العظمى من بلاد المسلمين، وأن الشعوب المسلمة تمكنت من مواجهة هذا العدوان حتى استطاعت التحرر، إلا أن الغرب قبل أن يجلو عن بلادنا كان قد زرع بيننا شجرة ملعونة، هي إسرائيل، التي احتلت فلسطين وطردت أهلها ونهبت خيرها .<BR>وأضاف القرضاوي أن الغرب اتخذ منا موقفاً جديداً ممثلاً في القوة الكبرى (الولايات المتحدة) التي تتحدث باسم الغرب، والتي اتخذت من الإسلام عدواً بديلاً عن الاتحاد السوفييتي المنهار، وسموا الإسلام بالخطر الأخضر، بعد أن تخلصوا من الخطر الأحمر -السوفييت- وتقاربوا مع الخطر الأصفر -الصين- ناسين أن المسلمين كان لهم الفضل الأكبر في إسقاط عدوهم القديم السوفيت، نافياً أن يكون الإسلام خطراً على العباد، وإنما هو خطر على الظلم والاستعباد .<BR>وهاجم القرضاوي الحضارة الغربية الحالية، مشيراً إلى أنها ليست حضارة المسيح بن مريم، وإنما هي حضارة المسيح الدجال، وأنها استقت عورها من عوره، فهي حضارة عوراء تنظر بعين واحدة، هي العين المادية الحسية.<BR>ودعا الغرب إلى الوقوف مع الإسلام في وجه الإلحاد والإباحية، وإلى التسامح مع المسلمين المقيمين في بلادهم، كما يتسامح المسلمون مع أصحاب الديانات الأخرى في بلاد الإسلام، منتقداً الحكومة الفرنسية لمحاربتها الحجاب وسعيها لمنع المسلمات من الالتزام بفريضة الحجاب، في الوقت الذي تزعم فيه أنها من حماة الحريات الشخصية والدينية .<BR>وفي نهاية الجلسة ألقى الفريق عمر البشير (رئيس السودان) كلمة حيا فيها العلماء والمفكرين المشاركين في المؤتمر، ودعاهم لبذل الوسع في مناقشة القضايا الشائكة التي تواجهها الأمة؛ لكي يضربوا لأبناء الأمة طريقاً يبساً في وسط هذه البحور المتلاطمة".<BR>وأشار الرئيس السوداني إلى أن "ظاهرة إقبال الشباب على الإسلام والالتزام بتعاليمه توجب فتح أبواب الحوار العميق للمزاوجة بين الأصل ومواكبة العصر، لتتلاقى حماسة الشباب مع حكمة الشيوخ وعلمهم".<BR>وطرح الرئيس البشير عدة تساؤلات دعا العلماء المشاركين للإجابة عليها، قائلاً: "إن كان الغرب من موقع القوة يطرح رؤاه وأفكاره في كل المجالات ويحولها إلى مقررات واتفاقيات ملزمة، فماذا نحن قائلون إزاء كل ذلك؟ وكيف نحافظ على الثقافة الإسلامية ونكافح الظلم والإرهاب؟ وأين دورنا في بناء الحضارة؟ وإلى أين تتجه بنا العلاقة مع الغرب؟ ومن منا يستهدف الآخر؟ ماذا يقرؤون عنا وماذا نقرأ عنهم؟ ".<BR>وناقش المؤتمر في اليوم الأول عدد من الأوراق البحثية والدراسات التي قدمها العلماء والمفكرون المشاركون، وترأس الجلسة الأولى بعد الجلسة الافتتاحية الشيخ أحمد بن حمد الخليلي (مفتي سلطنة عمان) وكانت بعنوان (الإرهاب والسلم العالمي) وقد عرضت فيها ثلاث ورقات، تدور كلها حول الإرهاب ومفهومه وتعريفه، وعلاقته بالجهاد، من كل من الدكتور يوسف القرضاوي (في سبيل الوصول إلى تعريف عالمي للإرهاب)، والشيخ سلمان بن فهد العودة (الإرهاب- المفهوم والمعالجة)، والشيخ عبد الله بن بيه (الإرهاب والسلم العالمي)، وقام بالتعقيب عليها كل من الدكتور أحمد كمال أبو المجد، وفضيلة الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله آل محمود.<BR>وناقشت الجلسة المسائية التي ترأسها معالي الدكتور كامل الشريف، وكان عنوانها (الإسلام والديمقراطية وحقوق الإنسان) ورقتين : الأولى مقدمة من الدكتور محمد عمارة، بعنوان (قضية الديمقراطية في الفكر الإسلامي)، والثانية من الأستاذ منير شفيق بعنوان (الغرب والديمقراطية والعالم الإسلامي والآفاق المستقبلية)، وقد عقب على الورقتين كل من الأستاذ فهمي هويدي، والدكتور توفيق القصير.