صقور المحافظين في المؤسسات الدولية!
6 ربيع الأول 1426

اتخذ (الرئيس الأميركي) جورج بوش خلال شهر مارس الماضي قرارين أفصحا عن توجه أميركي جديد تجاه منظمة الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية الرئيسة بشكل عام. القرار الأول كان ترشيح جون بولتون (نائب وزير الخارجية لشؤون الرقابة على التسلح النووي والأمن الدولي) لشغل منصب المندوب الدائم للولايات المتحدة لدى المنظمة الدولية، والقرار الثاني كان ترشيح بول وولفيتز (النائب الأول لوزير الدفاع)، لرئاسة البنك الدولي، وقد عرف الاثنان بانتمائهما لتيار المحافظين الجدد الذي بدأ في التسلل إلى مراكز دوائر القرار الأميركية مع حقبة الرئاسة الريغانية في ثمانينات القرن الماضي، ولعل بولتون ووولفيتز من أبرز غلاة صقور هذا التيار في الإدارة الأميركية الحالية، إذ عرف الأول بعدائه السافر للمؤسسات الدولية بما فيها منظمة الأمم المتحدة، واحتقاره للقانون الدولي، وإيمانه بسيادة الولايات المتحدة على العالم، أما الثاني فقد عرف بدوره الجهنمي في التخطيط لاحتلال العراق والتحريض على احتلال المزيد من الدول العربية والإسلامية بعد ذلك. وولفيتز يلتقي مع زميله بولتون بالتنظير لسيادة الولايات المتحدة على العالم أيضاً.<BR><BR><font color="#0000FF">من هو جون بولتون؟ </font><BR>- اختير نائباً لـ(وزير الخارجية الأميركي السابق) كولن باول لشؤون الرقابة على التسلح النووي والأمن الدولي في الإدارة الأولى للرئيس جورج بوش، وتولى منصبه رغم اعتراض باول عليه، وهو يتسم بتوجهات أحادية وينفر من مشاركة الآخرين له في اتخاذ القرار، وفور توليه منصبه، وصفه باول بـ "المولع بالحرائق الذي يشرف على معمل للمفرقعات!".<BR>- عمل مستشاراً لـ(الرئيس الجمهوري الأسبق) رونالد ريغان في حقبة الثمانينات، إلى جانب عمله كمستشار لمؤسسة "هيرتاج". تبنى ورفاق له في تيار المحافظين الجدد أفكار ريغان ورئيسة الوزراء البريطانية المحافظة مارغريت ثاتشر، وقاموا بتطويرها لمصالحهم، ثم تضامنوا مع اللوبي الصهيوني ولوبي صناعة الدواء ولوبي النفط.<BR>- عمل مساعداً لـ(نائب الرئيس) ديك تشيني بين عامي 1991 و1992م، عندما كان تشيني وزيراً للدفاع إبان رئاسة بوش الأب، ولعب إلى جانب تشيني دوراً بارزاً في الحرب على العراق خلال حرب الخليج الثانية في عام 1991م.<BR>- يعارض وجود الولايات المتحدة داخل المنظمات الدولية متعددة الأطراف وبالأخص منظمة الأمم المتحدة.<BR>- أظهر مواقف متطرفة أثناء التفاوض حول الرقابة على الأسلحة النووية مع الروس، وعمل على بسط نفوذه داخل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، سعياً وراء تغاضي المنظمة عن بعض نتائج التفتيش في الولايات المتحدة وتعيين ممثلين أميركيين في بعض مراكزها الحساسة لكي تتمتع بلاده بنفوذ أكبر فيها.<BR>- لم يهندس للحرب على العراق، إنما كان من أبرز مؤيديها، ووصف عملية الإطاحة بالرئيس صدام حسين ونظامه بعملية "محو آثار النازية التي قام بها الحلفاء في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية".<BR>- أعرب عن مخاوفه أكثر من مرة من امتلاك إيران للأسلحة البيولوجية "وانتهاكها لمعاهدة الأسلحة البيولوجية لعام 1972م"، كما وألمح إلى كل من "ليبيا وسوريا"، ورفض بروتوكولاً يهدف إلى عملية الكشف عن مدى التزام الدول الموقعة على المعاهدة، بذريعة أنه لن يفعل شيئاً لمنع الدول التي تطور هذه الأسلحة، وبسببه تعرضت الولايات المتحدة للكثير من الانتقادات في هذا الشأن.<BR>- شارك في مفاوضة كوريا الشمالية لثنيها عن طموحها النووية، ورفض توقيع معاهدة معها تتعهد الولايات المتحدة بموجبها بعدم غزوها.<BR>- أيد مراراً وتكرارا دعم الولايات المتحدة اللا محدود لإسرائيل، ودعم التعاون الكامل فيما بين البلدين، كما وشجع بلاده على تمويل مشاريع الأبحاث والتطوير في إسرائيل.<BR>- من أشد الداعين للحرب على سوريا وليبيا وكوبا بعد احتلال العراق.<BR><BR><font color="#0000FF">من هو بول وولفيتز؟ </font><BR>(نائب وزير الدفاع المرشح لخلافة ولفنسون في رئاسة البنك الدولي)، هو أكاديمي سابق تدرج في صفوف وزارتي الخارجية والدفاع الأميركيتين في عهد رونالد ريغان حتى صار أبرز مهندسي حرب الخليج الثانية عام 1991م. عمل سفيراً للولايات المتحدة في أندونيسيا، ثم مستشاراً استراتيجياً في قضايا السياسة الخارجية لرونالد رامسفيلد في عام 1996م.<BR>- يتزعم مجموعة من المحافظين الجدد الذين برز نشاطهم في أواخر سبعينات القرن الماضي يؤمنون بأن السبيل لحماية أمن الولايات المتحدة يتأتى عن طريق بناء درع الدفاع الصاروخي وبزيادة الإنفاق العسكري، ويرون "أن الهجوم خير وسيلة للدفاع".<BR>- أحد مؤسسي مشروع أميركي يقوم على التفوق العسكري وإدارة المواجهة من جانب واحد "حتى لو اقتضى الأمر مواجهة أي قوة إقليمية أو عالمية".<BR>- أحد مهندسي غزو واحتلال العراق خدمة لإسرائيل، وأحد الداعين لاستغلال شيعة العراق من أجل تحقيق الغاية الأميركية الإسرائيلية المشتركة، وكان من أبرز مؤيدي حرب فيتنام.<BR>- أحد الموقعين على رسالة حضت (الرئيس الأميركي السابق) بيل كلينتون في التسعينات على التخلص من (الرئيس العراقي) صدام حسين ونظامه، وصاحب الرسالة الشهيرة التي دعت الرئيس جورج بوش الابن إلى "سحق الإرهاب"، وهو أيضاً صاحب مقولة "أزيلو صدام حسين حتى لو لم تتوافر أدلة تربط العراق مباشرة بأحداث 11 سبتمبر 2001م وبأسامة بن لادن".<BR>- حاول مراراً إقناع تركيا بمساندة الولايات المتحدة في حربها على العراق من خلال وعدها بجني "الإنجازات الاقتصادية والسياسية الكبيرة التي ستقطفها بعد سقوط النظام البعثي بقيادة صدام حسين" والعمل على إدخالها الاتحاد الأوروبي وحل القضية القبرصية. <BR>- هو واضع "الرسم الهندسي" للحملة الشعواء ضد سوريا ولبنان التي تقودها الولايات المتحدة الآن خدمة للمشروع الإمبريالي الصهيوني في الوطن العربي.<BR>ترشيح جون بولتون وبول وولفيتز لمنصبيهما الجديدين أثار جدلاً ولغطاً دوليين حادين، وكثير من دول العالم بمن فيها دول الاتحاد الأوروبي اعترضت عليهما. إلا أن جميع الدول عادت وتراجعت عن اعتراضاتها بالإقناع "وربما بالإكراه"، من المفترض أن يواجه كل من بولتون وولفيتز الكونغرس الأميركي للتصديق على ترشيحه قبل ممارسة مهام منصبه، وهو أمر لن يكون صعب المنال لكليهما.<BR><br>