<BR>كما أقام الرئيس السوداني الفريق عمر البشير، مساء السبت 13-12-2003م، مأدبة عشاء في قصر الرئاسة، تكريماً للسادة العلماء والمفكرين ضيوف المؤتمر، حيث استقبلهم بحفاوة بالغة، وتخلل حفل العشاء بعض الأناشيد الدينية التي أنشدها بعض المنشدين الشباب.<BR>وفي اليوم الثاني واصل المشاركون في المؤتمر نشاطهم، حيث عقدت أربع جلسات متوالية، ففي الصباح عقدت جلسة عنوانها (الحقوق العالمية للإنسان – نظرة إسلامية)، ترأسها الدكتور أحمد كمال أبو المجد، وتحدث فيها كل من معالي الدكتور عبد الله عمر نصيف، و الشيخ أحمد بن حمد الخليلي، والأستاذ أبو جرة سلطاني، والأستاذ حافظ الشيخ الزاكي.<BR>وعقب هذه الجلسة عقدت جلسة ثانية عنوانها (التعاون الدولي والعولمة)، نوقشت فيها ثلاث ورقات، اثنتين منها بعنوان (العولمة مشاركة أم استغلال) لكل من الدكتور حامد الرفاعي، والأستاذ منتصر الزيات، والثالثة بعنوان (العولمة والخصوصيات الثقافية) من الدكتور عدنان السيد حسين، وعقب على تلك الأوراق كل من الدكتور محمد السماك والأستاذ عبد الغفار عزيز من باكستان .<BR>وبعد الظهر عقدت الجلسة الثالثة وترأسها الدكتور صالح الوهيبي (أمين الندوة العالمية للشباب الإسلامي)، ونوقش فيها ورقتان : الأولى مقدمة من الدكتور غازي صلاح الدين بعنوان (الإسلام والتحديث)، والثانية مقدمة من المستشار طارق البشري بعنوان (مؤسسات الدولة في النظم الإسلامية والغربية) .<BR>وعقدت الجلسة الرابعة في الفترة المسائية، ونوقشت فيها 3 ورقات، الأولى مقدمة من الدكتور عصام البشير بعنوان (أوضاع غير المسلمين في الدول الإسلامية)، والثانية مقدمة من الدكتور عبد المجيد النجار بعنوان ( فقه الأقليات المسلمة)، والثالثة مقدمة من الدكتور أحمد الرواي بعنوان (المسلمون في أوروبا)، وقام بالتعقيب على تلك الأوراق الدكتور الطيب زين العابدين .<BR>من كلمات المؤتمر <BR>* الغرب قبل أن يجلو عن بلادنا زرع بيننا شجرة ملعونة، هي إسرائيل، التي احتلت فلسطين وطردت أهلها ونهبت خيرها.<BR>* على الأمة الإسلامية أن تحيي المصالحة الشاملة بين حكامها وشعوبها، بما يضمن الحريات والحقوق، واعتماد المنهج السلمي تمهيداً للإصلاح، وترتيب البيت من الداخل.<BR>* مقاومة الاحتلال جهاد مشروع وحق مقدس توجبه الشريعة الغراء وتكفله المواثيق الدولية.<BR>* الحوار مع الغرب يستلزم الاعتراف المتبادل والمتكافئ، واحترام خصوصية الأمة الإسلامية، وعدم التدخل في برامجها التعليمية والثقافية والسياسية.<BR>* الغرب مطالب بالكف عن إلصاق التهم الزائفة بالإسلام ونبيه وشريعته، وتشويه صورته ومحاربته عن طريق الحصار والمقاطعة الاقتصادية والإرهاب الفكري والعملي.<BR>* الإشكالية الحقيقية في علاقة الإسلام بالغرب هي أن الغرب يريد أن يفرض علينا حضارته وثقافته لتكون حضارة وثقافة كونية تحت مسمى العولمة التي هي بهذا الشكل ضرب من ضروب القهر والإكراه.<BR>* الغرب دخل مع المسلمين في حلقات من الصراع كان هو البادئ فيها بالعدوان، بدءاً بما سمي بالحروب الصليبية ووصولاً إلى احتلال الغالبية العظمى من بلاد المسلمين.<BR>* الحضارة الغربية الحالية ليست حضارة المسيح بن مريم، وإنما هي حضارة المسيح الدجال، استقت عورها من عوره، فهي حضارة عوراء تنظر بعين واحدة، هي العين المادية الحسية.<BR><BR> <BR><br>